حوارات وتحقيقات
التمباك… الحرب تعكر مزاج المتعاطين في السودان
كسلا- الساقية برس:
أولويات كثيرة تطغى على هموم السودانيين في ظرف الحرب، تتقدمها احتياجات الغذاء والمأوى والعلاج وقبلها الأمن، إلا أن شريحة عريضة من السودانيين يشكل لهم تأمين لفافة من تبغ التمباك أولوية قصوى، نسبة لتأثير التمباك على الدماغ والأعصاب، باحتوائه على مواد مخدرة تعمل على تحفيز الشعور بالانتشاء. كما أن المتعاطين يحظون بنوع من التسامح داخل أسرهم وفي المجتمع.
ورغم حملات التوعية بالمخاطر الصحية للتمباك ظلت تجارته مزدهرة في السودان،
إلا أن الحرب عكرت مزاج المتعاطين وتداخلت في استقرار إمدادات التمباك من وديان دارفور حيث يزرع في مناطق عديدة منها في شمال دارفور طويلة والملم وشقرة.
تقاطعات الحرب وسيطرة مليشيا الدعم السريع على معظم إقليم دارفور قطع الطريق على إمدادات التمباك ضمن سلع أخرى، ليترفع سعر التمباك ويصل سعر لفافة صغيرة بوزن أربعين جراما إلى مبلغ ألف جنيه، في ولايات الوسط وشرق السودان.
إلا أن أعداد المترددين على دكاكين بيع التمباك ثابت لا ينقص بحسب ما أفاد (الساقية برس) التاجر بكسلا آدم حامد، وهو يبتسم قائلا “لا لن ينقص عدد الزبائن لا يستطيعون التخلي عنه”.
ويفيد ذات التاجر أن شح الوارد هو المشكلة ويضيف أن شقيقه سافر إلى منطقة المثلث قرب مليط. ومكث ثلاثة أسابيع دون أن يتحصل على معروض من التمباك.
ويقول التاجر محمد سليمان، للساقية برس إن المشكلة الأولى تكمن فى الطريق إذ قامت قوات الدعم السريع بإصدار قرارات بمنع تصدير التمباك وسلع أخرى الآن تصادر الشحنات ويغرم أصحابها، كما أن الزراعة حول الفاشر تأثرت بالحرب والوضع الأمني الذي صاحبه انعدام في العمال، إضافة إلى عدم توفر النقد اللازم لمقابلة مصروفات العمال الذين لا يتوفرون على خدمة تحويل مصرفي إلكتروني.
وأصبح التداول في البضائع بديلاً عن النقد هو الحل إلا أنه حل مكلف إذ يضطر العامل لقضاء بضعة أيام لبيع بضاعته واستلام مردوده نقدا، وهى طريقة غير مرحب بها عند العامل.
تمر نبتة التمباك بعدة مراحل تبدأ بحصاد المحصول ثم يعرض للتجفيف تحت أشعة الشمس ثم يجمع ويبعثر مرة أخرى تحت الشمس ومن ثم تفرز الأوراق من الأفرع التي تسمى فاندي وتمثل الأوراق والأفرع معا خام التمباك إلا أن الافرع أعلى تركيزا من الأوراق، ومن بعد ذلك تأتي عملية الطحن في الطواحين والتي تعطلت هى الأخرى بفعل الحرب حيث أصبح سوق الطواحين هدفا للقذائف، وأصبح المقصد للتجار هو طواحين التمباك بسوق مدينة الدبة بأسعار عالية وجودة أقل.
تكلفة زراعة وتحضير التمباك مرتفعة للغاية يقول محمد سليمان للساقية برس، لأن كل المراحل تحتاج إلى العمالة ما عدا الحرث الذي تقوم به الآليات أو الحصين.
ويضيف أن مساحة خمسة مخمسات بحاجة إلى ثلاثمائة عامل لكل المراحل بواقع أجور تتراوح ما بين ثلاثمائة إلى خمسمائة ألف جنيه ليوم العمل الواحد.
وتتراوح عمليات الزراعة وحتى الحصاد ما بين أربعة إلى خمسة أشهر.
ويقول سليمان الذي تملك عائلته مزارع تمباك في شمال دارفور أن التضييق على وارد التمباك بدأ بفرض الدعم السريع رسوما متعددة في الطريق والتي بدأت بطريقة منظمة إلا أن ذلك لم يستمر حتى قاموا بإغلاق الطريق، حيث تمكنت قبل ذلك بالعبور بشاحنة كانت تكلفتها سبعة ملايين.
ويكشف سليمان عن أن بعض التجار لجأوا إلى إستيراد التمباك الذي صدروه إلى مصر مرة أخرى إلى السودان.
ولفت إلى السلعة كانت تصدر إلى ليبيا والسعودية والإمارات ومنها إلى أمريكا.
ويزيد أن سعر القنطار في الدبة بلغ مليون ونصف المليون جنية. ويرجح سليمان أن تكفي الكميات المخزنة في دارفور وولايات أخرى حاجة السوق خاصة وأن التمباك لا تناله عوامل التلف إذا كانت عملية تخزينه بعيدة من الماء والرطوبة. وأشار إلى تسرب شحنات صغيرة من المالحة رغم قرار الحظر. بموجب دفعيات مالية لقوات الدعم السريع مدعومة بالعلاقات.