علوم وتكنولوجيا

طلاب السودان بالداخل والخارج.. الأزمة ومقترحات الحلول

د. محمد آدم:

منذ اندلاع الحرب في السودان في أبريل 2023، لا يزال عشرات الآلاف أو أكثر من الطلاب واولياء الامور في هم وغم لا يعلم مداه إلا الله سبحانه وتعالى، ومنهم عدد كبير من الأجانب من مختلف دول العالم الذين كانوا قد اختاروا السودان وجهة تعليمية. تتمثل معاناتهم في الحصول على المستندات من جامعتهم فضلا عن صعوبة توثيق الشهادات ابتداء من وزارة التعليم العالي والخارجية وسفارات وقنصليات السودان في الخارج، وكل جهة لو لم توثق لن توثق الجهة التي تليها، ناهيك عن وزارات الخارجية والبعثات الدبلوماسية والقنصلية في الدول التي يتواجد فيها الطالب.

وفي أحيان كثيرة، معظم الوثائق التي يتحصل عليها الطالب إما ناقصة أو غير أصلية مرسلة بالبريد الإلكتروني هذا بالنسبة للمحظوظين الذين تحصلوا عليها بشق الأنفس، ومن المفارقات المبكيات أن وزارة التعليم العالي في السودان لا تقبل أن توثق إلا الشهادات الأصلية، فكأننا لسنا في حالة حرب مع ظروفها الاستثنائية. فيا ترى من أين يأتي الطالب بالوثائق الأصلية في ظل عجز كثير من الجامعات السودانية عن تسليم المستندات الأصلية لطلابها ناهيك عن إيجاد بديل لهم إما بالانتقال إلى جامعة أخرى داخل وخارج السودان أو توفير الدراسة عبر المنصة الرقمية؟

وهناك، فئة أخرى من الطلاب والطالبات السودانيين والأجانب لا يزالون منتظرين على الرصيف حيارى تائهين، إما أنهم لم يجدوا الوثائق من جامعاتهم أصلا أو لم يتمكنوا لسبب أو لآخر من التسجيل في أي جامعة، ومنهم من هجر التعليم نهائيا في انتظار مصيره المجهول ومنهم من سجل اسمه في نقابة العاطلين ومنهم من لجأ للعمل في أي مهنة هامشية ممكنة ليوفر لقمة العيش ومنهم من ضاع مستقبله لأنه لا حول له ولا قوة ماديا أو حال بينه والتعليم حائل ما فاستفحل في نفوسهم التذمر واليأس.

وثمة فئة قليلة من الطلاب محظوظة، وجدوا جامعة بديلة بجهود جامعتهم للقادرين على دفع مبالغ طائلة بالدولار الأمريكي أو بجهودهم الخاصة أو وفرت لهم جامعتهم التعليم عن بعد ولكن كثير منهم ضيعوا سنة أو أكثر من عامهم الأكاديمي.

وأمام هذا الوضع المذري، لا يدري الطلاب وأولياء أمورهم إلى من يشتكون بعد خالقهم، هل إلى الجامعات التي كشف الحرب سوء إدارتها وتخبطها وتخلفها في أرشفة وتوثيق المستندات وعجزها عن إيجاد بدائل وحلول مبتكرة وعقد اتفاقيات وشراكات مع جامعات أجنبية ومحلية، أم إلى وزارة التعليم العالي والحكومة السودانية التي ربما لم تبذل الجهد الكافي في حلحلة مشكلات الطلاب وتيسير مختلف اجراءاتهم وإيجاد معالجات استثنائية تراعي ظروف الحرب الاستثنائية سواء في تواصلها مع الجامعات السودانية أو مع الدول الشقيقة والصديقة؟

وفي هذا الإطار، لا نحمل الجامعات فوق طاقتها فبعض منها عانى من ظروف الحرب أكثر من غيرها ولا تملك الموارد المالية الكافية او القدرات الإدارية والتنظيمية اللازمة، الأمر الذي يحتاج أن تشارك كذلك حكومة السودان في حل مشكلات الطلاب وإيجاد البدائل لهم ومساعدة الجامعات في إيجاد الحلول المناسبة لطلابها.

ولمواجهة هذه المعضلات ورغبة في المساهمة في ايجاد البدائل للطلاب العالقين، أود ان أقدم بعض المقترحات العملية إلى من يهمه الأمر:

– تشكيل لجنة طوارئ من قبل الحكومة السودانية تضم مختلف الوزارات والهيئات ذات الصلة بالتعليم تدرس كافة إشكاليات الطلاب والطالبات العالقين من كل الجامعات السودانية التي عجزت عن تقديم الحلول وايجاد البدائل وتوفير الوثائق الأصلية المعتمدة.

– فتح سجل رقمي موحد لحصر كافة الطلاب السودانيين والأجانب العالقين واستقبال طلباتهم وشكواهم.

– مناشدة من طرف حكومة السودان ببيانات ورسائل إلى مجموعة من حكومات دول العالم لفتح أبواب معاهدها وجامعاتها بشكل عاجل واستثنائي لقبول الطلاب السودانيين والأجانب الدراسين في السودان في السنة الأولى للطلاب الجدد وتحويل الطلاب إلى نفس السنة الدراسية التي كانوا عليها في السودان وبشروط ميسرة وتقديم منح دراسية أو رسوم مخفضة وسكن مجاني او شبه مجاني في الأحياء الجامعية فضلا عن إلغاء تأشيرات الدخول أو منح التأشيرات عند الوصول.

– تسهيل الحصول على الجواز الإلكتروني لكل الطلاب السودانيين وكافة الأوراق الثبوتية وبدون رسوم.

– توفير التوثيق الإلكتروني الموحد عبر منصة رقمية واحدة تحت إشراف وزارة الخارجية السودانية لتوثيق شهادات ومستندات الطلاب السودانيين غير الموثقة، على شكل اختام وتوقيعات إلكترونية لوزارة التعليم العالي ولوزارة الخارجية ولمختلف سفارات السودان ومناشدة الدول الصديقة لقبول هذا التوثيق الإلكتروني مؤقتا إلى حين استقرار الأوضاع في السودان.

– طلب من المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية تقديم منح وتسهيلات للطلاب الدارسين في السودان.

– إنشاء صندوق لدعم الطلاب العالقين لتغطية تكاليف تسجيلهم ودراستهم واعاشتهم، ويفتح حساب بنكي داخل وخارج السودان وتديره لجنة خاصة وبمساهمة طوعية من رجال الأعمال السودانيين والمحسنين والمنظمات الخيرية من داخل وخارج السودان الراغبين في المشاركة مع حشد الموارد لهذا الصندوق.

– ارسال وفد برئاسة وزير التعليم العالي السوداني الى بعض الدول الصديقة في افريقيا وأوروبا وآسيا والعالم العربي لمناشدتهم لتسهيل قبول الطلاب السودانيين وتوقيع مذكرات تفاهم توفر فرص التسجيل والتحويل إلى الجامعات الأجنبية بطرق وإجراءات ميسرة.

– تعيين من قبل حكومة السودان لسفير متجول من الشخصيات السودانية الدولية التي لها قبول كبير من أجل التواصل مع الدول ومختلف الجهات المعنية للمناشدة بقبول الطلاب في الجامعات الأجنبية وحلحلة مختلف مشاكلهم ذات الصلة بالتعليم والتدريب والمعادلة والإقامة والعمل.

– مناشدة الجامعات داخل وخارج السودان التي لها تعليم عن بعد لقبول الطلاب القادرين على الدراسة عن بعد، كل في سنته الدراسية التي كان عليها في السودان قبل الحرب وذلك بشروط سهلة وبما توفر من وثائق شريطة أن يتعهد الطالب بتوفير الإثباتات اللازمة وتوثيق الشهادات بعد أن تضع الحرب اوزارها.

– توجيه سفارات وقنصليات السودان للتواصل مع الجهات ذات الاختصاص في بلد الاعتماد لتسهيل قبول الطلاب وتوفير كافة المعلومات للطلاب عبر المواقع الإلكترونية وحضوريا للمقيمين في نطاقها الجغرافي وتقديم الارشادات والنصائح عبر الملحقيات الثقافية.

– مناشدة رجال الأعمال السودانيين والمشاهير الدوليين في عالم الرياضة والفن لتقديم يد العون لطلاب السودان على شكل SOS طلاب السودان العالقين.

– إنشاء منصة رقمية مجانية لكل تخصص يقدم فيها أساتذة عرب وأجانب كمتطوعين محاضرات عن بعد وعبر الفيديو وتقدم على إثرها شهادة للملتحقين.

– فتح حساب فيس بوك للطلاب السودانيين العالقين لتبادل الأفكار ومشاركة التجارب واستقبال الشكاوي وتوفير المعلومات الموثوقة عن فرص التسجيل والتحويل الى الجامعات في بعض دول العالم وحشد الدعم لتسهيل امور الطلاب.

– إنشاء قروب واتس آب للطلاب السودانيين الذين وجدوا حلولا وتحولوا إلى جامعات اخرى داخل وخارج السودان لتقديم تجاربهم وتوفير المعلومات والارشادات والنصائح للطلاب العالقين.

– انشاء لجنة مشتركة من كل الجامعات السودانية لعقد اجتماعات عن بعد بشكل دوري لتنسيق الجهود ومشاركة افضل الممارسات لحلحلة مشاكل الطلاب وتوفير البدائل لهم داخل وخارج السودان.

– توجيه مناشدة للمستشفيات الحكومية والخاصة والمؤسسات والشركات في الدول الصديقة لاستقبال طلبات تدريب الطلاب السودانيين الذين في مراحلهم الدراسية الأخيرة وخاصة الذين يرغبون في ذلك او لم يجدوا جامعة بديلة حتى الآن وفتح منصة رقمية لاستقبال طلبات التدريب.

– مناشدة معاهد اللغة الإنجليزية والفرنسية والصينية والتركية لتقديم القبول المجاني او شبه المجاني للطلاب السودانيين الراغبين في تقوية إحدى اللغات الاجنبية.

– عقد مؤتمر دولي افتراضي عاجل للتصدي للوضع التعليمي الحرج للطلاب السودانيين يدعى اليه ممثلي الحكومات والمنظمات والهيئات الدولية ذات الصلة بالتعليم والتدريب والبحث العلمي واتحادات الطلاب السودانيين والاجانب.

– تعيين بعض الشخصيات السودانية المشهورة من المغتربين لأخذ المبادرات لتنفيذ بعض الأفكار المشار اليها.

 

– دعوة الكوادر السودانية من المغتربين لتقديم يد العون للطلاب السودانيين العالقين وتسهيل التحاقهم بالجامعات في البلاد التي يقيمون فيها. ومناشدة كافة الأساتذة الجامعيين السودانيين في الخارج للمساهمة في هذه الحملة بأي شكل من الأشكال.

– حث كل الناشطين والمؤثرين السودانيين لتوجيه نداء عاجل لدعم الطلاب العالقين عبر وسائل التواصل الاجتماعي وخلال اي لايف يسجلونها.

– إنشاء هاشتاج دعم طلاب السودان العالقين في وسائل التواصل الاجتماعي.

– تكوين اتحاد او اتحادات للطلاب السودانيين العالقين لحشد الدعم والتواصل مع الدول والجامعات لإيجاد البدائل.

– التفكير في حلول استثنائية لمرحلة الحرب وما بعد الحرب للطلاب الذين يصعب إيجاد بدائل لهم في الوقت الراهن لظروف أمنية او موضوعية او لتواجدهم في مراكز اللجوء أو الحرب يحول دون التحاقهم بمؤسسة تعليمية داخل او خارج السودان، كتقديم دورات مكثفة وحوافز مالية او منح دراسية او اعفاء من سنة دراسية كاملة بعد اختبار او فرص توظيف وغير ذلك من الحوافز.

وأخيرا بالصبر والتأني والتفكير الهادئ البعيد عن العواطف والانفعال والشكوى والتذمر والنقد سنجد ان شاء الله الحلول والبدائل التي تضمن التعليم للجميع.

نحتاج الى التضامن والتكاتف وتبادل الافكار والمعلومات.

هذه مقترحات مبعثرة ناتجة عن عصف ذهني سريع تحتاج ان يشارك الجميع في تطويرها وتصويبها وجهات عدة للتنفيذ في الجزء الذي يخصها.

ونسأل الله الفرج للجميع وان يحفظ الله البلاد والعباد ويعم الأمن والسلام كافة أرجاء السودان.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق