مقالات

ما بعد اتفاق جوبا للسلام..

علي عسكوري:

في إشارة ذكية وبالغة الأهمية نبهنا الأستاذ الكاتب محمد وادعة في مقال ضاف بتاريخ ٨ سبتمبر بأن اتفاق جوبا للسلام قد انتهى اجله حسب الفترة المنصوص عليها.

بالعودة لنص الاتفاق وجدت أن الفقرة 2.1 تنص على الآتي:

The Parties agree to a thirty-nine (39) month transitional period that enters into force upon the date of signing the peace agreement.

أي أن الأطراف اتفقت على أن مدة الفترة الانتقالية (٣٩) شهرا، تبدأ بتاريخ التوقيع على الاتفاق.
نعلم أن الاتفاق وقع في ٣ اكتوبر ٢٠٢٠م، وعليه فأن الفترة الانتقالية حسب نص الاتفاق انتهت في ٣ يناير ٢٠٢٤. عليه تصبح أي ترتيبات دستورية مبنية على الاتفاق بعد ذلك التاريخ غير دستورية وباطلة ويتوجب على الدولة وأجهزتها تصحيحها.

رغم حسن النوايا التي وقع بها الاتفاق إلا أن تنفيذه لم يحرز شيئا ذا قيمة غير بعض المواقع الدستورية لقادة عدد من الحركات الموقعه عليه، فيما عدا ذلك وفيما يتعلق بتحقيق السلام في دارفور فالمحصلة تكاد تكون صفرا إذ لم يتبق من دارفور تحت سلطة الدولة الا الفاشر! ولذلك فالحديث عن سلام دارفور يصبح أمرا لا طائل منه.

تجدر الإشارة إلى أن الانجاز الوحيد الذي حققه الاتفاق كان في إقليم النيل الأزرق ويعود ذلك لحكمة وفطنة القائد مالك عقار الذي مضى بسرعة لتنفيذ الاتفاق وتأسيس هياكل الحكم التي اتفق عليها وأكمل دمج قواته في القوات المسلحة وهكذا خرجت النيل الأزرق من الحرب وانتقلت إلى مربع السلام، رغم محاولات جماعة عبدالعزيز الحلو افتعال بعض القلاقل كل مرة.

بنهاية مدة الاتفاق، يعود للمسرح السياسي اتزانه وتتلاحق الكتوف بين القوى السياسية خاصة وأن الاتفاق تسبب في صراع حول السلطة بين أطرافه وبين جماعة قحت، وعملت قحت بكل ما تملك لتعطيل تنفيذه وقد رأت أن الاتفاق أضعف قبضتها على السلطة وهي لا ترغب في اقتسام السلطة مع أحد.

لكننا لسنا بسبب تناول الخلاف بين قحت وبين حركات دارفور فهذا أمر قديم وفيه تفاصيل كثيرة.
وعلى كل، الآن أصبح كل ذلك من الماضي بعد أن خلطت الحرب كل الأوراق وانتهت مدة الاتفاق.

ما يمكن ملاحظته هنا هو صمت أطراف الاتفاق سواء أجهزة الدولة أو الحركات على انتهاء أجله.

تعلم الأطراف أن الاتفاق لا يشمل نصا يوضح كيفية تجديده أو تمديد أجله ولذلك ليس بوسعها تجديده ولا مناص من البحث عن ترتيبات جديدة.

أما بخصوص المسارات الثلاثة (الوسط، الشمال، الشرق) فلم يتم تنفيذ شيء، لا في السلطة ولا في الثروة.
تفتح نهاية الاتفاق افقا جديدا لكل القوى السياسية لتجلس إلى بعضها البعض للوصول لأي ترتيبات سياسية جديدة للحكم تشمل كل السودان بعد أن أصبح الجميع ضحايا للمليشيا.

إن الفرصة الآن مواتية للبناء على بعض نصوص الاتفاق وتعميمها لتشمل كل أقاليم السودان وانجاز تسوية تاريخية تحقق الاستقرار في بلادنا ومن الضروري الإقبال على ذلك بروح جديدة.

هذه الأرض لنا
نشر بصحيفة أصداء ١١ سبتمبر ٢٠٢٤

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق