مقالات

مابين البروف “فرج الله” والعالم “امبيدوكليس” حكاية مأساة وانتحار “إنسانية”

عٕرق في السياسة

الطريفي أبونبأ:

ونكتب بقايا من سلسلة أهل التصوف والزهد وامتداد لعلماء وحكماء بلادي من زمن فرح ودتكتوك الذي نزع مااعتاد علية من زهد متباهيا ببساطته في قصه مشهورة ظلت معني للزهد وحكايه تردد وهو يقول (ياكمي أكل قبل فمي ) والدلالة المعنوية في المثل حياة عاشها البروف صلاح فرج الله الذي اقتصد حتى في ملبسه ومأكله وهو يقدم نموذج (الإنسان السوداني) بتفاصيله السمراء وتجاعيد شعره والملامح القاسية ليضع نفسه سفيراً لوطن يحتفي به طلابه ومتلقى علمه وفلسفته في كل الأمكنة.

أذكر وقبل أكثر من عقد والاحتفائية كانت منتدى عربي تجمع فيه علماء الأدب والثقافة وشباب مستقبل استقبلتهم في ذاك الزمان وزارة الشباب والرياضة الاتحادية وحضور البروف المدعو كان باكراً قبل المسؤولين وحتى أهل الشأن في الوزارة كان يجلس في كرسي قاصي وبعيد يراقب ولا يلحظه أي أحد ولم ننتبه له كنا مشغولين مترقبين لشخصيات عربية ذات وزن أتت لتقديم فواصل ثقافية وتداعيات معرفية، لم يكن آخر المدعويين للمنصة ولكن حضوره جعل قاعة التراث الشعبي التابعة لوزارة الثقافة تضج بالتصفيق وهو ينشر معرفة وثقافة وطن لولا هذا النوبي لما كانت تحدث عن الشعر الجاهلي فحضر المتنبي وأبونواس والفطاحلة من علماء الشعر طاف على الثقافة العربية تصويرا جعلنا في تلك الحقب حتي نحن بسودانيتنا ومانحمله من ثقافة معتبرين بأننا مستنيرين عندما سمعنا حديثة عن الثقافة السودانية تخيل إلينا وكأننا نسمع الحديث لأول مرة.
البروف صلاح الذي يعاني المرض والنزوح وغربة الأهل وظلم أهل الحظوة من حكامنا أفجعنا خبر تواجده في دار للمسنين وتنقله بثقل الهموم وإحساس الإهمال في ربوع كسلا حتى ظننا أن الإنسانية (هجرتنا) وأدارت وجهها عنا.

قبل أيام ارسل لي الزميل الإعلامي مبارك بشير صورة للبروف تجمعه بالزملاء محمد سيف وزاهر منصور في زيارة لم يحدثني عن حال البروف وكأنه أراد أن يختبر إنسانيتنا وإحساسنا في رؤية ماخفي منا من ألم ورسالة مبارك وصورة البروف هي رسالة للدولة ولانسانيتنا ولضمير ارتفع با (الأنا ) متجاهلا كل جميل كان بنا سعادة متخفيا في جنبات النزوح وحيداً مع الم يبكي تقصيرنا علي من هم أهل للعلم والمعرفة.
ما أعجبني رغم كل الألم هو حالة الحراك التي أجلت المعاناة لكثير ممن يهتمون بالثقافة وأحوال المثقفين مثل الزميل محمد السر الذي ارتعش غضبا لمصير ركيزة وبنيان المعرفة الإنسانية بروف صلاح مجتهداً في الأسافير عسى أن يجد من ينصف عالماً تمردت عليه الحياة وانتبذ وهو قائماً بيننا.
البروف صلاح عالم بدأ في إعادة ترتيب ثقافتنا وتهذيب سلوكنا المجتمعي وهو ينشر فلسفته ويصيغ تراجمة الحياتية لطلابة قبل أن ينتهي بتقديم تجربة تحاكمنا الآن باسم الإنسانية وصورة البروف والعالم صلاح فرج الله أعادت إلينا صور الفلاسفة والعلماء امثال جيمس سميث وارتور شوبنهاور وامبيدو كليس الذي قيل إنه انتحر احتجاجا على عدم إيمان الشعب بتعاليمه وأفكاره الحلولية ويقولون إنه أراد أن يلفت نظر الشعب إلى أفكاره وآخرين ممن انتهى بهم الحال للانتحار بعد أن شاهت صور المجتمع الذي يعيشون فيه.

نكتب اليوم لنستبق المصير ونجد من يتدارك حالة البروف من أهل الوطن الخلص قبل أن نكتب بالدموع كما كتبنا من قبل عن الفنان التشكيلي السوداني العالمي محمد بهنس الذي مات بصقيع البرد في مصر نكتب الان حتي لا تحاكمنا الأجيال ولنحفظ ماتبقي من إنسانيتنا التي انتهكناها بلا قصد …..

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق