مقالات
الزكاة السوداني بين الشورى والمَطْمُورة
د.معاوية عبيد:
إن الشورى من مبادئ الإسلام الأساسية فقد أمر الله عز وجل بها نبيه الكريم المؤيد بالوحي، ولا يخفى أن الأمر للنبي هو أمر لأصحابه ولأمته من بعده إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها كما هو مبين في قوله تعالى في سورة آل عمران : (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر )
وقد طبق النبي صل الله عليه وسلم وأصحابه هذا المبدأ تطبيقاُ تاماً، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ( ما رأيت أحداً أكثر مشورة لأصحابه من النبي صل الله عليه وسلم ) .
وقال ابن خويز منداد: واجب على الولاة مشاورة العلماء فيما لا يعلمون، وفيما أشكل عليهم من أمور الدين، ووجوه الجيش فيما يتعلق بالحرب، ووجوه الناس فيما يتعلق بالمصالح، ووجوه الكتاب والوزراء والعمال فيما يتعلق بمصالح البلاد وعمارتها، و تنفيذاً للتعاليم القرآنية و تأسياُ بالرسول الكريم انعقد اللقاء الثالث لامناء الزكاة بالولايات منذ اندلاع هذه الحرب حيث اكتمل اللقاء هذه المرة بولاية كسلا تحت شعار ( وأمرهم شورى بينهم ) ،من هذا المبدأ أكد وزير التنمية الإجتماعية رئيس المجلس الأعلى لأمناء الزكاة أحمد آدم بخيت خلال مخاطبته الجلسة الافتتاحية لهذا اللقاء اهميه الاجتماع في تبادل الرؤى والخبرات والتجارب بين الولايات لمعالجة الاشكاليات ووضع رؤى للمرحلة المقبله وأوضح ان الاجتماع سيناقش عدة قضايا ومسائل مختلفة تسهم في تجويد العمل.
و لأهمية الشورى، وضرورة العمل بها في كل شيء ولو كان صغيرا، وخاصة في هذا الزمان وهذا الظرف الاستثنائ الذي تمر به البلاد و تعقدت فيه الأمور، وقد قيل : ( نصف رأيك عند اخيك ) ،( ما خاب من استشار ) ، لذلك تنعقد مثل هذه الاجتماعات لوضع الخطط الاستراتيجية من أجل تقديم الدعم للمجتمع وقد أوضح الأمين العام لديوان الزكاة أحمد ابراهيم عبد الله أن هذا الاجتماع بمثابة مؤتمر للزكاة يناقش تقارير الأداء للعام السابق وتقدم فيه الخطط والبرامج للعام 2024م مشيراً إلي إن الاجتماع يتداول عمل الزكاة في جميع الولايات مما يسهم في تجويد عمل الزكاة في ولايات السودان المختلفة وبعد أن اصبح ديوان الزكاة عماد البلاد ونجادها للذين نزحوا من مناطق الحرب الي الولايات الآمنة و أصبح مَطْمُورة تقدم الدعم و العون والغذاء لكل محتاج و المَطْمُورة ،كما جاء في لسان العرب هي حفرة تحت الأرض تخزن فيها الحبوب ( الذرة و البر وكثير من البقوليات )و جمعها مَطَامِيرُ ، و نجد أن كثيراً من البلدان العربية و الأفريقية كانت و مازالت تستخدم هذه ( المَطْمُورة ) في تخزين المحاصيل و الحبوب عقب كل موسم حصاد، لمواجهة الطوارئ والاحتياجات التي قد تفرضها المجاعات والحروب و أوقات الشدة، خوفا من اختلال “الأمن الغذائي” و نجد أن ديوان الزكاة كان مطمورة السودان وهو يوزع الكساء و الغذاء و الدواء للمتأثرين من هذه الحروب و الفيضانات و السيول وقد تطرق المجتمعون لما قدمه الديوان حيث قال وزير الشئون الاجتماعية إن ديوان الزكاة ظل وحده يكافح من اجل تقديم الدعم للفقراء و المحتاجين و اصبح يشكل حضوراً و هو من اوائل المؤسسات التي تقدم الدعم في كل الكوارث من سيول وفيضانات و نزوح ونزاعات أهلية بالإضافة إلى الحرب الحالية و هو رأس الرمح في هذا العمل الاجتماعي ، وشدد الوزير على ضرورة تفعيل وتجديد الآليات و توسيع هذه المَطْمُورة التي من شأنها أن تخرج الفقير من دائرة الفقر الي رحابة الانتاج ، وتحدث كل المجتمعون و علي رأسهم والي ولاية كسلا عن ما قدمه ديوان الزكاة للمحتاجين في ظل هذه الحرب رغم غياب كثير من الولايات عن مشهد جباية الزكاة و أصبح مواطنوا هذه الولايات محتاجين للزكاة، و اكد الامين العام لديوان الزكاة أن مطمورة الديوان مليئة بالخيرات حيث ظل الديوان يقدم الدعم للجيش والمستنفرين وجرحي العمليات و الوافدين و الفقراء و المحتاجين ، عندما غابت المؤسسات الآخرى وقال الزكاة تعمل في وسط المجتمع، بفضل مجهودات ومجاهدات العاملين عليها في ظل هذه الظروف الخطرة وهم يواجهون الرصاص من اجل تطهير اموال المكلفين و توفير القوت للوافدين كما دعي الأمين العام لدافعي الزكاة الذين بفضل أموالهم كان التكافل التراحم وتخفيف معاناة الشعب السوداني وأضاف يجب الاهتمام بديوان الزكاة هذه ( المَطْمُورة ) من قبل مؤسسات الدولة و المسؤلين بالدولة من الأعلى إلى الأسفل حتي تمتلئ هذه ( المَطْمُورة ) ولن يصبح هنالك محتاج في بلادنا.