مقالات
التأهيل النفسي للأطفال ما بعد الأزمات والحروب
طه هارون حامد:
تعد الأزمات والحروب من أكثر التجارب الإنسانية تأثيراً على المجتمع ، خاصة الأطفال الذين يتأثرون بشكل كبير من الناحية النفسية والعاطفية. الأطفال الذين يمرون بتجارب صادمة مثل النزاعات المسلحة والكوارث الطبيعية من سيول وفيضانات وزلازل يمكن أن يواجهوا تحديات نفسية كبيرة تحتاج إلى تدخل متخصص لتأهيلهم نفسياً واستعادة توازنهم العاطفي والعقلي
تأثير الأزمات والحروب على الأطفال
تأثيرات نفسية وعاطفية
الأطفال الذين يعيشون في مناطق الأزمات والحروب غالباً ما يعانون من اضطرابات نفسية مثل اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، القلق، والاكتئاب. قد يواجهون أيضاً صعوبات في الااستقرار و النوم، كوابيس متكررة، وفقدان الشعور بالأمان. تتجلى هذه التأثيرات في سلوكياتهم اليومية مثل الانعزال الاجتماعي، العدوانية، وصعوبة التركيز في المدرسة.
تأثيرات اجتماعية وسلوكية
التأثيرات الاجتماعية على الأطفال تشمل فقدان الروابط الأسرية والاجتماعية، حيث يمكن أن يكونوا شهوداً على فقدان أفراد الأسرة أو الأصدقاء. يمكن أن يؤدي ذلك إلى شعورهم بالوحدة والعزلة، وقد يتسبب في تطوير سلوكيات غير صحية كالإدمان على المخدرات أو الانضمام إلى مجموعات عنيفة.
خطوات التأهيل النفسي للأطفال
1. التقييم والتشخيص
يبدأ التأهيل النفسي للأطفال بتقييم شامل لحالتهم النفسية. يتم ذلك من خلال جلسات مع أخصائيين نفسيين يستخدمون أدوات تقييم متنوعة مثل المقابلات، الاستبيانات، والاختبارات النفسية. هذا يساعد في تحديد نوع الدعم النفسي المطلوب لكل طفل.
2. تقديم الدعم النفسي
الدعم النفسي يشمل تقديم جلسات علاجية فردية وجماعية. العلاج النفسي يمكن أن يتضمن تقنيات مختلفة مثل العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، العلاج باللعب، والعلاج بالفن. هذه الجلسات تهدف إلى مساعدة الأطفال على التعبير عن مشاعرهم والتعامل مع الذكريات الصادمة.
3. دعم الأسرة والمجتمع
إشراك الأسرة والمجتمع في عملية التأهيل يعتبر خطوة حاسمة. يمكن تنظيم جلسات إرشادية للأهل لمساعدتهم على فهم احتياجات أطفالهم وتقديم الدعم المناسب لهم. كذلك، يمكن تنظيم نشاطات مجتمعية تهدف إلى إعادة بناء الروابط الاجتماعية وتعزيز الشعور بالانتماء والأمان.
4. التعليم والتدريب المهني
الأطفال الذين تعرضوا للأزمات قد يعانون من تأخر دراسي. لذا، من المهم توفير دعم تعليمي مناسب لمساعدتهم على اللحاق بصفوفهم الدراسية. الإضافة إلى تقديم برامج تدريب مهني للمراهقين لمساعدتهم على تطوير مهارات تسهم في تأمين مستقبلهم المهني.
أمثلة ناجحة لبرامج التأهيل النفسي
برنامج “الأطفال أولاً” في سوريا
برنامج “الأطفال أولاً” هو أحد المبادرات التي أطلقتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في سوريا. يهدف البرنامج إلى تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال المتضررين من الحرب. من خلال تقديم جلسات علاجية وبرامج تعليمية، نجح البرنامج في إعادة تأهيل آلاف الأطفال ومساعدتهم على استعادة حياتهم الطبيعية.
مشروع “أمل” في العراق
مشروع “أمل” الذي تديره جمعية الهلال الأحمر العراقي يقدم برامج تأهيل نفسي للأطفال الذين تأثروا بالحرب والنزاعات في العراق. يشمل المشروع تقديم جلسات علاجية، نشاطات ترفيهية، وبرامج تعليمية تهدف إلى توفير بيئة آمنة وداعمة للأطفال
اخيرا
التأهيل النفسي للأطفال ما بعد الأزمات والحروب هو عملية حيوية لضمان عودة هؤلاء الأطفال إلى حياة طبيعية ومستقرة. من خلال تقديم الدعم النفسي والاجتماعي المناسب، يمكنهم تجاوز التجارب الصادمة وبناء مستقبل مشرق.بفضل الجهود المشتركة من قبل الأفراد والمجتمع والمؤسسات المعنية تساهم في تحقيق هذا الهدف النبيل وضمان حقوق الأطفال في الحصول على حياة كريمة وآمنة.