مقالات

القيود المهنية.. بين “المفك”و”الزردية”

عصام الحكيم:

لم يرق لي خروج مذيع نشرة أخبار التاسعة الرئيسية بتلفزيون السودان الرسمي وهو يقوم بتقليد حركة القائد العام للجيش البرهان بما تعارف عليه إيحائيا واصطلاحا في السوشيال ميديا بترند الزردية والمفك.

‏حسب مراقبين وخبراء عسكريين فان الحركة التي قام بها القائد العام للقوات المسلحة السودانية الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان في لغة العسكر هي مايعرف بـ ” الهجوم المباشر ” المبني على أساس التطويق والحصار من عدة جوانب ثم الإنقضاض وهي إشارة تطويق وتدمير ,للحركة رمزية لعملية “إختراق معينة” لتحقيق تدمير شامل وحاسم ضد المليشيا . .

لكن اعود واقول ان تقديم نشرات الاخبار عموما في محطات الاذاعة والقنوات الفضائية لها منظومة متكاملة من القيود والاطر الدقيقة التي تحكمها القيم المهنية وسقوفات السياسة التحريرية بمالا يسمح بانتقاصها او خدشها تحت اي ذريعة…

لا اعتقد ان من يجلسون خلف ديسك اخبار القناة القومية السودانية وبينهم من الكفاءات المقتدرة وافق الابداع الاحترافي الخلاق كان يعجزهم اختزال مسلك مذيع العرض ومعالجة سابقته كمذيع ومقدم نشرة ( بتقليد الترند الرائج ) في قالب تحريري مفيد وثر عبر خبر او تقرير يتناول الترند وانتشاره وشيوعه ودلالاته بصياغة تحريرية مهنية يعالج الامر ويرسخ لرسالة معبرة تخدم بها اجندة القضية العامة وفق الخط التحريري المعلوم للمؤسسة الاعلامية الرسمية ..

ولا ادري هل مسلك مذيع نشرة الاخبار هو بادرة نتحت من تصرف وسلوك شخصي ام باملاء فريق منتج ومخرج عمل النشرة الاخبارية وهل تم بالفعل اخضاعها قبل البث للدراسة والتقييم الفني والمهني ام انها صنعت بضربة لازب ..

هناك حدود فاصلة حقيقية وليست وهمية ينبغي ان تباعد مابين وسائل الاعلام التقليدية ومنصات الاعلام الحديث المتعارف عليه بالسوشيال ميديا مهما تباينت درجات تاثير وفعالية ومستويات جماهيرية الاخيرة قياسا علي الاولي .. ولن يكون الحل باي حال في احداث التوازن في التاثير وجذب المشاهدة بمجاراة ومسايرة السوشيال ميديا مهما كانت المبررات والمسوقات لان الحكمة تقتضي هو الانتصار للقيم المهنية الحاكمة والارتقاء بصناعة المحتوي الرقمي والاعلامي الاخباري وليس الانزلاق والهبوط للادني ..

يمكن ان اضرب مثالا للمقاربة في سياق هذا الفهم في هكذا تقديرات بالخطأ الفادح الذي ارتكبه المعهد القومي المناهج بوزارة التربية والتعليم في معالجة مشكلة هبوط مستوي المعلم والتلميذ في اللغة الانجليزية بمرحلتي الاساس والثانوي فبدلا من درلسة الامر ومعالجة الاعتلالات والاختلالات قام باستبدال سلسلة منهج (نايل كورس) Nile Course القوية مهنيا بمهاراتها وطرق واساليب تدريس وتعليم اللغة بسلسة منهج ( اسباين ) Spine الاضعف مهنيا وتعليميا قياسا علي الاولي .. فبدلا من ترتقي بمستوي المعلم والتلميذ للسلسة الاقوي هبطت بهما معا للسلسلة الأضعف.

التماهي والمجاراة بغير هدي وذهن مفتوح مع السوشيال الميديا بمجاراتها سيكون بلا شك خصما علي حساب قيم مهنية واسس تحريرية في اجندة السياسة الاخبارية والخط العام للمؤسسات الاعلامية في وسائل الاتصال الجماهيري التقليدية والرسمية سواء الميتقلة او تلك المملوكة للدولة ..

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق