مقالات

محمد بابكر يكتب: قحت و ازدواجية المواقف

في ظل الحرب الدائرة والتعقيدات السياسية التي تكاد تعصف بالسودان، تطفو على السطح مواقف لافتة لقوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي)، التي تقف في نقطة محورية من الجدل السياسي الحالي. فبينما تدعو بقوة إلى ضرورة تصنيف حزب المؤتمر الوطني، الذي حكم البلاد لعقود تحت قيادة عمر البشير، كـ “جماعة إرهابية”، فإنها ترفض في المقابل وبشكل قاطع إطلاق نفس التصنيف على مليشيا الدعم السريع، التي تمردت وخاضت حرباً شرسة ضد الجيش السوداني منذ أبريل 2023.
ونحن هنا لسنا بصدد الدفاع عن حزب المؤتمر الوطني.

فقوى الحرية والتغيير تتبني خطاباً حاداً تجاه حزب المؤتمر الوطني، وتدعو بشكل متكرر إلى وجوب تصنيفه كمنظمة إرهابية. وتستند هذه الدعوات إلى إرث نظام البشير الذي تعتبره “قحت” نظاماً انقلابياً قمع الحريات ومارس الفساد، بالإضافة إلى اتهامه بإشعال الحروب الأهلية وارتكاب جرائم ضد الإنسانية، خاصة في دارفور. كما تتهم “قحت” عناصر من المؤتمر الوطني بالسعي الحثيث لإثارة الفتنة بين الجيش والدعم السريع بهدف العودة إلى السلطة. ويرى التحالف أن تفكيك “نظام الثلاثين من يونيو 1989” ومحاسبة رموزه هو أساس بناء الدولة المدنية الديمقراطية التي ينشدها.(ان ازدواجية المعايير لدي قحت) اغضبت الشعب السوداني الذي شاهد ورأي كيف تدافع قحت عن مليشيا الدعم السريع وكما تري مليشيا الدعم السريع المتمردة أن كل الشعب السوداني (فلول وإستخبارات تتبع للجيش السوداني.. فإن قحت ترى أن (كل الشعب السوداني مؤتمر وطني وكيزان) لطالما انه يقف في خندق واحد مع قواته المسلحة في حربه ضد مليشيا آل دقلو وآل زائد.

على النقيض تماماً، ترفض قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) المطالبات بتصنيف مليشيا الدعم السريع كـ “مليشيا إرهابية”، برغم انتهاكاتها التي اوغرت صدور السودانيين وهي ذات المطالبات التي يقودها رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان.

يأتي هذا الرفض رغم الاتهامات الموجهة لمليشيا الدعم السريع بارتكاب “جرائم حرب” و”جرائم ضد الإنسانية” وانتهاكات واسعة لحقوق الإنسان خلال الحرب الحالية، بما في ذلك أعمال العنف الجنسي والتطهير العرقي.

إلا ان”قحت” بررت موقفها بأن الحرب هي “شر مطلق” وأن الحل لا يكمن في التصنيفات.

هذا التباين في المواقف اغضب الشعب السوداني واثار تساؤلات عديدة في الأوساط السياسية والشعبية السودانية حول المعايير التي تستند إليها “قحت” في تقييمها للحرب( بأنها بين طرفي… القوات المسلحة التي تمثل دولة السودان ومليشا ال دقلو التي تمثل دولة آل دقلو وآل زايد) وكأن المليشيا دولة مجاورة دخلت في حرب مع دولة السودان (طرفي النزاع) او كان قحت دولة بذاتها تجاور دولة السودان وهي بذلك تنظر للحرب(كطرفي نزاع).

بينما يرى بعض الناشطين أن موقف قحت من المؤتمر الوطني مبرر تاريخياً وسياسياً، يرى السواد الاعظم أن رفضها تصنيف مليشيا الدعم السريع كقوة إرهابية، رغم الانتهاكات الموثقة، يكشف عن مصالح تكتيكيةو تحالفات سياسية خاصة مع وجود اتهامات بدعم “قحت” لمليشيا الدعم السريع.

في المحصلة، يعكس موقف “قحت” المتناقض حالة الاستقطاب الحاد والانقسامات العميقة التي تشهدها الجهات الداعمة لقحت حيث تتداخل الحسابات السياسية مع المبادئ المعلنة، مما يزيد من تعقيد المشهد ويجعل من الصعب التوصل إلى رؤية وطنية موحدة لإنهاء الحرب وإعادة بناء الدولة طالما هنالك ايادي اجنبية خفية تريد تمزيق السودان وتهجير شعبه مستخدمة في ذلك نفر من ضعاف النفوس من بني جلدتنا.

عدد من المحللين السياسيين يرون بأن قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) ترى في مليشيا الدعم السريع أداة للعودة إلى السلطة، وأن هذا هو السبب الجوهري لرفضها تصنيفه كـ “مليشيا إرهابية” وهي رؤية شائعة مدعومة بعدة ملاحظات وتحليلات سياسية.

محللون يؤكدون أن تحالفًا قويًا نشأ بين “قحت” وقيادة مليشيا الدعم السريع خلال السنوات التي سبقت الحرب. هذا التحالف، كان قائمًا على أهداف مشتركة، أبرزها مواجهة نفوذ الجيش والإسلاميين، الذين تعتبرهم “قحت” خصمها الرئيسي الذي أطاح بها من السلطة في انقلاب 25 أكتوبر 2021.

و يوصف هذا التقارب بأنه “تحالف في الظل” انتقل من الخصومة إلى التنسيق الخفي. فبعد أن كانت “قحت” على خلاف مع مليشيا الدعم السريع، وجدت في المتمرد، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، حليفًا يشاركها هدف إبعاد الجيش عن المشهد السياسي وتحقيق حكم مدني تكون هي في قيادته

يستند أصحاب هذا الرأي إلى عدة مواقف لـ “قحت” يعتبرونه دليلًا على هذا التحالف
حيث يُتهم التحالف بتبني رواية مليشيا الدعم السريع في بداية الحرب، والتركيز على أن سبب الحرب هو وجود “فلول النظام البائد” داخل الجيش.
بينما ينتقد الكثيرون ما يعتبرونه تغاضيًا أو تبريرًا لإنتهاكات مليشيا الدعم السريع، وتفسيرها بأنها “نتائج طبيعية للحرب”، بينما يتم التركيز بشكل أكبر على إدانة الجيش. والتغاضي عن انتهاكات مليشيا الدعم السريع الإرهابية الموثوقة والتي لابنكرها الا أعمى اوعميل.
يُعتبر “إعلان أديس أبابا” الذي وقعته تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” (التي تقودها قحت) مع قائد مليشيا الدعم السريع، دليلًا ملموسًا على هذا التحالف. حيث أن الاتفاق يمنح شرعية سياسية لمليشيا للدعم السريع ويدعوه لتشكيل حكومة في المناطق التي يسيطر عليها، وهذا ماحدث بالفعل فقد تم تشكيل حكومة لم يعترف بها احد بل تم وئدها قبل أن يتم الإعلان عنها.

في المقابل، تنفي قوى الحرية والتغيير هذه الاتهامات وتؤكد أن هدفها الأساسي هو وقف الحرب وتحقيق السلام.

تبرر “قحت” رفضها لتصنيف مليشياالدعم السريع كمنظمة إرهابية بأن مثل هذا التصنيف سيغلق الباب أمام الحلول السلمية والتفاوضية،(فيك الخير والله)
وأن الأولوية هي لوقف نزيف الدم ومعالجة جذور الأزمة سياسيًا.

إن تقارب قحت مع مليشيا الدعم السريع وتوقيع اتفاق معه تظل نقطة سوداء في نظر الشعب السوداني و حول أهدافها الحقيقية في هذا الحرب التي تضرر منها الشعب السوداني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى