أصوات لم تُسمع.. منصة نساء غرب كردفان لإنهاء الحرب

رونق شميلة:
أصوات مجهولة من قيادات نسوية شابة في أقاصي محليات شمال أبيي بولاية غرب كردفان تنبذ الحرب وتنادي بالسلام غير المشروط ، نظمن وقفة إحتجاجية لدعم مفاوضات جنيف في أغسطس السابق لوقف الحرب و تمثيل النساء في طاولات التفاوض و جميع عمليات السلام .
في أقاصي غرب كردفان، حيث يتقاطع الهامش مع التهميش، وتطغى أصوات البنادق على همسات الحياة اليومية، برزت أصوات نسوية شابة، مجهولة في الإعلام ومغيبة عن مراكز القرار، لكنها تحمل وعياً عميقاً ومسؤولية وطنية صادقة. هؤلاء الشابات، اللائي وُلدن في بيئة تطبعها النزاعات القبلية والحرمان التنموي، بدأن في تشكيل تيار نسوي جديد يدعو لوقف الحرب وينادي بسلام غير مشروط، نابع من القاعدة، لا من نُخَب الصفقات السياسية العابرة.
الحرب من منظور نسوي
تشير القيادات النسوية الشابة إلى أن الحرب ليست مجرد اشتباكات بين أطراف متنازعة، بل هي آلة تدمير ممنهج للحياة اليومية للنساء والأطفال والمجتمعات الهشة. في شهاداتهن، تتحدث الشابات عن فقدان الأحبة، وانهيار سبل العيش، وتعطل التعليم، وانعدام الأمن الشخصي، مشيرات إلى أن النساء في مناطق النزاع لسن مجرد ضحايا، بل فاعلات محتملات في بناء السلام، إن أُتيحت لهن المساحة.
من الهامش إلى المبادرة
رغم انعدام التغطية الإعلامية والدعم الرسمي، أسست هؤلاء القيادات النسوية شبكات صغيرة محلية تعمل على رفع الوعي، وتنظيم جلسات حوار مجتمعية، وفتح قنوات تواصل بين مكونات المجتمع المحلي. ينطلقن من إيمان راسخ بأن “السلام لا يُمنح من الأعلى، بل يُصنع من الأسفل”، ولذلك يرفعن شعار “سلام بلا شروط، سلام للجميع، سلام دائم”.
نقد للسلام المشروط والنخبوي
تنتقد الشابات اتفاقيات السلام التي تُبرم في العواصم البعيدة دون استشارة المجتمعات المتأثرة فعلياً بالحرب. بالنسبة لهن، فإن أي سلام يُبنى على توازنات نُخبوية أو محاصصات لا يلبّي تطلعات المجتمعات المحلية، ولا يضمن استدامة السلام. إنهن يطالبن بإدماج أصوات النساء، خصوصاً من المناطق المتأثرة، في عمليات السلام والتخطيط للتعافي ما بعد النزاع.
تحديات تواجه الحراك النسوي
يواجه هذا الحراك النسوي الشبابي تحديات ضخمة، من بينها القيود الثقافية، وغياب التمثيل السياسي، وندرة الموارد، إضافة إلى الخطر الأمني الناتج عن استمرار التوترات. ومع ذلك، فإن إصرارهن ينبع من إدراك عميق بأن البديل هو استمرار الدمار والتهميش.
إن أصوات القيادات النسوية الشابة في غرب كردفان قد تكون “مجهولة” في الخطاب العام، لكنها باتت تشكل جزءاً من وعي جديد يتشكل في الهامش، ويدعو إلى كسر دورة العنف وإرساء سلام شامل، غير مشروط، ينبع من الناس ولأجل الناس. هذه الأصوات تحتاج أن تُسمع، لا لأنهن نساء فقط، بل لأنهن يحملن رؤية قد تكون هي الأمل الوحيد المتبقي في أفق يملؤه الرماد.
رونق شميلة: ناشطة سياسية نسوية
مديرة عامة منظمة البيئة و تنمية المرأة الريفية وعضوة منصة نساء غرب كردفان لإنهاء الحرب