حقوق الإنسان
الإبادة الجماعية تلقي بظلالها على وسط السودان
السودان بحاجة عاجلة للمساعدات الإنسانية وحماية المدنيين
في ٢٠ أكتوبر ٢٠٢٤، استسلم أحد قادة قوات الدعم السريع للجيش السوداني. منذ ذلك الحين، بدأت قوات الدعم السريع حملة انتقامية من القتل والدمار في ولاية الجزيرة والمناطق الوسطى. وفقًا لمصادر شبكة صيحة على الأرض، قُتل ١٢٠ من صيادي ومزارعي الهوسة السودانيين في مدينة أم شوكة بولاية سنار، جنوب الجزيرة، على يد قوات الدعم السريع في ٢١ أكتوبر ٢٠٢٤.
خلال الأسبوع الماضي، وفقًا لشهادات شهود عيان ومقاطع فيديو متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي، ارتكبت الميليشيا فظائع جديدة، بدءًا من منطقة تمبول وصولًا إلى مدينة رفاعة، حيث تم الإبلاغ عن حالات جديدة من العنف الجنسي (وثقت شبكة صيحة ٢٥ حالة حتى ٢١ أكتوبر ٢٠٢٤).
كما أفادت وزارة الصحة السودانية بأن قوات الدعم السريع اختطفت ممرضات من مستشفى رفاعة.
في ٢٥ أكتوبر ٢٠٢٤، أكدت المصادر أن قوات الدعم السريع قتلت حوالي ١٢٤ مدنيًا (الأرقام لا تزال بحاجة إلى تأكيد) في قريتي أزرق والسِّريحة شماليّ الجزيرة، محلية الكاملين. من بين الضحايا عدد كبير من الأطفال والنساء وكبار السن. كما استخدم الدعم السريع الأسلحة الثقيلة ضد المدنيين العزل مما أسهم في ارتفاع أعداد القتلى.
وفقًا للتقارير الواردة من قرية السريحة فإن النساء والفتيات قد تعرّضن للتعذيب والاغتصاب الجماعي مما أدى لإقدام العديد منهم على الانتحار. في مناطق أخرى صرّحت النساء عند علمهنّ باحتمالية اجتياح الدعم السريع لمناطقهنّ بأنهنّ سيقدمن على الانتحار لتحاشي الانتهاكات.
تستمر دوامة الموت والاغتصاب والتعذيب في الجزيرة بلا توقف أثناء إصدار هذا البيان. في ٢٨ أكتوبر٢٠٢٤، اكتشف شاهد عيان في قرية السريحة ثلاث جثث لمواطنين ذُبِحوا بجانب قناة المياه. كما تم العثور على جثة أخرى تطفو في القناة، وهي لرضيع يبلغ من العمر حوالي ستة أشهر.
تشير التقارير الواردة من الناشطين إلى أنه بين ٢٢ و٢٨ أكتوبر ٢٠٢٤، قتلت قوات الدعم السريع حوالي ١٠٠٠ شخص في ٥٠ قرية بولايتي الجزيرة وسنار. بالإضافة إلى ذلك، هناك تقارير على وسائل التواصل الاجتماعي أنّ عددًا كبيرًا من النساء والأطفال وكبار السن في عداد المفقودين.
تعتبر هذه الوحشية استمرارًا للحملة القاسية لقوات الدعم السريع من العنف والقتل ضد المدنيين في جميع أنحاء السودان، وخصوصًا في دارفور، والتي وصلت إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. تعرّضت الجزيرة -التي كانت تُعتبر سلة غذاء السودان- لدورات متعددة من الفظائع والدمار الشديد منذ هجوم قوات الدعم السريع على المنطقة في ديسمبر ٢٠٢٤.
كما في الجنينة بغرب دارفور، نهبت قوات الدعم السريع ودمرت القرى والبلدات والمزارع ومصادر المياه، وارتكبت عمليات اغتصاب واسعة النطاق واستغلالًا جنسيًا. في الجزيرة، قتلت قوات الدعم السريع السكّان بلا رحمة، وفرضت عليهم العمل القسري، واستعبدت العديد من سكّان القرى. بالإضافة إلى ذلك، قُتل ما لا يقل عن ٢٠٠ شخص في قرية ود النورة الصغيرة في غرب الجزيرة في يونيو ٢٠٢٤، واستمرت عمليات القتل والاغتصاب في دون انقطاع.
على الرغم من الظروف المروعة، فإن المساعدات الإنسانية في السودان لا تغطّي الاحتياجات ولا تعكس حجم الأزمة بشكل دقيق. هذا النقص يتسبب في معدلات وفاة مرتفعة نتيجة للجوع والعنف ونقص خدمات الرعاية الصحية. على الرغم من جهود المجتمع المدني السوداني في الاستجابة لأزمات هذه الحرب، فإن قدراتهن/م محدودة وغالبًا ما يواجهن/ون انعدام الأمن والتهديدات من جميع الأطراف.
لقد أدى إرث الإفلات من العقاب وفشل المساءلة إلى تعزيز وجود قوات الدعم السريع، التي كانت تعمل سابقًا كميليشيات الجنجويد الخاصة بالبشير لبثّ الرعب في المجتمعات، لا سيما في دارفور ولأكثر من ٢٠ عامًا. يتواصل هذا الإرث في النزاع الحالي، ويزداد تعقيدًا بدعم من الجهات الإقليمية التي قدمت الأسلحة ووضعت يدها بيد الدعم السريع.
إن غياب الصّوت القوي والتأثير من الاتحاد الأفريقي فيما يتعلق بهذه القضية قد زاد من تفاقم الوضع. بالإضافة إلى ذلك، فإن الجهود السياسية لتحقيق السلام تفتقر إلى التنسيق والتنظيم الجيّد مما يزيد من صعوبة الوضع لـ ٤٤ مليون شخص في السودان، كما يسهم هذا التشتت في استمرار العنف والتصعيد.
السودان في نقطة مفصليّة، حيث يلوح شبح الإبادة الجماعية في الأفق. من أجل توجيه البلاد بعيدًا عن هذا المأزق وحماية أرواح الشعب السوداني، تدعو شبكة صيحة المجتمع الدولي والاتحاد الأفريقي إلى الآتي:
١. على مجلس الأمن الدولي اتخاذ إجراءات عاجلة لاستعادة السلام والأمن في السودان، والقيام بواجبه في حماية المدنيين. يجب على الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي التعاون بشكل وثيق في هذا الجهد، والعمل على إنشاء آلية لحماية المدنيين مع مراعاة النوع الاجتماعي.
٢. يجب اتخاذ خطوات عاجلة نحو تحقيق العدالة والمساءلة، مما يمكّن من محاسبة الجناة بشكل فوري. هذا الأمر حيوي بالنسبة لقضية السلام في السودان. إلى جانب دعم المحكمة الجنائية الدولية وبعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة، وإنشاء محكمة جنائية خاصة بالسودان تحت إشراف الأمم المتحدة.
٣. توفير الموارد لجميع جوانب المساعدات الإنسانية، بما في ذلك خدمات الصحة العامة والصرف الصحي، والصحة الجنسية والإنجابية، ودعم تعليم الأطفال، والدعم النفسي الاجتماعي للمدنيين والناجيات والناجين من جرائم العنف الجنسي.
٤. وقف تدفّق الأسلحة إلى السودان من خلال فرض عقوبات ضد مقدّمي هذه الإمدادات.