
د.أسامة سيدأحمد حسين:
في حال استمرار النزاع العسكري و اندلاع حرب شاملة بين إسرائيل وإيران، ستكون التداعيات الاقتصادية كبيرة على المستوى الإقليمي والعالمي، خاصة في القطاعات الحساسة المرتبطة بالجيوسياسية والموارد الاستراتيجية. فيما يلي تحليل استشرافي مُعمّق لأبرز القطاعات المتأثرة:
1. قطاع الطاقة (النفط والغاز):-
*التأثيرات المباشرة:
-ارتفاع حاد في أسعار النفط:
– إيران تُنتج حوالي 3-4 مليون برميل يوميًا، وأي تعطيل لإنتاجها أو تصديرها (خاصة عبر مضيق هرمز) سيُسبب صدمة في الأسواق.
– احتمالية وصول النفط إلى 120-150 دولار للبرميل إذا أُغلق المضيق أو هوجمت منشآت نفطية في الخليج.
-اضطراب إمدادات الغاز الطبيعي:
– إيران تمتلك ثاني أكبر احتياطي غاز في العالم، وإسرائيل تُصدّر الغاز إلى مصر والأردن وأوروبا. أي توقف سيؤثر على أسعار الغاز الأوروبية (مثل عقود TTF).
-ردود فعل السوق:
– زيادة الطلب على النفط من الاحتياطيات الاستراتيجية (مثل احتياطي النفط الأمريكي SPR).
– ارتفاع أسعار النفط يرفع تكاليف النقل والتصنيع عالميًا، مما يُغذّي التضخم.
التأثيرات طويلة المدى:
– تسريع التحول نحو الطاقة المتجددة بسبب عدم استقرار إمدادات النفط.
– تعميق التعاون بين روسيا والصين وإيران لبيع النفط خارج نظام العقوبات الغربي.
2. القطاع البيئي:-
التأثيرات المباشرة:
-تلوث بيئي كبير:
– تدمير منشآت نفطية أو كيميائية (مثل ما حدث في حرب الخليج 1991 مع حرائق آبار النفط الكويتية).
– تسرب نفطي في الخليج إذا تعرضت ناقلات أو منصات للهجوم.
-زيادة الانبعاثات الكربونية:
– بسبب الحروب الجوية والعمليات العسكرية المكثفة.
التأثيرات طويلة المدى:
– ضغوط دولية لتعويض الأضرار البيئية (مثل صندوق الأمم المتحدة للتعويضات البيئية).
– إعادة توجيه استثمارات الطاقة نحو مصادر نظيفة لتجنب أزمات النفط.
3. قطاع الطيران والنقل الجوي:-
التأثيرات المباشرة:
-إغلاق المجال الجوي في المنطقة:
– تعليق رحلات الطيران فوق إيران والعراق وسوريا ولبنان (كما حدث بعد الهجمات الإيرانية على إسرائيل في أبريل 2024).
– زيادة تكاليف الوقود بسبب ارتفاع أسعار النفط.
-خسائر شركات الطيران:
– شركات مثل الخطوط الجوية الإسرائيلية (إل عال) وطيران الخليج (الإمارات، القطرية) قد تُلغي رحلات أو تغير مساراتها.
– ارتفاع أسعار تذاكر السفر بسبب المخاطر الأمنية.
التأثيرات طويلة المدى:
– تعزيز استخدام الطائرات بدون طيار (الدرونز) في النقل العسكري والتجاري.
– زيادة الاعتماد على التحالفات الجوية الآمنة (مثل تحالف “سكاي تيم” و”ستار”).
4. قطاع الدفاع والأمن التأثيرات المباشرة:
-زيادة الإنفاق العسكري:
– دول الخليج (مثل السعودية والإمارات) ستسرع صفقات الأسلحة مع الولايات المتحدة وأوروبا.
– ارتفاع أسهم شركات الدفاع (لوكهيد مارتن، بوينغ، نورثروب غرومان، رافائيل الإسرائيلية).
-تسليح إضافي لإيران وحلفائها:
– تعزيز دور روسيا والصين في توريد أسلحة لإيران وحزب الله.
التأثيرات طويلة المدى:
– تسريع تطوير أنظمة دفاع جوي متطورة (مثل القبة الحديدية الإسرائيلية وأنظمة S-400 الروسية).
– نمو سوق الأمن السيبراني بسبب الحروب الإلكترونية المصاحبة.
-5. قطاع الغذاء والزراعة: التأثيرات المباشرة:
-ارتفاع أسعار القمح والحبوب:
– إيران وإسرائيل تستوردان القمح من روسيا وأوكرانيا، وأي اضطراب في الشحن سيؤثر على الأسعار العالمية.
– زيادة تكاليف الشحن عبر البحر الأحمر (إذا امتدت الحرب إلى اليمن).
-أزمات غذائية في دول تعتمد على الواردات:
– لبنان وسوريا واليمن قد تواجه نقصًا في المواد الأساسية إذا تعطلت طرق الإمداد.
التأثيرات طويلة المدى:
– اتجاه بعض الدول إلى تعزيز الأمن الغذائي عبر الزراعة المحلية (مثل السعودية في مشروع الاستدامة الزراعية).
– زيادة الاعتماد على البدائل مثل الأغذية المُصنَّعة أو المستوردة من أمريكا اللاتينية.
6. قطاع النقل البحري والشحن الدولي:
التأثيرات المباشرة:
-تهديد مضيق هرمز:
– 20% من النفط العالمي يمر عبره، وإغلاقه سيُسبب أزمة شبيهة بأزمة 2019 (عندما هوجمت ناقلات نفط).
-ارتفاع أسعار الشحن والتأمين البحري:
– شركات الشحن قد تتجنب المنطقة، مما يطيل مسارات السفن ويزيد التكاليف.
-تأثير على قناة السويس:
– انخفاض الإيرادات إذا قلّت حركة السفن بسبب المخاطر.
التأثيرات طويلة المدى:
– تطوير طرق شحن بديلة (مثل الممر الشمالي الروسي أو تعزيز خطوط الأنابيب).
– زيادة الاستثمار في الأساطيل البحرية الأمنية لحماية الممرات المائية.
الخلاصة:
تداعيات اقتصادية عالمية واسعة أي حرب بين إسرائيل وإيران ستُحدث صدمة في الاقتصاد العالمي، مع تأثيرات فورية على النفط والغذاء والأسواق المالية، وتداعيات طويلة الأمد على الأمن والطاقة والتجارة. الدول الكبرى (مثل الولايات المتحدة والصين) ستتدخل لاحتواء الأزمة، لكن التكاليف الاقتصادية ستكون كبيرة، خاصة على الدول الفقيرة المستوردة للنفط والغذاء.
د.أسامة سيدأحمد حسين/ مركز تدبر للبحث العلمي