مقالات

يونتامس.. يوناميد (1)

ما وراء الخبر

محمد وداعة:

في 2020م أرسل رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، خطابا إلى الأمين العام للأمم المتحدة ، قال (يطلب السودان من الأمم المتحدة أن تسعى إلى الحصول على ولاية من مجلس الأمن لإنشاء عملية لدعم السلام بموجب الفصل السادس في أقرب وقت ممكن، في شكل بعثة سياسية خاصة تضم عنصرا قويا لبناء السلام، وينبغي أن تشمل ولاية البعثة المرتقبة كامل أراضي السودان)، وبعد تسرب الخطاب المرسل وبروز احتجاجات من قوى سياسية وشعبية، أعلن حمدوك عن فحوى الطلب فى خطاب معدل ، زاعما أنه تشاور مع كل القوى السياسية، التي تفاجأت بما فيها قيادات في الحرية والتغيير، ولكنها في الاخير أذعنت و باركت.

و فى يونيو 2020م أصدر مجلس الأمن القرار رقم 2524 بإنشاء بعثة الأمم المتحدة المتكاملة (يونتامس)، وتم تحديد أربعة أهداف للبعثة (دعم الانتقال الديمقراطي، تعزيز واستكمال السلام، حماية المدنيين فى مناطق النزاعات، إتاحة المبادرات التنموية).
بغض الطرف عن حقيقة الخطاب الأول والثاني المعدل ، وما أثير من لغط حول كيفية اختيار رئيس البعثة في يناير 2021م ، قال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس)، فولكر بيرتيس، فى اول تصريح له إن (الوصول إلى سودان مستقر، لا يمكن أن يتحقق في ظل وجود 3 جيوش)، لكنه أشار إلى أنه ليس باستطاعة البعثة حل مشاكل السودان كلها، معتبرا أن (الأمر في يد السودانيين أنفسهم ).
و ما هي إلا بضع أيام، إلا وأعلن المبعوث الأممي عبر مؤتمر صحفي أن يونتامس ستقوم بتقديم الدعم للسودان، من خلال العديد من المبادرات السياسية والتنموية وتلك الهادفة لبناء السلام، وبما يتضمن تقديم العون للسودانيين في تحقيق أهداف وثيقة الدستوري لشهر أغسطس2019، وتنفيذ الخطة الوطنية لحماية المدنيين والمساعدة في الانتقال السياسي والتقدم باتجاه حكم ديمقراطي وتعزيز وحماية حقوق الإنسان واستدامة السلام ودعم مسارات السلام وتنفيذ اتفاقيات السلام المستقبلية و تقديم العون لبناء السلام وحماية المدنيين وسيادة القانون، وعلى وجه الخصوص في دارفور وفي المنطقتين (جنوب كردفان والنيل الأزرق ، و دعمُ إتاحة المساعدات الاقتصادية والتنموية، وتنسيق المساعدات الإنسانية من خلال ضمان نهج تكاملي لوكالات الأمم المتحدة والتمويل والبرامج المتاحين من خلالها؛ ومن خلال التعاون مع المؤسسات المالية الدولية، وبما يستجيبُ لجميع أهداف التنمية المستدامة ،و دعم الاستقرار السياسي، الدعم في صياغة الدستور والانتخابات والتعداد السكاني ، دعم الإصلاحات المؤسسية وتعزيز وحماية حقوق الانسان ، دعم التوصل الى عملية سلام شاملة ، دعم تنفيذ اتفاقية السلام ،الدعم في تعزيز البيئة الحمائية وعلى وجه الخصوص في مناطق النزاع وتلك التي شهدت نزاعات سابقاً ، الدعم في تحقيق التعايش السلمي والمصالحة بين المجتمعات ، الدعم في مضمار توفير العون الدولي وفي الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية الوطنية ، دعمُ انشاء هيكلية وطنية للتخطيط التنموي وفاعلية المساعدات ، الدعم لإدماج الاعتبارات المتعلقة بالنوع الاجتماعي (الجندر) كقاسمٍ مشترك في كل مناحي تفويضها، ويتضمن ذلك، على سبيل المثال، تقديم العون لحكومة السودان في ضمان المشاركة الكاملة، وذات المغزى، وعلى قدم التساوي للنساء في كل العمليات السياسية وعمليات السلام، وفي جميع مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية، بالإضافة الى تنفيذ قرار مجلس الأمن حول المرأة والأمن والسلم.
مضت الأيام ليكتشف أهل السودان أن (الأمر ليس بيدهم ) ، السيد فولكر انشأ الثلاثية والرباعية وخلق إطارا جديدا وآلية جديدة للبعثة ، ومدد صلاحياته ، و لم يترك شاردة أو واردة إلا وأدرجها في صلاحياته، ولا يحتاج الأمر إلى عناء للوصول إلى أن السيد فولكر كلف نفسه بكل متطلبات وأهداف مرحلة الانتقال وزاد عليها مما لم يكن جزءا من الوثيقة الدستورية التي زعم انه سيعمل وفقا لأهدافها ، فزاد أنه سيعمل على دعم الاستقرار السياسي وصياغة الدستور والانتخابات و التعداد السكاني،
يلاحظ أن فولكر وضع يده على كل مفاصل الحياة السياسية و الاقتصادية والاجتماعية في بلادنا وأعطى لنفسه الحق فى التدخل فى كل شيئ بما فى ذلك صلاحيات الحكومة الانتقالية ومجلس السيادة وصولا إلى تبني دستور تسييرية المحامين والاتفاق الإطاري مستندا على الثلاثية والرباعية وأشرف وجلب الخبراء الأجانب وحضر شخصيا مداولات ورش الاتفاق الإطاري، وتدخل وحدد من يحضر ومن لا يحضر، و من يحق له التوقيع على الإطاري ومن لا يحق له ، و أصبح بالفعل حاكما بأمره، ونقل مقر البعثة واجتماعاتها متنقلا بين بيتي السفيرين السعودى والإماراتي.
حكومة حمدوك بعد أن تخلت عن الإشراف على ملف السلام وتسليم اللجنة الاقتصادية إلى حميدتي، وضعت مسؤولية حماية الانتقال على فولكر ، فمدد الرجل رجليه فانتج دستور (بلبج) والاتفاق الإطاري ، وأحدث أول شرخ رسمي بين قوى الثورة برعايته لمؤتمر قاعة الصداقة في أغسطس 2021م.
أسست العملية المختلطة للاتحاد الأفريقي والأمم لمتحدة في دارفور (يوناميد) في يوليو 2007 بناء على قرار مجلس الأمن رقم 1769، وكانت مهمتها الأساسية حماية المدنيين، والمساهمة في تأمين المساعدات الإنسانية، ومراقبة وتأكيد تفعيل الاتفاقيات، ومساعدة العملية السياسية المُتَضَمنَة، والمساهمة في تعزيز حقوق الإنسان وسيادة القانون، ومراقبة وإعطاء التقارير عن الوضع على طول الحدود بين تشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى، وبلغ عدد القوات حوالي 20 الفا من الجنود والضباط بينهم حوالي ألفي شرطي ، هذه القوة لم تفعل شيئا ، بل على العكس كانت تتواجد فى حماية الجيش السوداني، ولم تستطع حماية نفسها من الاعتداءات و معسكراتها من السرقات، ناهيك أن تقوم بأي دور لحماية المدنيين.
برغم هذه التجارب الأممية الفاشلة انبرى بعض السياسيين من تقدم والمنظمات التابعة لها فى تقديم المذكرات بطلب تدخل دولي لحماية المدنيين، وهي دعوة باطل أريد بها باطل.. نواصل.
29 أكتوبر 2024م

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق