مقالات
تنحي البرهان هو الصراط المستقيم لتفكيك الأزمة الأمنية الراهنة
بقلم/ عبدالله رزق أبوسيمازة:
مرة أخرى وليست أخيرة، تؤكد سلطة الأمر الواقع الانقلابية، عدم أهليتها في إدارة الشأن العام بكفاءة، مثلما تؤكد أن استمرارها في الحكم يشكل تهديدا لأمن البلاد واستقرارها مما يحتم عزلها بدلا من استيعابها في معادلة جديدة للحكم الانتقالي.
ويعتبر التلويح بحرب أهلية تكون العاصمة الخرطوم إحدى سوحها المحتملة، أحدث مظاهر فشل النخبة الانقلابية وأعلى مراحل الفلتان الأمني، الذي تعاني منه البلاد في شكل صدامات قبلية متواترة، وتفش للمليشيات الجهوية ونشاط متصاعد لعصابات الجريمة المنظمة، فضلا عن العنف المفرط الذي تواجه به السلطة المحتجين السلميين.
ويتحمل الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، بصفته قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة الانتقالي، كامل المسؤولية، لا عن الفشل الذريع لإدارته في الملف الأمني حسب، وانما عن مآلات الخلاف الذائع مع قائد وقوات الدعم السريع الذي استحال لأزمة أمنية خطيرة وما قد يترتب على ذلك من نتائج أيضا.
وينظر قطاع من المواطنين بعين الشك والريبة لهذه الأزمة الأمنية التي يحتقبها الخلاف المفتعل الذي طرفه البرهان مع قوات الدعم السريع، التي طالما أكد أنها خرجت من رحم القوات المسلحة، وتعمل بتناغم معها، ولأسباب هذا الخلاف وتداعياته، وإلى محاولات تجييش الرأي العام لجانب حرب وشيكة تدق طبولها فلول نظام المقلوع البشير وإغراق الساحة السياسية بأجندة تضليلية.
إن مسالة انتشار قوات الدعم السريع في مروي، القشة التي يبدو أنها قصمت ظهر التناغم العسكري-العسكري، والتي يسعى الانقلابيون لاستثمارها وتحويلها لقضية رأي عام مشحونة بالشعبوية الصخابة في مناخ عمدت قوى الردة على تهيئته كإطار نفسي وسياسي لصدام محتمل بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، هي مسألة فنية تخص العسكريين، ولا علاقة للمدنيين وتشكيلاتهم السياسية بها، وإن مفتاح هذه المسألة العسكرية المحضة بين يدي البرهان الذي سبق أن ألغى مادة في قانون قوات الدعم السريع، تضعها تحت إمرة القائد العام للقوات المسلحة.
ويكمن التحدي الذي يواجه قيادة البرهان، في معالجة هذه المسألة الفنية، بعيدا عن قعقعة السلاح والبيانات الملتهبة والتتريس بالحاويات أو العربات المدرعة، وبدون إخلال بالتزامه المعلن بالاتفاق الإطاري والأهم من كل ذلك بدون وساطات خارجية أو محلية، فقد اتخمت البلاد وهي تعيش منذ أكثر من عام ونصف العام على وقع الوساطات الخارجية خاصةوهي تدفع – سدى – بسلطة الانقلاب نحو الخروج من مأزقها ومن الطريق المسدود الذي رهنت له التطور السياسي للبلاد.
ومع ذلك يظل تنحي البرهان هو البوابة الرئيسية للخروج من أزمة انقلاب 25 أكتوبر وتداعياته الارتدادية.
قد لا يخلو أمر التدهور الأمني الجاري، بما فيه قرع طبول الحرب، من محاولة ابتزاز ضمني في إطار مسعى لمقايضة الأمن والطمانينة المفقودة بحزمة من مطامع الانقلابيين وحلفائهم من الفلول، تشمل التراجع عن أهداف الثورة ومطالب الشعب، والتنصل من تعهدات الاتفاق الإطاري والتزاماته، وضمان وجود الانقلابيين في السلطة، بما توفره لهم من امتيازات وحصانة من المساءلة وإفلات من العقاب، وإعادة بقايا النظام المقلوع البشير إلى المشهد السياسي.
وفي ظل هذه المناورات المتواترة التي برع فيها المكون الانقلابي، فإن مستقبل الاتفاق الإطاري إن كان له مستقبل، سيرتهن لحد بعيد بتنحي البرهان، كطرف غير مؤهل ليكون جزء من أي اتفاق بسبب سجله في نقض العهود.