عادل حسن:
أزعم في تودد بأن الغربة مثل صفعة من يد خادمة على وجه سيد قوم عزيز ومن قناعاتي بأن من يغادر وطنه مثل من يغادر رجولته ويمزق كرامته.
إن مذلة الغرباء تسهل أكثر من إفراغ علبة مياه غازية وقذفها في طريق مرور سريع
بداية من صالات الوصول المترفة بالجنسيات والمزدحمة بالمجهول وأنت تحمل آخر ختم لتأشيرة خروج الملاريا ثم بعثرة حقيبة أو سمسونايت سفرك ونشر حتي القطع الصغيرة للحسان أمام عيون مخلوقات المطار ثم تفتيش ذاكرتك وحتى ما تحت حبة البندول آه آه.
المطارات العربية تمتص صبرك وتكسر خاطرك مثل صرير الحقائب على الصالات لاشئ، في النهاية تغادر صالة الوصول وتترك كرامتك مبعثرة مثل بقايا ساندوتشات عمال النظافة الأجانب الذين حتي النوم يغافلهم وهم واقفين
وبعد ان تأخذ نصيبك من الإرهاق تلحظ بأن هناك اصحاب الجنسيات غير العربية تمت إجراءات الوصول لهم أسرع من افترار ابتسامة كذوبة فقط لأن جوازاتهم أوروبية أو لاتينية وملائكة رحمة هبطوا بلاد النفط.
إن اعتبارية الأجناس أو الجنسيات في المطارات العربية هي تأشيرة احترامك أو إذلالك.
وفي بلادنا هنا الدخول له أكثر من قانون وحتى حكمدار صالة الوصول تجده نائما وجواره مهمل صحن فول العشاء وعليه بقايا ملحق فتة وفي قرف مهني يمهر جوازات حتى الأجانب بختم الدخول باهت الحبر، ثم تفرغ الطائرة أحشائها من تخمة الجنسيات على عجل وتغادر معها سخرية بلهاء.
قد شربت ليالي المطارات من عيون سهرنا وانتفخت جوازاتنا باختام الأسفار وعانينا من مهانات وعجرفات مطارات العرب كسودانيين وحتى أفواج النزوح الأخيرة استقطعوا منهم إنسانيتهم على طريقة تاجر البندقية والدم البارد.
ولكن فقط نضيفها إلى أوراق مسافر ونبكي للدنيا بعمرنا الباقي لينا
وازيكم كتير.