مقالات
شكراً لإشعال الحرب.. عن الإمارات أتحدث
بقلم/ النذير إبراهيم العاقب
عندما قاطع الخليج دولة قطر الشقيقة والصديقة وأخت الخليج، كتبت قطر في كل لافتاتها في الشوارع، شكراً للمقاطعة، واستخدمت قطر سياسة نكتفي بما نملك، ونُوفِّر ما نحتاج، وحوَّلت أراضيها لمنتجات زراعية حتى حدائق المنازل أصبحت تنتج الخضروات الطازجة، وحتى تربية المواشي أصبحت الماعز السعانين للألبان، وليست للتباهي مثل جحش محمد بن راشد، أو تيس محمد بن زايد.
ضغطت قطر على إمكانياتها الذاتية، وأنزلت منتجات الخليج من أرفف مولاتها التجارية فوراً، مُعلِنَةً زهدها فيما يُنتِجه غيرها بل وأوقفت حتى الإستثناءات من دول الخليج، وتقدَّمت قطر وتجاوزت الخليج وخسر الخليج ما كانت تستورده قطر منه بمليارات الدولارات. وخسر الخليج في هذه المقاطعة أكثر مما كسب، بل كسبت قطر المعركة بقدراتها وإرادتها وعزيمتها وإنتصرت بتفوق كبير.
كذلك الأمر في اليابان بعد قنبلة هيروشيما إكتفت لعشر سنوات بحرمان العالم من إمكانياتها وكرست مجهودها في العمل الداخلي، بدءً من وقف هجرات عقولها وانتهاء بالصناعات الصغيرة، طوَّرَت زاتها من إمكانياتها فأصبحت رائدة العالم في الصناعة، وكل العالم نهض بعد كبوة وكل دولة عززت قيمتها بعد موقف حاد.
والآن نحن في السودان يجب أن نقول لغراب الشؤم بن زايد، شكراً لإشعال الحرب ونعود فوراً، لجذورنا وأول ما نفعله هو إيقاف الصادر للامارات نهائيا وأن لا يختم أي ورق صادر للامارات أي كان المنتج، بدءً من الذهب وإنتهاءً بالفول السوداني.
كما يجب إيقاف الإستيراد لأي منتجات تمر عبر مواني الإمارات ولو كانت ترانزيت، ويجب أن نعود إلى أكلاتنا الشعبية، ونُوقف إستيراد الكماليات من الإمارات وغيرها من الدول، ونعتمد على ما ننتج، نزرع بالأمطار ونكتفي من المحاصيل، ليكون لدينا مخزون إستراتيجي يعظم من إقتصاد السودان.
شكراً لإشعال الحرب، لنكتشف الكم الهائل من الخونة وبائعي الضمير الذين يساومون السودان بالفشقة وموانئ أبو عمامة وطريق المياه وهو بالأصح طريق تهريب موارد السودان.
شكراً لإشعال الحرب، حتى نكتشف الكم الهائل من الأحزاب الوسخة التي تعنيها أحزابها أكثر من السودان ويعنيها صوتها الذي يهتف داخلها أن الأسياد فوق البلاد.
شكراً لإشعال الحرب حتى نكتشف أن أفريقيا كانت جائعة في إتحادها لأملاك الشعب السوداني وأن منظمتها الأفريقية كانت عبارة عن منظمة مرتزقة أنيقة.
شكراً لإشعال الحرب لأنها أخبرتنا أن الجاليات الأفريقية والاثيوبية والافروعربية بالخرطوم كانت عبارة عن مرتزقة ولصوص وعاهرات وبائعي أثاث منازل الخرطوم.
شكراً لإشعال الحرب لنكتشف أن بالسودان موارد من أجلها يخون المسلم أخاه المسلم ويخون السوداني أخاه السوداني.
شكراً لإشعال الحرب يا مجتمعنا الدولي، لنتعلم أن عدالة أمريكا ظلم، وأن ديمقراطيتها دكتاتورية، وأن الرفق بالحيوان عندها دعاية ترفيهية في مجتمعات تستدر بها عواطفها لتدفع.
شكراً لإشعال الحرب لنتعلم من الصديق ومن العدو ومن الحليف، وشكراً لإشعال الحرب، لنعلم أن دبي عاصمة العهر هي وكر الخيانات الوطنية يقودها أكبر خائن مستعرب يسمى بن زائد يمضغ علكة القضية العربية بإسلوب وضيع لا يشبه الدم الفلسطيني ولا السوداني.
شكراً لإشعال الحرب، حتى نتعلم أن الدين لا يجمعنا وأن العروبة يمكنها أن تخون، وأن الهوية العربية أرخص من شرف العاهرات.
شكراً لإشعال الحرب ليتعلم السودان أن ما بداخله يكفيه مدى الحياة ولو عدنا إلى عهد المرحاكة والساقية سوف نصنع مجد مُخَلَّد لا تكسره المجاعة ولا تخيفه الولاءاات مادامت السماء تمطر.
شكراً لإشعال الحرب لنعيش مرة بكبرياء لا يكسرها خونة الرأسمالية ولا أصحاب المشاريع الاستثمارية الذين يديرون مائدة الشعب السوداني بقوانين الاحتكار وسياسات التجويع الذاتية.
إن لم نتعلم من هذه الحرب كيف نكسر قانون الإحتكار أو كيف نقاتل بالاقتصاد فالنكن على يقين أننا شعب أعزل.
هذه الحرب منحة ان عاشها الشعب السوداني وحكومته بإيجابية قطر، وهي محنة إن لطمنا خدودنا كالجواري ونحن نلعن بعضنا البعض.
ما يجب أن نتعلمه من هذه المنحة كيف نديرها بحسابات المصالح، ولتسقط كل قوانين العالم، فالقاتل لا يقتل إلا حينما يكون مأجور وعميل وخائن.
هي الحرب نعيشها الان وسننتصر طال أمد الحرب او قصر ولكن العبرة في الانتصار الأخلاقي.. فالامم بلا أخلاق حمير أنيقة.
إن لم تسقط كل مبررات الحرب فالنعلم اننا شعب على رقعة شطرنج يديره لاعبان تزجية عن أنفسهم، أحدهم المنغولي ود زايد.
بهذه الحرب سقطت جميع الأقنعة.. ولا ورقة توت تواري عورة الكذبة العربية.