مقالات
اللهم كن لأهلنا المكابراب
بقلم/ محمد على حامد الراو:
تحركنا عقب الإفطار من خلاوي أهلنا السادة المجاذيب، ومن مسجد الفكي عبد الله النقر بالذات لزيارة بني العمومية أهلنا المكابراب، بوفد يمثل الأهل المحاذيب بقيادة مولانا فضيلة شيخ المأمون مجذوب محمد الأمين إمام وخطيب المسجد الكبير بالدامر والدكتور محمد المجذوب البشير عميد أسرة السادة المجاذيب بالبلاد والأستاذ حمد المامون منصور والأستاذ ابراهيم حسن البشير أحمد جلال الدين
والباشمهندس سامي عمر النقر جلال الدين
والأستاذ الوليد الزين أحمد النور
وشخصي، بهدف وصول أهلنا المكابراب ومواساتهم في المصيبة التي نزلت بهم جراء السيول الجارفة التي ضربت قريتهم ومزارعهم وعند وصولنا إلى هناك وجدنا الجميع مجتمعون في مبني مركز الشباب خارج القرية.
ولقد قابلنا الأهل المكابراب كلهم الشيوخ والرجال والشباب حتي الأطفال الصغار بالترحاب شديد والبشاشة كأنهم في يوم عرس وفرح أخفت بشاشتهم وتجلدهم وصبرهم ملامح الأسى والمعاناة،
ووجدنا معهم مجموعة من الأهل من منطقة سيدون مما يؤكد قوة الترابط والمحبة بين مكونات هذه المحلية ومازالت الوفود تتقاطر عليهم كل ساعة زرافاتا ووحدانا وعند وصولنا للمكابراب كان الوقت يقترب من منتصف النهار ولفح حرارة الشمس الحارق يضرب كل مكان وجدنا الأسر والاطفال هناك تحت الأشجار والرواكيب والبروش وجدران البيوت المتصدعة
يقدمهم الأستاذ عمر الجلال والاستاذ السر
والاستاذ السر الاسد وكوكبة من الشباب المتفاني، والكل يردد الحمد والشكر لله في صبر ورضا بأمر الله.
ولله درهم فقد فازوا ببشارة الله لهم بقوله -تبارك وتعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}
نعم انها مصيبة كبيرة ولكن من عظيم رحمة الله بهم ولطفه وعليهم أن هذا السيل الجارف داهمهم ضحا بعد الساعة العاشرة صباحا ولو كان بليل لكانت الخسائر كارثية جدا يقول محدثي الاستاذ السر إنه لا أحد يستطيع أن يصف لك ذلك المشهد إلا من شاهده لقد كان الوضع كارثيا حقا كانت المياه تندفع بارتفاع متر ونصف تحطم كل جماد وشجر وتطرد الناس أمامها وكان الشباب مثل صقور الجو يخطفون كبار السن علي العناقريب والاطفال علي الأيدي إلى المرتفعات في مشاهد بطولية
وكان المنزل لا يصمد أمام السيل سوي ثلاث أو أربع دقائق ثم يهوي علي ما بداخله من متاع لأن الناس كان همها الأرواح وكل ماسواها فليزول.
يا سلاااام
لقد تلقى المكابراب المصاب بعزم وتكاتف وترابط وإيثار ورغم كل هذا فالبلد أمان والكل مطمئن لا سرقة ولا نهب ولا تعدي ولا نزاعات.
المحاصيل الزراعية وأكبرها البصل المخزن انجرفت للنيل معظم الحيوانات نفقت
أكثر من 250 بيت اتمسحت والبقية تصدعت ولايمكن الجلوس تحتها
المراحيض طمست والكهرباء قاطعة تماما لا حطب ولا نار ولاغاز ولا ماء وكلهم يمتهنون الصبر ويرددون الحمد والرضا بقضاء الله
المطلوب اليوم قبل الغد أولا وعاجلا
المأوى الخيام و الطعام والحمامات المتحركة وملابس الأطفال العلاج والأواني المنزلية مشكلة أهلنا أنهم لا يطلبون مثل هذه الضروريات فعزة نفوسهم وسماحة طبعهم لا تطاوعهم أن يقولوا نريد ونريد ولكنه حقهم عند من ولاه الله عليهم
حق وليس منة ولا هبة ولا فضل من أحد
ولكنهم يصمتون سماحة فاليجهر بمطالبهم كل صاحب قلم الآن قباتي منكوبة والعالياب مضروبة والدامر مكلومة َوالمناصير تهدمت والزيداب تضررت
كل هؤلاء يلوكون الصبر في إباء وشمم
ويجيش في صدورهم الإيمان يرجون رحمة الله في أن يبدل نغمتهم نعمة وهو القادر علي ذلك وإن ثوابها محفوظ عند الله كما بشرنا الصادق المصدوق بالحديث الصحيح
الذي يرويه أبو سعيدٍ الخدري رضيَ الله عنه، عن النَّبيِّ – صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: ((مَا يُصيبُ المُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ، وَلاَ وَصَبٍ، وَلاَ هَمٍّ، وَلاَ حَزَنٍ، وَلاَ أذَىً، وَلاَ غَمٍّ، حَتَّى الشَّوكَةُ يُشَاكُهَا إلاَّ كَفَّرَ اللهُ بِهَا مِنْ خَطَاياهُ ))
اللهم كن لأهلنا في المكابراب في الفاجعة التي حلت بهم و لا تكلهم إلى أنفسهم ولا إلى غيرهم، من المنظمات والحكومات وكِلهم ربنا إلى سعة رحمتك وحفظك
يا كريم نسألك يا ربنا أن تعينهم وتصبرهم وترحم موتاهم وتشف جرحاهم
وتعوضهم مافقدوه من الأنفس والثمرات والأنعام وتجيرهم في مصيبتهم وتبدلهم خيرامنها وان تجنب الجميع المصائب والمحن والفتن ماظهر منها ومابطن
آمين.