إخلاص نمر:
وضع الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غويتريش، زعماء وقادة العالم أمام خيار واحد واضح أردفه بشرط أكثر وضوحا -ربما يصعب البت فيه أو ربما يجنح البعض كالعادة إلى التأجيل- وذلك عند مخاطبته لهم في مؤتمر المناخ كوب 29 الذي تجري فعالياته في العاصمة الأذربيجانية باكو.
وقال غويتريش “يجب على العالم أن يدفع، وإلا ستدفع البشرية الثمن”.
ويصنف العلماء هذا العام بأنه الأكثر سخونة على الاطلاق، وأن الاحتباس الحراري يظهر جليا الآن، وربما يكون العالم قد وصل بالفعل إلى 1.5 درجة مئوية من الاحترار فوق متوسط درجة الحرارة قبل الصناعة .
وبينما يركز مؤتمر المناخ هذا العام على جمع مليارات الدولارات لتمويل جديد للمناخ والتحول إلى الطاقة النظيفة والحد من الانبعاثات المتكررة، نجد أن رئيس جمهورية أذربيجان الهام علييف يدافع بشدة عن استغلال دول العالم مواردها من النفط والغاز ويؤكد علينا استغلال مصادر الطاقة التقليدية وهي ثروة تملكها بعض الدول وتنقلها إلى الأسواق،، والأسواق بحاجة إليها.
نجد أن اتفاق الدول في كوب 28 الذي انعقد في الإمارات العربية المتحدة العام الماضي، كانت إحدى ركائزه الانتقال بعيدا عن الوقود الاحفوري، إلا أنه من المتوقع الآن انبعاث أكثر من 37 مليار طن في هذا العام 2024. وتشكل الصين وحدها زيادة في استخدام الغاز الذي يشهد حاليا انبعاثا بزيادة 2.4٪ أما الرحلات الدولية الجوية، فقد بلغ احتراق النفط فيها 0.9٪، والهند بلغ حرق الفحم فيها 4.6٪.
يبدو أن تعقيدات وعقبات كثيرة مازالت (تتمترس) أمام حلول (يتمناها) غويترش بنهاية الليلة الختامية، ليلة الثاني والعشرين من نوفمبر 2024.
أضف إلى ذلك تلك المخاوف التي تسري الآن في كوب 29 من انسحاب بعض الدول، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية بعد فوز ترمب، والذي تعهد بالانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ للمرة الثانية، وربما وقبل أن تغيب شمس الغد، يطوي ترامب أوراق دولته ويغادر إلى غير رجعة، لكن نجد أن خافيير ميلي رئيس الارجنتين، طلب من وفد حكومته مغادرة مدينة باكو بعد ثلاثة أيام من بدء المؤتمر، فخافيير الذي تعاني دولته من حرائق كارثية للغابات بسبب تغير المناخ، وارتفاع درجات الحرارة والرياح وقلة الأمطار، فقدت فيه الارجنتين 40 الف هكتار من الغابات كما تدمرت المناطق السياحية
والغابات المحلية وهو صاحب المقولة إن أزمة المناخ “كذبة اشتراكية”.
لا اعتقد أن كوب 29 سيحسم (النتيجة) النهائية لصالح الكوكب، رغم نداءات الأمين العام للأمم المتحدة، فالدول المتقدمة لايمكن أن تتخلى عن الفحم بسهولة رغم التعهد بذلك وتحديد المدة الزمنية للنهاية ورغم التزام 101 دولة رسميا بعدم استخدامه أو التخلي عن أي خطة لاستخدامه وذلك منذ مطلع هذا العام.
وهنا على الدول المتقدمة أن تتحمل مسؤوليتها كاملة في تمويل المشروعات المناخية الجديدة لمواجهة تداعيات وآثار التغير المناخي، كذلك على الدول النامية الشريكة في الانبعاثات -الصين اكبر مصدر لانبعاث ثاني اكسيد الكربون في العالم حاليا- المساهمة في التمويل الجديد للمناخ حتى لانفقد الكوكب وحقوق الأجيال القادمة والحالية وحتى ينعم الجميع في كوكب معافى.
وأخيرا فإن محاولات الأمين العام للأمم المتحدة من وجهة نظري لن يحالفها الحظ ولن يسرع القادة والزعماء إلى دفع المال، تجنبا لأي كارثة قادمة أو حالية فهذا (السيناريو) طال طرحه ولم يجد الاستجابة المطلوبة والملحة وهاهو يعيدها غويتريش الآن في باكو ، فهل ياترى سيصدر القرار الأخير مفعما بالإيجابية؟.