مقالات
يسألونكم عن الفيتو الروسي ضد مشروع القرار البريطاني حول الحرب التي تدور في السودان
بقلم/ برير إسماعيل:
هل كانت بريطانيا فاعل خير عندما قدَّمت مشروعها قرارها هذا ؟ و هل هناك دولة عبارة جمعية خيرية مهمتها الأساسيى تقديم الأعمال الخيرية للناس في كل العالم إبتغاء مرضاة الله و في إنتظار يوم القيامة ليدخل جميع المسؤولين في هذه الدول جنات الفردوس الأعلى بعد أن رضي الله عنهم و أرضاهم.
هل مشروع القرار البريطاني الذي سقط كان يعني بصورة أوتوماتيكية بأنه سيوفر الحماية للمواطنين المدنيين في كل السودان؟ و هل مشروع القرار البريطاني الذي سقط كان يعني بأنه سيوفر المعونات الإنسانية و أن كل الأمور ستكون في صالح المتضررين من الحرب في السودان. ؟
هل تحقق الأمن و وصلت المعونات الإنسانية للمتضررين من الحرب في دارفور عندما كانت القوات الأممية متواجدة هناك وفقا للبند السابع ؟
ما هي النماذج الدولية الناجحة لحماية المواطنين المدنيين المتضررين من الحروب في أي مكان في العالم في حالة غياب الإرادات السياسية و المدنيَّة و الجماهيرية في هذه الدول ؟
إذا كانت الأسرة الدولية جادة في حماية المواطنين المدنيين في كل أنحاء السودان فلماذا لا تتقدم بريطانيا نفسها بمشروع قرار هدفه معاقبة الأمارات العربية المتحدة الممول الرئيس بالسلاح و بأشكال الدعم المختلفة لمليشيا الجنجويد بقيادة عيال دقلو؟ و لماذا لم تتقدم بريطانيا حاملة القلم في مجلس الأمن بمشروع قرار ضد مصر الداعمة للبرهان و من معه إن كان الهدف من مشروع القرار نبيلا وهو وقف الحرب و توفير الحماية و المعونات الإنسانية للمتضررين من الحرب؟
و لماذا لم تتقدم بريطانيا بمشروع قرار هدفه فك حصار مليشيا الجنجويد لمدينة الفاشر لأن الجنجا هم المعتدين على سكان هذه المدينة الصامدة و الباسلة ؟
و لماذا لم تتقدم بريطانيا بمشروع قرار لمعاقبة الجارة تشاد التي ظلت تخدم الإجرام الأماراتي ضد المواطنين المدنيين السودانيين الأبرياء عبر مطار أم جرس وفقا لتقارير دولية و ليست سودانية ؟
و لماذا لم تتقدم بريطانيا بمشروع قرار هدفه إعتبار مليشيا الجنجويد بقيادة عيال دقلو منظمة إرهابية صنعها الكيزان لتحقيق مكاسب سياسية وضيعة سيما بعد الجرائم العديدة التي إرتكبتها ذات مليشيا الجنجويد في دار أندوكة و في شرق الجزيرة و في الخرطوم بعد إندلاع حرب 15 أبريل 2023م و قبلها في دارفور في وقت سابق عندما كان السفاح البشير المطلوب سودانياً و دولياً في السلطة ؟
لماذا لم تتقدم بريطانيا بمشروع قرار هدفه تسليم المطلوبين دولياً للاهاي ؟ و لماذا تتقدم بريطانيا بمشروع قرار هدفه تجريم قادة مليشيا الجنجويد الذين إستباحوا دماء المواطنين المدنيين الأبرياء منذ إندلاع حرب 15 أبريل 2023م و قبل ذلك في دارفور ؟
لماذا لم تتقدم بريطانيا بمشروع قرار هدفه حظر الطيران الحربي و حظر توريد الأمارات العربية المتحدة للأسلحة إلى مليشيا الجنجويد بقيادة عيال دقلو؟
و لماذا لم تتقدم بريطانيا بمشروع قرار هدفه معاقبة إسرائيل و توفير الحماية والمعونات الإنسانية للمواطنين المدنيين الفلسطينيين المتضررين من الحرب الإسرائيلية الحالية حتى تكون بريطانيا متسقة في مواقفها في الأسرة الدولية؟
هل تمت معاقبة روسيا التي هي في حالة حرب ضد أوكرانيا؟ و من الذي يدعم أوكرانيا بالسلاح و الخطط الحربية في حربها ضد الروس؟ و كيف ستوقف الأسرة الدولية الحرب بين روسيا و أوكرانيا و بين إسرائيل و فلسطين من أجل حماية المدنيين في هذه الدول.؟
أين الأسرة الدولية من معاناة المواطنين المدنيين الليبيين و العراقيين و الصوماليين و الفلسطينيين …إلخ ؟
و لماذا لم توفر الأسرة الدولية المعونات الإنسانية للمتضررين من الحرب في السودان و المتواجدين حاليا في جبال النوبة و في معسكر أدري في تشاد و في المعسكرات يوغندا و أثيوبيا التي فرضت عليهم غرامات مالية عالية زادت من معاناتهم؟
خلاصة رأيي أن الأزمة السودانية الحالية لا يمكن حلها عبر الحِيل الدولية الإنتقائية كما في حالة مشروع القرار البريطاني الذي أسقطه الفيتو الروسي و لكن يمكن حلها في حالة توفر الإرادات السياسية و المدنيَّة و الإجتماعية السودانية و بمعنى آخر يجب على كل أهل السودان أن يتحملوا مسؤولية إيجاد الحلول السياسية و خلافها لقضاياهم لأن الأسرة الدولية لا تؤمها جمعيات خيرية و إنما تقودها دول إمبريالية كبرى و أخرى تمومة جرتق ظلت تسترزق أنظمتها الشمولية من وراء الدول الكبرى و في حالة أن فرط أهل السودان في بلدهم و إنتظروا حلولاً أقليمية أو دولية فلن تقوم لهم قائمة إلى يوم الدين و ستكون البلاد مسرحا للصراعات الأقليمية و الدولية أي أن دولة لديها مشكلة مع أخرى ستقول لها يلا دعونا نتقابل في السودان لكي نصفي حساباتنا هناك ! .
يجب أن تبحث الناس بهدوء عن مصلحة بريطانيا من وراء مشروعها قرارها الذي سقط أي ما هي الأهداف البريطانية الإستراتيجية من مشروع القرار الذي أسقطه الفيتو الروسي؟ و ما هي مصلحة روسيا نفسها ما هذا الفيتو لأن روسيا ليست تكية الشيخ الطيب علي المرين في الهلالية المغدور بها من قِبل الجنجويد و كما يجب على كل مكوِّنات قوى الثورة السودانية المجيدة السِلِّمية و المسلحة معاً أن تبحث مع بعضهما البعض عن الراعي الرسمي في (مجلس الأمن) للأمارات العربية المتحدة الممول الأساسي لمليشيا الجنجويد بقيادة عيال دقلو و سيتعرف الجميع على كل الألاعيب السياسية التي جعلت بريطانيا تقدم مشروع القرار الذي سقط و كما سيعرف إن للأمارات و ججنجويدها مصلحة في مشروع القرار البريطاني الذي سقط بسبب الفيتو الروسي أم لا ؟
في تقديري أن المتضرر الأول و الأخير من سقوط مشروع القرار البريطاني هي الأمارات العربية المتحدة و عيال دقلو قادة مليشيا الجنجويد و (تقدُّم) و بريطانيا نفسها الراعي الرسمي لهذا الثالوث الأعظم و في ذات السياق فالخسران الأكبر هو البرهان نفسه و من معه و لكن خسارتهم الكبرى سوف يتم تأجيلها إلى وقت لاحق و أما الكسبان الأكبر من ممارسة الفيتو الروسي ضد مشروع القرار البريطاني هي الحركة الجماهيرية السودانية الثائرة و القوى السياسية و المدنيَّة و الإجتماعية الواعية صاحبة المصلحة الحقيقية في التغيير في البلاد و السبب في هذا المكسب هو أن الكرة أصبحت الآن في ملعب كل مكوِّنات قوى الثورة السودانية المجيدة السِلِّمية و المُسلَّحة لكي يتحمل الجميع مسؤولية تقديم الحلول السياسية التي هدفها وضع نهاية للحرب و إنتصار الثورة و محاسبة جميع المجرمين الكيزان و جنجويدهم و من والاهم بإجرام .
مجمل القول هو أن وقف هذه الحرب ووضع نهاية لها قرار سياسي و مدني سوداني راشد مسنوداً بقوة دفع جماهيرية و إن كانت الأسرة الدولية جادة في مسعاها للمساهمة في وقف الحرب الجارية الآن في السودان فيجب عليها أن تمارس الضغط على كل الأطراف المتحاربة و أن تعاقب الممولين الأساسين و الجنجويد الذين يهاجمون الناس في مناطق سكنهم تحت ذريعة محاربة الكيزان مع أن الكيزان يسيطرون على كل مفاصل صناعة القرارات السياسية و العسكرية و الإقتصادية في داخل مليشيا الجنجويد نفسها و لو ألقت الناس نظرة على الإعلام الجنجويدي ستجد بأن كل الكوادر التي تديره كيزانية لأن سبب تواجدها مع الجنجويد هو أن الصراع داخل المنظومة الكيزانية الإجرامية الكبرى أصبح ما بين كيزان البحر و كيزان القيزان الأمر الذي تسبب في عودة كل كوز إلى أهله و عشيرته و جهويته.
*تساؤلات مشروعة ذات صلة مباشرة بالفيتو الروسي ضد مشروع القرار البريطاني:*
نتساءل عن لماذا يحق لخمس دول فقط من العدد الكلي للدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 دولةً ممارسة حق الفيتو ؟ و لماذا لا يكون لكل دولة صوت واحد فقط تمارسه عند الحاجة إليه و فقاً لمصالحها و دعماً للقضايا التي تهم الأسرة الدولية حتى يتساوى الجميع في الحقوق و الواجبات ذات الصلة بالعضوية؟ و هل كان الموقف الروسي ضد مشروع القرار البريطاني لصالح المكوِّنات السودانية فقط دون غيرها من الدول بما في ذلك مصلحة روسيا نفسها؟
إستخدام الفيتو في الأمم المتحدة لا يمكن أن تتم قراءته عبر هذا أبيض و ذاك أسود بل هو أكثر تعقيداً من ذلك بكثير و للمفارقة الغريبة لقد ظلت العديد من الشعوب تدفع ثمن التعقيدات التي تسبق إصدار القرارات في الأسرة الدولية التي تقودها في واقع الأمر الدول الأمبريالية الكبرى و لا تقودها معظم الشعوب لأنها لا تحكم نفسها بنفسها وفقا لإراداتها و إنما يحكمها مجموعة من العملاء و اللصوص و المجرمين و برعاية الدول الكبرى نفسها صاحبة حق النقض/الفيتو في مجلس الأمن.
سيأتي اليوم الذي سيتم فيه إلغاء حق الفيتو ليكون لكل دولة عضوة في الأمم المتحدة صوتاً واحداً فقط لا غير حتى تتساوى جميع الدول في الحقوق و الواجبات وسوف تلغي الشعوب حق الفيتو و ستكون العضوية في مجلس الأمم غير دائمة لجميع الأعضاء و سوف يتم إتخاذ القرارات في الجمعية العامة للأمم المتحدة بالتوافق أو الإجماع أو بالأغلبية و أما القرارات التي سيصدرها مجلس الأمن فستكون لصالح كل الشعوب و لن يكون هناك حق فيتو لإلغاء التوافق أو الإجماع أو صوت الأغلبية كما فعلت روسيا و حينها ستكون كل الحكومات في العالم منتخبة ديمقراطياً و ممثلةً لكل الشعوب و ستنتهي حتماً غطرسة الدول الكبرى على معظم الشعوب التي كانت ظلت تمثلها في الجمعية العامة للأمم المتحدة و في مجلس الأمن الأنظمة الشمولية و الديكتاتورية والإستبدادية التي وفرت لها ذات الدول الكبرى الحماية من شعوبها الثائرة ضدها لعشرات السنين.
برير إسماعيل
19 نوفمبر 2024م