تحقيق- حنان الطيب:
يحتفل العالم من كل عام بشهر أكتوبر الوردي شهر التوعية بمخاطر سرطان الثدي، وهي مبادرة عالمية بدأت في أكتوبر ٢٠٠٦، لرفع الوعي والتعريف بالمرض، الأعراض، التشخيص، العلاجات والحد من الوصمة الاجتماعية وضرورة الكشف المبكر بالذهاب لمراكز الفحص.
وأكدت التقارير الطبية أن نسبة الشفاء من المرض تصل مابين (٩٥٪ – ٩٦٪) في حالة الاكتشاف المبكر وإصابة 10٪ سنويا من النساء حول العالم.
كشفت احصاءات مستشفى مدني للأورام ، استقبال مابين ( 250 _ 300) حاله جديدة بقسم الأطفال سنويا. وحوالي 3000 حالة جديدة سنويا من الكبار، و تضاعف أعداد المرضى لأكثر من 3 أضعاف بعد الحرب، وارتفاع تكاليف علاج الكيماوي لمبلغ ثلاثة مليار جنية بمركز واحد وما خفي أعظم.
ورغم معاناة السودانيين من النزوح واللجؤ بسبب الحرب، إلا أن الإحتفالات بشهر أكتوبر الوردي للتوعية بمخاطر المرض كانت حاضرة في مراكز الإيواء ووسط المجتمعات.
قصص وحكايات لناجيات..
في هذا التحقيق نسرد قصصا وحكايات بطعم الشهد والأمل والتفاؤل لناجيات شفين من المرض نتيجة التشخيص المبكر مع رحلة العلاج بتحدي كل الظروف رغم المعاناة ، وهن يرددن عبارة (افحصي بدري تسلمي) كن مصدر أمل والهام وقوة لغيرهن من الذين تم تشخيصهم ، سطرن صمودهن وصبرهن أمام هذا المرض الذي يصفه الكثيرون (بالموت البطئ وسارق الفرح ) ولا شفاء منه ولعبن دورا كبيرا وسط المجتمعات برفع الوعي والتشجيع على أهمية الكشف المبكر، والالتزام بمواظبة العلاج وعدم اليأس .
قصص تمزق انياط القلوب..
بجانب قصص وحكايات بطعم الدم لمرضى السرطان في السودان بسبب الحرب اللعينة، بين نقص العلاج وارتفاع تكاليف الجرعات وعدم التشخيص، ورحلة السفر أيام وليال للوصول لمراكز العلاج، وأحيانا عدم توفر الجرعات، ومن ثم تبدأ رحلة البحث والمعاناة مره أخرى، وهناك من فارق الحياة وهو يصارع المرض داخل منزله والبعض في الشوارع والطرقات وبمراكز الإيواء ، وتعرض بعض المصابات للاغتصاب. وعدم تحمل تكاليف الجرعات التي وصلت لحوالي ثلاثة ملايين جنيه سوداني، وتحول الظروف دون توفيرها في ظل الحرب والضغوط المادية والمعيشية وانعدام الأمن والأمان وعدم وجود مصدر دخل لرب الأسرة وفقدان العائل ناهيك عن تكاليف السكن التي وصلت ملايين الجنيهات والإعاشة وغيرها، فإلى مضابط التحقيق الذي كشف المفرح و المحزن والمؤلم والمبكي..
بالوعي نناهض السرطان…
بداية حكت الأستاذة ليمياء متوكل مذيعة ومقدمة برامج بإذاعة وتلفزيون السودان الناجية من مرض سرطان الثدي رحلتها مع المرض قائلة (بالوعي نناهض السرطان) نبهت الجميع لقيمة واهمية الفحص المبكر الذي يلعب دورا كبيرا في الشفاء،وعدم إلياس والاستسلام ، تابعت أصبت بالمرض في العام٢٠١٨، وكانت الصدمة كبيرة عند التشخيص خاصة و الاعتقاد السائد لاشفاء من المرض، سافرت إلى القاهرة لاستكمال رحلة العلاج ورغم المعاناة من علاج الكيماوي، شفيت تماما تم استئصال جزء من الثدي فالمرض في مراحله الأولى .
هاجمتني مخالبة….
قالت بعد أن رست إبرة الكيماوي في يدي هاجمتني مخالب لاترحم في كل خلايا جسمي حارقا كل شيء، وكنت أشعر بكل النيران بدواخلي، بكيت بكاءا صامتا، وتملكتني مشاعر مختلفة ومختلطة من التحدي الخوف الاستسلام والرغبة الشديدة في المقاومة، حائرة منهكه القوى لاحظت أن سوادا بدأ يظهر في كل اظافري وباطن الأرجل ولم أعد أميز بين نكهات الطعام فجميع الأطعمة (بمرارة الحنظل) في كل وجبة اتفادى تناول أكثر من ملعقتين أو قطعتين لخوفي من القيئ واحساسي أن روحي ستخرج معه. ونزول مناعتي لدرجة مخيفة، أشعر أن راسي سينفجر، وأنا منهكة كنت اقرأ في (قوقل) عن المرض إمكانية الشفاء والغذاء والعلاج ومتي يموت مريض السرطان.
الدعم َالنفسي..
تقول ليمياء كانت رحلة علاجي في فصل الشتاء القارس والليل طويلا رتيبا مملا، كنت أنام بقرب امي واتساءل من أين أصابني هذا المرض وليس للأسرة تاريخ مرضي. كنت أعتقد بانني ساعود لوطني محمولة (بصندوق الموت) وعندما وقفت أمام المرآة وجدت شكلي بلا حواجب ورموش وشعر، امي صرخت تماسكت لو انهرت ستنهار امي فيجب أن أقوى واصرع البرد والمرض ، راودتني ونازعتني جمل وعبارات هل سياكلني المرض، لأنه الأخطر وهناك من خسروا الجولة وفارقوا العالم، ولكن كلما أتذكر كلمات التطمئين والدعم النفسي من الزملاء والأصدقاء والأهل والأحباب بالكثير من العبارات ما تخافيش بكرة تبقي زي الفل المرض( أجر وعافية) لازم تكوني قوية عشان جمهورك منتظرك والمرض في بداياتة وتمت السيطرة علية وغيرها شفيت، وعدت للسودان وسط إستقبال حاشد في المطار و لجمهوري من خلال الشاشة والمايكرويف وتوعية الجمهور بالمرض وأهمية الفحص المبكر.
اجمل أنثى ….
واصلت ليمياء كنت (صلعاء) لمدة سبعة أشهر نتيجة لعلاج الكيماوي واعتقد كنت الأجمل في حياتي وكاجمل أنثى في العالم، وعلى استعداد ان أفقد شعرى وكل شي من أجل الشفاء فقط. اردفت بالوعي نناهض السرطان والبقاء للأقوى في معركة السرطان، نبهت على اهمية الفحص المبكر.
حمامة أمل…
فيما روت نون عثمان البالغة من العمر ٣٥ عاماً رحلتها مع المرض قائلة اكتشفت المرض مبكرا من خلال الجلسات الحوارية بما يعرف بجلسات (القهوة) التي تقام داخل الأحياء للتوعية بالعديد من القضايا من ضمنها التوعية بسرطان الثدي من إحدى الناجيات، صمدت وصبرت وهزمت المرض بالكشف المبكر والعلاج وعدم إلياس، اصبحت حمامة الأمل للكثيرين من الأشخاص الذين تم تشخيصهم ،نوهت أن الجانب النفسي للمريض نصف العلاج، بجانب الكشف المبكر والالتزام بتعليمات الطبييب والغذاء الجيد.
غير مرتبط بالوصمة الاجتماعية..
تحدثت نون عن صبرها على الم الكيماوي و آثاره على الجسم والشعر وغيرها ،وجدت الدعم والمساندة من زوحها و اسرتها والصديقات.لافته لعدم ارتباط المرض بالوصمة الاجتماعية أو الجينات (التاريخ العائلي) للمريض ولكنها تلعب دور ، أشارت لعدم وجود تاريخ مرضي في الأسرة.
ليست كل الأورام خبيثة..
من جانبها سردت الأستاذة فاطمة عمر البالغة من العمر ٦٠ عاماً تجربتها مع المرض وتعافيها، قائلة أصبت بالمرض في العام ٢٠٠٥، بظهور حبة في الثدي اكتشفتها بالصدفة، أثبت التشخيص اصابتي بالمرض ، ولم يخبرني أبنائي بإصابتي بمرض السرطان في بادئ الأمر خوفا على حالتي النفسية، وعندما تقرر استئصال الثدي تم إخطاري ولم ينتابني أي نوع من الخوف بل كنت أقوم بتطمئين أسرتي ، وكانت الشفقة والخوف والقلل من قبلها كبيرة، وقيامي بتصبيرهم وتطمئنهم كل شى بإرادة ربنا، لعب الجانب النفسي دورا في إكمال شفائي .
حوالي ١٩ عاما..
أشارت لإجراء العملية في القاهرة ومواصلة العلاج في السودان، بالفحص الدوري كل ستة شهور وامارس حياتي بصورة عادية وطبيعية. ناصحة مرضى السرطان بالصبر وعدم الياس والكشف المبكر في حالة ملاحظة او الشعور باي أعراض أو علامات وليست كل الأورام مرض خبيث. ناشدت بالإسراع لمقابلة الطبييب لكي لا تتحول لمرض خبيث، واصبحت أشارك تجربتي في المجتمع وفي شهر التوعية.
بسبب الخوف…
من ناحيتها سردت (ن، م) رحلتها مع سرطان الثدي الذي اصيبت به منذ خمس سنوات، وتخوفها من التشخيص، لاعتقادها أنها حبة عادية حبة( لبنية) خاصة وأنها كانت مرضعة ولم تشكو من الم أو تغييرات، أثبت التشخيص إصابتها بالمرض وفي الطور الثالثة وبحجم ثلاثة سنتمترات، ولم تفقد الأمل في الشفاء، قالت بدأت رحلة العلاجات واستقرقت زمنا لتأخر التشخيص بالجرعات والعلاجات وإجراء العملية ومواصلة العلاج، وبروح عالية رغم المعاناة من جرعات الكيماوي واثارة الجانبية ونزول المناعة أحياناً ، مما يؤدي لتاخير الجرعة. َوتمت السيطرة على المرض ناصحة بعدم الإهمال لتقليل فترة العلاج.
في مركز الايواء..
حكت والدة مي حسن التي فقدت والدها في الحرب بألم شديد معاناتهم من رحلة النزوح و مرض ابنتها البالغ من العمر٢٠ عاماً ، قائلة فارقت الحياة في مركز الإيواء مع صراع مع المرض نتيجة لانقطاع الجرعات، وباءت المحاولات بالفشل لتوفير تكاليف العلاج في مركز مروي بسبب الحرب والظروف المادية، مما زاد الطين بلة الحرب التي دخلت عامها الثاني وكانت التشخيص قبل الحرب .
إنقطاع العلاجات..
فيما قالت ( ع، س ) اصيبت ابنتي البالغة من العمر ٢٥ عاماً بسرطان الثدي، نزحنا بعد حرب الخرطوم إلى عطبرة وانقطاع العلاجات وصعوبة الحصول على جرعات الكيماوي وحقن (Herceptio) التي لم تكن متوفرة قبل الحرب من قبل الحكومة، وشرائها من القطاع الخاص بسعر باهظ حوالي ٧٠٠ ألف جنية، وكان حجم المعاناة كبير ة في توفير العلاجات وإجراء الفحوصات، وانقطاع جميع العلاجات المتمثلة في(الزوميتا والكيماوي والحقنة وغيرها) والغذاء الجيد.
اغتصابها…
قالت بألم شديد مابين معاناة النزوح وانقطاع العلاجات، تم اغتصابها من قبل مليشيات الدعم السريع، في رحلة النزوح بحثا عن العلاج والأمن والأمان ، وبعدها فارقت الحياة لتدهور صحتها . ناشدت (ن) الحكومة القادمة بإعادة النظر في علاجات السرطانات من أجهزة وغيرها خاصة وان الغالبية العظمى من المرضى رقيقي الحال، وتحدثت بالم عن معاناة مرضى السرطان في السودان الذين يشكون لطوب الارض من ضيق ذات اليد وعدم توفر الشخيص والعلاجات. اصبحوا هائمين على وجوههم.
رحلة معاناة…
لم تكن تدري اسرة عثمان أحمد ماذا تخبئ لهم الأقدار عندما أصيبت ابنتهم الكبرى التي تتحمل مسؤولية الأسرة بعد وفاة والدهم بحسب قولهم بسرطان الثدي اهملت المرض بعدم الكشف بأنها حبة عادية ولا تشعر بالم حوالي العامين، وبدأت رحلة المعاناة واللهث وراء العلاج وسبل العلاج الناجع والمريضة تتجرع مرارة الألم، بعد معاناة تم تشخيص المرض وكانت النتيجة صادمة ورم خبيث، تقرر لها كيماوي وبعض العلاج ولايتوفر العلاج الكيماوي إلا في مروي والتي تبعد آلاف الكيلو مترات، وضيق ذات اليد وعدم الأمن والأمان وتكاليف العلاج والسفر الإعاشة والسكن، قالت بدأت مسيره المعاناة الحقيقة وتحويلها إلى مركز مروي لإجراء جلسات الكيماوي بمبلغ تجاوز تلاثة ملايين تم جمعه من خلال التبرعات
بين هذه النيران …
أبدت أسرتها اسفها لعدم وجود مراكز للعلاج وتشخيص مرض السرطان بعطبرة وتضارب النتائج، أكدت حجم المعاناة التي يعانيها المرضي من السفر لمدينه شندي أو مروي للعلاج وأحيانا دون جدوي لتاخر التشخيص السليم والظروف المالية وأصبح المواطن بين نيران الحرب والنزوح والمرض. ونوهت إلى أن التشخيص المبكر يعتبر أول خطوة من خطوات العلاج المبكر.
نواصل..