الباقر عكاشة عثمان:
في خضم الحرب التي عصفت بالسودان وكشفت عن معادن الناس بين الطيب والخبيث برزت شخصيات مختلفة أثارت جدلا واسعا من سياسيين وصحفيين وشيوخ. ومع تفاوت الآراء هناك من ظل محايدا وداعما للمليشيا .
ومن جهة أخرى هناك فئة ممن كانوا مرتبطين سابقا بقوات الدعم السريع واختاروا في لحظة حرجة القفز من مركب هذه القوات والانضمام إلى صفوف الشعب وقضيته العادلة. هؤلاء رغم ماضيهم الملتبس يمثلون فرصة لبناء جبهة متماسكة إذا تم التعامل معهم بحكمة واحتواء ” السودان بحاجة إلى احتضان كل من اختار طريق التصحيح والانحياز للمصلحة الوطنية مع العمل على بناء الثقة بين كافة الأطياف لضمان وحدة البلاد.
في هذا الوقت الذي لاحت فيه بشائر النصر ومن غير المتوقع خرج علينا عبدالحي بفيديو اوقعه في هاوية هذا الشيخ ناله من قبل سهام نقدي عندما تحدث عن زهد سيدنا عثمان بن عفان اشرت فيه للمفارقة بين وصفه للزهد وحياته التي تعكس خلاف ذلك من عربات فارهة وفلل راقية وفاخرة
ورغم انتقادي كان لي موقف دفاعي عنه عندما طالته حملات التقزيم ايام حكومة الخائن حمدوك ( عبدالحي الني ) اكدت أنه رمز ديني وثقافي في السودان وأن الاختلاف معه لا يعني الانتقاص من قيمته وقدره الا ان الفيديو المنتشر في هذا الوقت الذي تلاحم فيه الشعب والجيش تحت شعار (جيش واحد شعب واحد ) اوقعه في مأزق يصعب تبريره.
حيث اختزل انتصار الجيش في مجموعة بعينها متغابيا تكتيكات القوات المسلحة والمشتركة والقوات النظامية والمستنفرين بكافة سحناتهم واتجاهاتهم واضعا السم في الدسم لخلق فتنة يحدث ذلك في الوقت الذي يتناغم فيه الجميع من جنود ومواطنين وقوات مساندة مع قيادة البرهان انتقاله إلى مركب مليء بالتناقضات اعتبره موقفا غير مدروس ويفتقر إلى الحكمة.
على الشيخ عبد الحي أن يدرك أن مكانته الدينية تتطلب منه تركيز جهوده على مجاله الأساسي وهو الدعوة والإرشاد بعيدا عن التجاذبات السياسية التي قد تؤدي إلى انقسام شعبي أو فقدان ثقة الناس فيه الخوض في السياسة ليس ساحة العلماء والدعاة بل هو مجال يمتلئ بالمصالح المتضاربة والخلافات مما قد يجرهم إلى مواقف تضعف تأثيرهم.
وعى الشعب الدرس وقرأ المشهد على الارض ولن تثنيه اي هرطقات فهم الان خلف قائد الجيش سعادة الفريق اول البرهان لنجاحه مع اركان حربه في الحفاظ على مسافة واضحة من أي انتماءات حزبية أو أيديولوجية رافعين شعار المقاومة الشعبية كداعم رئيسي للقوات المسلحة. وقد انعكس هذا التناغم في مشاهد نادرة من الالتفاف الشعبي حول قائد الجيش في الأسواق والشوارع وبلاد المهجر وميادين القتال.
تصريحات الشيخ عبد الحي قد لا تؤثر على البرهان بشكل مباشر لكنها تمثل انقسامًا بين الجماعات الاسلامية قد يعيد إلى الأذهان تحديات الوحدة الوطنية في أوقات الأزمات.
السودان بحاجة إلى خطاب يوحد الجميع بعيدا عن الحسابات الضيقة أو الاصطفافات غير المحسوبة مع توفير المناخ الملائم لبناء الثقة و التواصل المباشر والغير مباشر مع الذين يريدون تصحيح مسارهم والانضمام إلى الصف الوطني