مقالات
في وداع فاروق عفيفي
مصعب الصاوي:
شق علي نعي الحاج فاروق عفيفي، حتى فزعت بآمالي أكذب الخبر وقد قرأت نعيه في بعض متصفحات ومجموعات الأهل والأصدقاء بالقاهرة وأنا مقيم بالخليج حتى بدد عني الريب إبنه القنصل محمد عفيفي الذي يعلم انهار الوداد التي تجري بيننا سلسالة يعزيني في والده وهو منذ عرفته كان بمثابه الأب لي الناصح والمعين والسند . فقدنا فيمن فقدنا في هذه الحرب وهذه الأهوال التي يمر بها رجالا ونساءا لا نستكثرهم على سنة الموت الماضية وقد تكسرت نصال الاحزان على نصال الأسى ولا نقول إلا مايرضى الله ، لكن فقد الحاج فاروق عفيفي غير فالرجل دنيا من المكارم والمواهب واللطف والذوق والتصوف والأريحية والعلم الدنيوي حيث يعد الرجل خبيرا مصرفيا يشار اليه بالبنان وأحد الأسماء اللامعة التى صنعت بجهدها وتجويدها صورة بنك الخرطوم الزاهية وسمعته المحترمة داخل الوطن وخارجه فهو من بناة هذا الصرح العملاق منذ ان كان يسمى في الماضي باركليز سودان وعندما يذكر بنك الخرطوم ترد أسماء صارت اعلاما ومنهم من أدار بنوكا خارج السودان وداخله نذكر منهم الاستاذ عبد الله خيري وعبد المجيد منصور القطب الرياضي المعروف وفيكتور إسكندر والتاج شنون .
الاب العزيز الحاني فاروق عفيفي صوفي قضى العمر نشوة وابتهالا كما قال جماع كيف لاوهو ابن طابت الانوار التى رفت عليها رايات الشيخ عبد المحمود الخضراء المطرزة بالوجد والنذور وأظلتها أزاهير الرياض والروض العطير ورشفات المدام وشرب الكاس وعبقت هواءها بأريج المديح والصيحة والرقص العرفاني ، فلا تلم بالرقص عبدا هائما انه والله من عيب برئ . عاش فاروق عفيفي تلك الأجواء ولم يمنعه ذلك السماح واللطف ان يحب احمد الطيب ويردد معه ( بدر التى تم صفاه / كل بدرا ضوا خباه ) اتراه كان يؤول ذلك المعنى للنور المحمدي الذي أخبتت لمولده الأكوان فالكائنات ضياء !؟ أسرة وأبناء الحاج عفيفي الجد هم أبناء السودان العريض فهم الخرطوم وكوستي والحلفاية وأمدرمان عمروا الارض حيثما قطنوا وعمارتهم عمارة الظاهر والباطن التي يعرفها القوم اهل الطريق . قدم الحاج فاروق عفيفي للمجتمع اسرة ناجحة ومؤثرة وفاعلة وناجحة وأجمل علاقة اسرة بوالدها هي علاقته بأبنائه فهم بمثابة الأصدقاء وهو حضور معهم بشخصه ومشورته واستطاع دمجنا نحن أصدقاؤه وأحبابه مع أسرته فصرنا بمثابة الأهل الذين تربطهم وشائج الدم والقربى.
كان محبا لفن التاج مصطفى ولعبد الرحمن الريح والذري إبراهيم عوض وعثمان الشفيع وعبد الدافع عثمان وعبد الكريم الكابلي أما عبد العزيز داؤود فهو عشقه الأول.
ارتبط بعلاقة محبة وصداقة عميقة مع طيب الذكر سمح السجايا شيخ الجيلي صاحب السجادة السمانية بطابت و عند قدوم شيخ الجيلي إلى الخرطوم يحرص على زيارته ويلتقيان في عناق وعيون دامعة وعندما انتقل شيخ الجيلي في رحلته العلاجية وجاء جسده الطاهر مسجى ومغطى بالحلية السمانية واحتشدت جموع المحبين بقلوب كليمة أسيانة شهدت فاروق عفيفي يبكي بكاء الفرود وقد تداعت قامته المديدة وهو يجثو على الارض بعدها غاب عن مجالسنا ومسامراتنا وظل شيخ الجيلي وطابت في قلبه إلى ان لقي ربه .
اللهم إن عبدك فاروق عفيفي قد جاء إلى جوار رحيم ورب كريم يرجو قبولك ورحمتك وغفرانك . اللهم أنا نشهد انه كان يكرم عبادك ويحسن اليهم ويسعى في حاجاتهم آناء الليل وأطراف النهار وانه المتصدق سرا وعلانية وأنه محب للذكر والصالحين فاحشره مع من أحب .
ولا حول ولاقوة إلا بالله
إنا لله وإنا إليه راجعون
مصعب الصاوي
الإمارات العربية / عجمان