مقالات

مدخل معالجة الأزمة المستفحلة بالسودان والمستترة بحزام الغرب الإفريقي يبدأ بالتعريف الصحيح “بدو أم عربان شتات” (١)

بقلم الصادق علي حسن:

بحث استقصائي :
منذ عدة سنوات بدأت في مشروع بحث استقصائي حول الأوضاع بدول الحزام الغربي الإفريقي والتغيرات السياسية والاجتماعية بها، لقد توصلت إلى نتيجة مفاده بأن البدو سيصبحون محورا أساسيا في الصراعات المسلحة الدائرة على السلطة بدول الحزام الغربي الإفريقي ووسط القارة ، والخروج الحتمي لفرنسا من دول الحزام، طايعة أو مكرهة، خلال فترة قد تتراوح بين الخمس سنوات القادمة، ما لم تعيد النظر في سياساتها المطبقة في تلك البلدان منذ نيلها لاستقلالها الإسمي، وحصولها على الاستقلال الشكلي منها. وارتباط قرارها السياسي ووضعها الاقتصادي بباريس ،وحماية الأنظمة الوطنية الحاكمة بالقوات الفرنسية مثل شرطي الحزام ، دون مراعاة للتطورات المستجدة والناتجة عن الشعور بالإرادة الوطنية لدى الأجيال الجديدة المتعاقبة والنزعة للتحرر من الإستعمار الفرنسي الحديث . لقد سادت في دول إفريقيا أفكارا جديدة، ولم تعد شعارات الغرب البراقة تخاطب الأجيال الجديدة في إفريقيا ،كما وصارت الشعوب الإفريقية ترفض أن تتحول بلدانها لمخزون موارد لفرنسا ودول الغرب . ظهرت بدول إفريقيا قوى جديدة صارت تتمدد بديلة لفرنسا والغرب . الإمارات تبحث لها عن أدوار في دول الغرب الإفريقي والحزام، وهي دولة صغيرة المساحة والموارد الطبيعية والقدرات البشرية، وقد تحولت إلى قوى إقتصادية مؤثرة في الشرق الأوسط ،وفي السياسية الدولية المرتبطة ببعض البلدان بالحزام الإفريقي والسودان ، وليست لها أطروحات فلسفية تقوم على مفاهيم تتأطر في برامج سياسية واجتماعية واقتصادية تصلح للشعوب والبلدان المتأثرة بالتدخل الإماراتي كتدخلها الحالي في السودان، مما يشير أن رئيسها محمد بن زايد يبحث ضمن خطط أخرى (لم تتيسر لى معرفتها) البحث عن الزعامة والسمعة والتأثير السياسي الدولي ، وقد صارت دولته بالفعل مؤثرة على القرار السياسي في بعض بلدان الغرب الكبرى وآسيا بمثل تأثيرها على موقف بريطانيا داخل مجلس الأمن الدولي في الشكوى المقدمة ضدها بواسطة ممثل السودان بالأمم المتحدة، ويزور الرئيس الإمارتي بن زايد في دولته الرئيس الروسي بوتن يلتمس وساطته في تبادل أسرى الحرب مع اوكرانيا . هنالك طموحات لدول آسيا في التمدد في إفريقيا وقد صارت فرنسا تفقد نفوذها الموروث منذ استقلال مستعمراتها السابقة بإفريقيا ، كما تسعى الصين لخلق شراكات اقتصادية بدول إفريقيا، وصارت دول القارة ساحة للتنافس الدولي على النفوذ ويمثل السودان النموذج الذي فيه تطورت الصراعات الإقليمية والدولية وانتجت الحرب الدائرة ليشهد مشروعات التجزئة والتقسيم .

بدو أم عرب شتات :

بداهة ، أي مجموعة بشرية لها الحق الطبيعي في الحياة، كما والحق في التوطن في إحدى أقطار الدول الحديثة التي نشأت بموجب معاهدة وستفاليا ١٦٤٨م والتي أرست مبادئ الشخصية القانونية للدولة القطرية ، وبنشأة الدولة القطرية الحديثة ، صارت الشعوب المتواجدة في الأقطار المنشئة بموجب مرجعية معاهدة وستفاليا والمعاهدات والإتفاقيات والمواثيق الدولية اللاحقة التي تأسست عليها الأمم المتحدة وصدر ميثاقها في ١٩٤٥م هي شعوب لها حقوق متساوية عند نشأة تلك الأقطار. البدو الرحل في إفريقيا، وهم من عدة عرقيات ظلوا يتجولون بين أقطار إفريقيا، ولم تكن لهم طموحات سياسية أو اقتصادية بل كانوا ينظرون إلى الثروة ممثلة في الماشية والدواب ، ولم تكن هنالك خطط بشأن تعليمهم وإدماجهم في مجتمعات الأقطار التي نشأت واستقلت وأكتسبت شخصيتها المعترفة بها بموجب ميثاق الأمم المتحدة الصادر في ١٩٤٥م ، وبدلا من البحث حول معالجة مشاكل البدو في إفريقيا ودول الحزام. هنالك من صار يستخدمهم في مشروعات السياسة والسلطة كأدوات ووسائل، وظهرت أصابع إستخدام البدو في دول الحزام وعموم إفريقيا ،وهنالك من البدو من تفتحت عينيه على السلطة ،وصار يطمح ليتولاها. هذه هي المشاكل التي تحدد مدى مستقبل استقرار دول حزام الغرب الإفريقي والسودان .

تشريقية عرب الشتات في السودان :

هذا المصطلح السياسي ظهر لأول مرة وقد أطلقه وزير الخارجية الأسبق والقيادي بالمؤتمر الوطني د.الدرديري محمد أحمد الذي كتب في الأشهر الأولى من اندلاع الحرب في مقالين تم نشرهما في الوسائط في ٢٦و ٢٧ يونيو ٢٠٢٣م، الأول تحت عنوان (عربان الشتات وكيف نحبط مشروعهم الإستيطاني)، والثاني بعنوان (عربان الشتات ومشروع إعادة توطينهم بالسودان؟ وقد قصد تحميل المسؤولية التامة لمن وصفهم بعربان الشتات الذين قدموا إلى السودان من إفريقيا وكان غرضه في الأساس تبرئه تنظيمه السياسي المؤتمر الوطني وحركة الإسلام السياسي التي ينتمي إليها من التورط في إستخدام البدو في الصراعات السياسية ببلدان الحزام الإفريقي وقد كان لتنظيمه القدح المعلى في محاولات إستخدام البدو في صراعات السلطة الدائرة بعدد من دول إفريقيا ، والشواهد كثيرة ، منها التغيير الذي حدث بدولة إفريقيا الوسطي في عام ٢٠١٣م والذي تحول إلى مجازر بين المسلمين والمسيحيين بالعاصمة بانغي .
من المصطلحات التي لا تقل خطورة عن مصطلح عرب الشتات، مصطلح الحواضن الإجتماعية ،هذا المصطلح الذي صار يُطلق على كل مجموعات القبائل العربية المتحدرة من غرب السودان واعتبارها حواضن للدعم السريع ، هذا الوصف يكشف الفرز الإجتماعي بين المكونات العرقية بالبلاد ويزيد من تعميق الاستقطاب القبلي ،والصراعات الدائرة على السلطة والتي منبعها في الأساس حركة الإسلام السياسي وطموحات قياداتها.

 

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق