وفـــــاء جميـــــل:
عامان توقفتُ عن الكتابة بعدما أنّ أوصلتنا تلك الأحزاب الخراب إلى ما لا نستطيع عليه صبرا ؛ و ما كنتُ لأعود للكتابة في زمن الكآبة لولا أنّ حال بنا الحال المُعيب و أضحت بلادي العزيزة الفاخرة ؛ لحالها الظاهرة المدمِرة ، المشرِدة و الطاردة؛ و لكن ماذا نقول لِمّن سلمّها أرضاً خضراء طريّة يحملُ إنسانها طورية فأصبحت بوّرةً (بور) !!
فمِّنْ زمنٍ كان ذاك الفلاح يُفلح ، يحرث ، يزرع ثم يحصد كرماً ، عِزةً ، كرامةً و فخراً بين الأمم و الشعوب ؛ فأين هو ذلك الإنسان المعلم الجميل الذي لطالما أعطى دورساً في الوطنية و الأخلاق و الصبر و نكران الذات ؛ أضاعوا هذا (الزول) و يا ليتهم يفقهون معناهُ !!
ثم تباكوا على اللبن المسكوب فوق رؤسهم العميلة لِخدمة أجندة ضدّ أوطانهم، خائنة لِضمائرهم و شعوبِهم البريئة ؛ فأصبحوا لا يُميّزون الخبيث مِنّ الطيب ! و لا المُصلح من المُعتدي ؛ فهذه العداوة فيما بينهم أولاً ؛ إذ باتت تأكلهم كما تأكل النار الحطب ؛ و تنخر فيما تبقّى مٍنّ ولائهم (النحيل) و وفائهم (الهشّ) للوطن ؛ فهولاء تتلونّ أخلاقهم كلما تبددت أو تلاقحت نطاقات الإشاعات المُقرضة التي أصابت أخلاقيات الإعلام السوداني الذي لم يستيقظ مِنّ سبات نومهِ بعد ؛ إذ لم تستحي (الجيوب) التي تحمل فِكرًا ثمنهُ قِرشاً بخساً و رائحتهُ دماً للشهداء الذين لم يرتكبوا ذنباً سوى أنّهم سودانيون الهوى و الهُوية.
هنا أردت أنّ أفصح عن (ساعة قيادة) شهِدتها مع زملاء الإعلام و نحن في حضرة بروف الإعلام الأستاذ الدكتور/ عوني قنديل ؛ رئيس إتحاد الإعلاميين الأفارقة ؛ و هو قائداً بأفكارهِ النيّرة و بأسلوبهِ المُحِب للسودان و السودانيين؛ هي ساعة مِنّ الزمان أنصتنا له مُحاضراً عن الإيمان و أخلاقيات حُب الأوطان ؛ و هو يأسرنا بحديثهِ الذي لا يُمّل عندما يُرشد و يُردد أنّ الشعب الذي يتمتع قلبهُ بالإيمان لنّ يُهزم و لنّ يّضام ؛ و أنّ الشعب الذي يحترم جيشهُ سيحترمهُ الجميع ؛ فليس هناك دولة محترمة ليست لها جيش محترم؛ يُعيد لها هيبتها و إتزانها و نُصرتها ؛ أو كما تفضل به سيادتهُ مِنّ إطراء ثّر و مفيد ..
فقد كانت دولة مصر و ما زالت تقف مع السودان بكل ما أؤتيت مِنّ قوة و إرادة ؛ فما زلتُ أذكر فضائل مصر الشقيقة على السودان بما تقدمهُ مِنّ مبادرات لِحلِ الأزمات التي طفحت على السطح و هي مِنّ مسببات النزاعات و لا سيما التي خلفتها الحرب الآنية أو على مدار الأزمنة ؛ و هنا أشيرُ للمؤتمر الجامع الذي إستضافته مصر و هو (مؤتمر القوى السياسية و المدنية السودانية _ يوليو ٢٠٢٤) الذي قدم رؤية شاملة لمعالجة جذرية لأسباب الحرب و إلتماس الدروس منها ؛ فحضرهُ جزء مِنّ السياسيين و حرّد عنّه الآخرون ؛ و يبدو أنّ المُعضلة ليست فيمّن يسعى لمساعدة السودانيين في حلحلت مشكلاتهم ؛ و إنمّا تكمُن فيهم أنفسهم و تماطل البعض في إتقان كسب الوقت على حساب تدمير الوطن و تشريد المواطن ..
أيضًا مِنّ هنا يحقُ لكل الإعلاميين السودانيين إبراز التميّز و التفّرد الذي قامت به مصر في هذا الصدد بكل مهنية و تجرد ؛ و أيضاً ما قام به إتحاد الإعلاميين الأفارقة و هو يضع بصمة (فارقة) لِدعم و ترميم و تحسين الظروف الإستثنائية التي يمُّر بها السودان ؛ و خاصة ظروف الإعلام السوداني الذي يتأرجح ما بين (مؤيد و مُعارض أو مُحايد) ؛ إذ نشهد للإتحاد المتمثل في (رئيسهِ الموقر) أنّه أيضاً يهتم بقضايا السودان بأنّ إستضاف ملتقى فخيم بالقاهرة مطلع ديسمبر الحالي ؛ ضمن فعاليات الملتقى الدولي الثاني عشر للإعلاميين الأفارقة ، الذي إنعقد تحت عنوان “الإعلام الرقمي” “الممارسات والمخاطر”
و الذي خُصص للسودان و معاناة السودانيين جراء تلك الحرب اللعينة ؛ و مدى تأثر الرأي العام بالإشاعات و التعبئة السلبية تجاه الحرب و أسبابها ؛ و أيضاً التوجهات النفسية الضاغطة المصاحبة للفضاء الإسفيري المفتوح ؛ و أظهر خلالهُ (سيادة البروف عوني) رئيس الإتحاد و الشخصيات التي تحدثت و قدمت أوراق علمية مفيدة و هادفة ؛ و التي خرجت بتوصيات إيجابية ؛ أكدت جميعها أنّ السودان دولة ذات سيادة و يجب أنّ تعود لها مكانتها و هيبتها و عِزتّها و كرامتها وسط العالم..
فيا أيها السودانيون: هل سألنا أنفسنا مرة عمّا نحن فيه و ما إذا كنا نُحب هذا السودان كما يُحبهُ الآخرون ؛ و هل نحن جادون على أنّ نعمل على إستعادة هيبتهِ و كرامتهِ كما يسعى لها الآخرون ؟!
إذً هي أسئلة ليست للإجابة بالقول فقط ؛ بقدر ما هي تحتاج مِنّ أبناء الوطن الفعل و العمل الجاد مع الوحدة و الإرادة و الإيمان القوي ؛ أو كما أشار مشكوراً رئيس إتحاد الإعلاميين الأفارقة ..
حقيقي نقولها شُكراً مصر شكراً إتحاد الإعلاميين الأفارقة ؛ الإتحاد الذي لطالما سعىٰ لإتحاد و جمع جميع السودانيين ؛ مع دعواتهِ المتكررة لإصطفافهم و إلتفافهم حول القضية الوطنية ؛ مع إظهار إسنادهم و توددهم و تقربهم مِنّ جيشهِم و التمّسك بأرضهِم ؛ و أهمية الإيمان و طاعة الرحمن؛ و هذه بالطبع أغلى الوصايا التي يسمعها الإنسان و يتلذذ بتنفيذها و جعلها منهج لحياة مستقرة وكريمة و آمنة يسير عليها بِرفقة الجميع.
للحديث بقية
الخميس 26/12/2024