مقالات

ما بين البلبسة الجماهيرية العارضة والبلبسة الإجرامية المتجذرة صاحبة المصالح السياسية والإقتصادية والعسكرية والسلطوية

حوارات سودانية حول المفاهيم السياسية البلبوسية المصاحبة لحرب 15 أبريل 2023م

برير إسماعيل:

لم تكن حرب 15 أبريل 2023م ذات البُعدين الإقليمي والدولي بمثابة الحرب الأولى التي شهدها السودان في عهد دولة الفصل العنصري منذ الأول يناير 1956م فقد شهدت البلاد وقوع العديد من الحروب التي شنتها السلطة السياسية الإسلاموعروبية الخرطومية على مواطنيها المدنيين و الثوار المسلحين معاً في الهوامش و الأطراف منذ النصف الأول لخمسينيات القرن الماضي إلى أن وصلت هذه الحروب مرحلة الإبادات الجماعية حيث كانت الأولى في جنوب البلاد إلى أن أعلنت السلطة المركزية الكيزانية الجهاد ضد مواطنيها و كانت حرب الإبادة الجماعية الثانية في دارفور في عهد ذات السلطة المركزية الكيزانية التي عبَّرت بجلافة سياسية عن العقليات الإسلاموعروبية التي ظلت حاكمة للبلاد لأكثر من ستين عاماً و بمعنى آخر أن الكيزان و جنجويدهم المجرمين كانوا أكثر وضوحاً في تقديم مشروعهم السياسي العنصري من الذين سبقوهم إلى سدة السلطة في السودان.

التساؤلات التي تطرح نفسها على جميع مكوِّنات قوى الثورة السودانية المجيدة السِلِّمية و المُسلَّحة من أين جاء مصلطح البلابسة ؟ و هل كان هذا المصطلح موجوداً في سنوات الحروب التي شهدها السودان قبيل إندلاع حرب 15أبريل 2023م؟ و هل يمكن إعتبار صمت الغالبية العظمى من المكوِّنات السودانية في السودان الشمالي بالمفهوم الواسع لهذا المصطلح و عدم إدانة هذه المكوِّنات السودانية لجرائم الحرب و الجرائم ضد الإنسانية في جنوب السودان إبان حرب الإبادة الجماعية الأولى بلبسة صامتة أم لا؟ و هل صمت الغالبية العظمى من المكوِّنات السودانية في أواسط و شمال و شرق السودان و عدم إدانتها لجرائم الحرب و الجرائم ضد الإنسانية التي إرتكبتها السلطة المركزية الخرطومية في دارفور و جبال النوبة و جنوب النيل الأزرق في حرب الإبادة الجماعية الثانية بلبسة صامتة أم لا؟و ما هي الجهة المسؤولة عن إستخدام مصطلح البلابسة في الحرب الحالية؟ و ما هي مصلحة هذه الجهة في الترويج لإستخدام مصطلح البلابسة؟ و هل البلابسة من الجنسين ينتمون لطرف واحد فقط من الأطراف المشاركة في هذه الحرب أم أن البلابسة متواجدون في جميع الأطراف المتحاربة منذ إندلاع حرب 15 أبريل 2023م؟ و هل البلابسة أنفسهم كتلة سياسية و إقتصادية و إجتماعية و ثقافية واحدة لها مصلحة في القضاء على الطرف الذي تعتبره العدو الأول بالنسبة لها في هذه الحرب أم لا ؟ و لماذا يركز البعض على أن البلابسة هم الذين يؤيدون الكيزان و لا علاقة لهم ببقية أطراف الحرب؟ و هل لهذه الحرب طرفان داخليان فقط كما يؤسس لذلك البعض؟ و ما هي أطراف هذه الحرب إن لم يكن لديها طرفان فقط ؟.

الشاهد أن يوميات حرب 15 أبريل 2023م أوضحت لمعظم الناس بأن البلابسة ليسوا كتلة سياسية و إقتصادية و إجتماعية و ثقافية و عسكرية واحدة لأن ذات يوميات الحرب أظهرت للكثيرين مستويات متعددة لهذه البلبسة.

تاريخياً هناك ساسة و عساكر إسلاموعروبيون بلابسة ظلَّوا يحاربون المواطنين المدنيين و الثوار المسلحين في الهوامش و الأطراف و بالمقابل كانت هناك بلبسة جماهيرية عريضة متواطئة مع السلطة المركزية في الغالب الأعم في أغلبية سنوات الحروب التي سبقت حرب 15 أبريل 2023م و بالتأكيد فإن ذات واقع تاريخ الحرب في السودان يقول للناس هناك فروقات نوعية ما بين البلبسة الجماهيرية الصامتة و المتواطئة و بلبسة النخب السياسية و العسكرية الإسلاموعروبية التي حكمت البلاد.

بالعودة لمفهوم البلابسة في حرب 15 أبريل 2023م على المستوى المحلي أي في داخل البلاد سنجد البلابسة الكيزان و البلابسة الجنجويد بقيادة عيال دقلو و هؤلاء هم رأس الرمح في مفهوم البلبسة الحربية و أهدافهم سلطوية خالصة و كما أننا سنجد البلابسة المواطنين المدنيين العاديين و هؤلاء متواجدون في جميع الأطراف الحاملة للسلاح و هم ليسوا مُنظَّمين و ليست لديهم أجندات سياسية مصاحبة للحرب هدفها الوصول إلى السلطة و معلوم أن من أهم أسباب ظهور هؤلاء المواطنين البلابسة في جميع الأطراف المتحاربة هو المظالم التي وقعت عليهم إبان هذه الحرب إن كانت هذه المظالم من قِبل مليشيا الجنجويد بقيادة عيال دقلو وهي المظالم الأكثر وقوعاً في هذه الحرب أو كانت هذه المظالم من الجنرالات الكيزان أو من غيرهم من المكوِّنات المسلحة في حرب 15 أبريل 2023م.

من الواضح أن البلبسة التي طرفها المواطنين المدنيين الأبرياء لا يمكن وضعها في مستوى واحد مع البلبسة الكيزانية أو الجنجويدية أو الإقليمية أو الدولية و بإختصار شديد للكيزان بلابستهم و للجنجويد كذلك بلابستهم وللمجتمعين الإقليمي و الدولي بلابستهم الساسة و العساكر و هذا يعني ببساطة شديدة بأن البلابسة منتشرون في أوساط جميع الأطراف المتحاربة و لكن ما يهم جميع مكوِّنات قوى الثورة السودانية المجيدة السِلِّمية و المُسلَّحة هو تجفيف مصادر البلبسة الجماهيرية التي ظلَّ يستثمر فيها الكيزان و الجنجويد و حلفاؤهم السياسين المحليين والإقليميين و الدوليين.

إنَّ البلابسة الأكثر خطورة على وحدة البلاد و وحدة شعوبها هم البلابسة الكيزان والبلابسة الجنجويد والبلابسة الساسة حلفاء الأطراف المتحاربة في الداخل و في المجتمعين الإقليمي والدولي.

عليه و وفقاً لهذه التقسيمات البلبوسية إذا جاز هذا التعبير سنجد بأن الدول الأقليمية الداعمة لأي من أطراف حرب 15 أبريل 2023م دول بلبوسية من الدرجة الأولى و هدفها الإستراتيجي من البلبسة الحربية هو تحقيق مكاسب سياسية و إقتصادية غير مشروعة وكما أننا سنجد الدول البلبوسية الكبرى الداعمة لأي من أطراف الحرب بهدف سرقة موارد البلاد و تقسيم شعوبها.

المواطنون المدنيون البلابسة هم في الأصل ضحايا لمؤآمرات كيزانية وجنجويدية و إقليمية و دولية كبرى في هذه الحرب و لذلك لابد لكل مكوِّنات قوى الثورة السودانية المجيدة السِلِّمية والمُسلَّحة صاحبة المصلحة الحقيقية في الثورة من أن تأخذ بأيادي هؤلاء المواطنين الضحايا بدلاً من تجريمهم وفقاً لمفهوم البلبسة السياسي غير المنضبط مصطلحياً ليجدوا أنفسهم في معسكر البلابسة المحترفين أمثال الكيزان و الجنجويد و الساسة المحتالين و الدول البلبوسية في المجتمعين الإقليمي والدولي وهي التي لها مصالح واضحة في عملية إستمرار هذه الحرب التي هددت وحدة البلاد و وحدة أراضيها. و هنا لابد لكل مكوِّنات قوى الثورة السودانية من دعم حقوق جميع المواطنين المدنيين السودانيين الأبرياء في الدفاع عن أنفسهم و أعراضهم وأموالهم و بيوتهم و مدنهم و قُراهم وحلاَّلهم ضد المعتدين و معلوم أن الجنجويد بقيادة عيال دقلو هم أكثر أطراف الحرب إعتداءً على المواطنين المدنيين السودانيين الأبرياء في معظم أنحاء على أن تكون مسؤولية عدم عودة الكيزان و جنجويدهم للسلطة عبر شرعية البندقية مسؤولية تضامنية يجب أن تقوم بها كل مكوِّنات قوى الثورة الحقيقية دون تأخير أو تسويف.

مجمل القول يجب على كل مكوِّنات قوى الثورة السودانية المجيدة السِلِّمية والمُسلَّحة أن تضبط مصطلح البلابسة لتُفرِّق ما بين بلبسة المواطنين المدنيين الأبرياء الذين لجأوا لهذه البلبسة المؤقتة نتيجة للمظالم التي وقعت عليهم من قِبل جميع مكوِّنات الحرب المسلحة وبدرجات مظالم متفاوتة كان أبطالها الجنجويد المجرمين بقيادة عيال دقلو و كما يجب أن يفهم الجميع بأن البلبسة الجماهيرية ستزول بزوال مؤثراتها الداخلية والخارجية أي أنها بلبسة عارضة و ليست متجذرة و لكن لا يمكن للبلبسة المُنظَّمة الكيزانية و الجنجويدية و السياسية المحلية و الإقليمية و الدولية التي تحركها الأجندات السياسية و الإقتصادية السلطوية و تحركها كذلك المطامع في الموارد و يحركها العمل من أجل تقسيم البلاد شعوباً و أرضاً أن تنتهي في السودان و للأبد بدون أن تتوحد كل مكوِّنات قوى الثورة السودانية المجيدة السِلِّمية و المُسلَّحة صاحبة المصلحة الحقيقية في التغيير الجذري مجدداً.

الثورة السودانية المجيدة مستمرة والنصر أكيد.

29 ديسمبر 2024م

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق