مقالات

مستقبل الزراعة في السودان بين خداع السياسيين وإحباط الزراعيين (1)

د.عبدالكريم الهاشمي:

لست في حاجة لإبراز أهمية القطاع الزراعي السوداني ودوره في دعم الإقتصاد الوطني، إذ أن  البيانات الإحصائية المكرورة في التقارير المؤسسية، والمراجع العلمية، والرسائل البحثية، تعزز مساهمة هذا القطاع بنسب مقدرة في الاقتصاد السوداني، بل إن نسب مساهمته ظلت مكرورة ومحفوظة لكل باحث حيث يمثل مصدر العمل لأكثر من 70٪ من السكان، وتتراوح مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي (GDP) بين 30-40%، كما يعتبر القطاع المحرك لعجلة القطاعات الإقتصادية والخدمية الأخرى، كالنقل، والإتصالات، والخدمات البنكية او المصرفية، والتجارة والصناعة، بل يعد مصدرا اساسيا للمواد الخام وعليه تقوم العديد من الصناعات التحويلية، مثل صناعة السكر، و الغزل والنسيج، والزيوت النباتية، ومنتجات الألبان والصناعات الاخرى. إن أهمية القطاع الزراعي تستدعي التذكير بأن السودان يتميز بإمكانيات وموارد طبيعية هائلة، ومناخات متنوعة، ونظم إنتاج زراعي متعددة، أهلته ليُرشح في مؤتمر الغذاء العالمي في روما في العام 1974م كأحد ثلاثة أقطار هي السودان واستراليا وكندا، لتكون سلة غذاء العالم، ثم جاءت قمة الغذاء العالمي التي إنعقدت في روما في العام 2002م لتوكد ذات الترشيح. هذه هي صورة القطاع الزراعي السوداني الزاهية، والقسيمة، المرسومة في الأذهان، والمسطورة في الأسفار، والتي كان من الممكن أن تجعل من السودان أكبر الإقتصادات الإقليمية والعالمية، حيث لا يعقل أن بلدا يمتلك كل هذه الموارد ولا يتحول لأكبر اقتصاد زراعي في العالم، بينما هنالك دولا تتقاصر إمكاناتها ومواردها عن ما يذخر به السودان، تتصدر طليعة الدول المصدرة للمنتجات الزراعية، فيما يعتبر السودان من الدول الاقل نمواً وفقا لتقارير المنظمات الدولية، ليس من حيث تواضع الدخل القومي، وارتفاع معدلات البطالة، والفقر، ولكن ايضا من حيث تدني الانتاجية النسبية للمحاصيل الزراعية، وتخلف الخدمات التسويقية، والخدمات الزراعية. إن القطاع الزراعي السوداني يعتبر أو هكذا ينبغي أن يكون، القطاع الرائد في دفع عجلة الاقتصاد الوطني لما يتمتع به من إمكانتات جليلة، وموارد مهولة، لكن الاستفادة القصوى من ميزاته، لا زالت محدودة، وتتطلب جهودا كبيرة، سيما بعد أن تبين للمسؤولين أن الرهان على النفط،  او الاعتماد على أي من القطاعات الأخرى يعتبر رهانا خاسرا في تحسين المؤشرات الكلية للاقتصاد السوداني. أسئلة كثيفة ومحيرة وصادمة تبدو أشبه بلغز عصي على الفهم، هي تلك التي تتصل بتخلف القطاع الزراعي السوداني، وفشله في إشباع الحاجات المتزايدة من المنتجات الغذائية للسكان، وتوفير حصيلة جيدة من عائدات الصادرات.
إن النظرة القاصرة للقطاع الزراعي من الساسة وصانعي القرار والمترعة بالجهل والغطرسة
لن تقود الى نهضة حقيقية في القطاع الزراعي ليصبح قاطرة حقيقية للإقتصاد السوداني، كما أن الجهود الطموحة التي يبذلها الزراعيين والرامية إلى النهوض بالقطاع الزراعي لن تكون سوى أحلام يقظة، تتحقق فيها الرغبات فقط على مستوى الخيال. حتى يلعب القطاع الزراعي دوره الطليعي والمحوري في دعم الاقتصاد الوطني، لابد من الإجابة على العديد من الأسئلة، ولابد من وضع بعض المعالجات وأزالة بعض العقبات منها:-

أولا: ضعف الإهتمام الحكومي بالقطاع الزراعي
بالرغم من الامكانات الكبيرة التي يتمتع بها القطاع الزراعي السوداني، مازال السودان  يستورد المواد الغذائية مثل الزيوت والألبان وعصير الطماطم والسكر والثوم والبطاطس والقمح، رغم المساحات المتشاسعة من الأراضي الزراعية التي تمتد حتى نهاية الأفق. كذلك إن مساهمة القطاع الزراعي في تحسين المؤشرات الاقتصادية الكلية، ضعيفة وذلك لما يعانيه من إهمال متعمد من الحكومات المتعاقبة، وغياب الإرادة وضعف الإدارة، وفقدان القناعة لدى الساسة والمسؤلين بجدوى الإهتمام بالقطاع الزراعي، حيث ظل الحديث عن هذا القطاع وأهميته مجرد اشواق وأطروحات للإستهلاك السياسي لدى صانعي القرار. بالرغم من البرامج العديدة التي تم الإعلان عنها للنهوض بهذا القطاع من الحكومات المتعاقبة والتي كان أبرزها برنامج النهضة الزراعية، الذي أُعلن في بدايات الألفية الثالثة (2008م) والذي حشدت له الحكومة حينئذ، الدعم التنفيذي، والسياسي، والمالي، ووجهت له كل الطاقات، ووفرت له كل الامكانيات، وذلك للتحول من قطاع زراعي تقليدي، يتسم بضعف الكفاءة والانتاج، الى قطاع زراعي تقني حديث، سريع الاستجابة للمتغيرات المحلية والدولية، إلا أن هذا البرنامج كان ظاهره جاذبا ومقنعا، أما باطنه فمن قبله الإخفاق والفشل، فاتسمت خططته بالارتجال من أجل الاستهلاك السياسي، وانصب تر كيزه على مشاريع ترفية لا يمكن لها، أن تنهض بهذا القطاع، مثل الإكتفاء من لحوم الدواجن وزراعة الصدف واللؤلؤ، والإستزراع السمكي، والإستثمار في البرسيم، لذلك لم تبارح النهضة مربع الحقول الإيضاحية، وذلك لضعف برنامجها، فضلا عن هيمنة السياسيين على البرنامح، والتدخل المباشر للتحكم في مساره،  كما كان لممارسات التنفيذيين الذين يشرفون على تنفيذ البرنامج، والذين غلب عليهم السلوك السياسي، النصيب الأكبر في فشل برنامج النهصة الزراعية، بالرغم من ذلك حقق بعض النجاحات إلا أنها لا تتناسب مع الدعم المالي، والحشد الاعلامي، الذي حظي به هذا البرنامج.
ثانيا: الاستخفاف بالعلوم الزراعية
إن القطاع الزراعي يكاد يعتمد كليا على البحث والتطوير، حيث يتم تطبيق الأبحاث في هذا القطاع عبر التعاون بين المزارعين والباحثين في مجال العلوم الزراعة، إلا أن الوضع الذي يعيشه المهندسين الزراعيين، ونظرة المجتمع الدونية لخريجي كليات الزراعة، لا تبشر بمستقبل مُشرّف للقطاع الزراعي، وهذا يستوجب العمل على تغير  هذا الواقع المزري للمهندسين الزراعيين والخبراء في المجال الزراعي والذي جعل خريجي كليات الزراعة يتوارون خجلا من إنتمائهم الزراعي حيث ينظر للخبير أو المهندس الزراعي، وكأنه عامل وليس كادرا وباحث مؤهل، مما جعل كليات العلوم الزراعية من الكليات الوضيعة Inferiority غير المرغوب فيها، فما عادت تمثل خيارا جاذبا يسعى إليه الطلاب بل صار خيارا جبريا يلجأ إليه الطالب حينما يستنفذ كل خياراته فيجد نفسه مضطرا للتقديم لكليات الزراعة التي يتم الإستيعاب لها بنسب ضعيفة (50%) وربما تقل، فهل يمكن لخريج تم إستيعابه بهذه النسبة ودرس في بيئة أكاديمية فقيرة من حيث التجريب والتطبيق، أن يحقق النهوض المنشود بهذا القطاع. بل الأدهى حتى بهذه النسب المتدنية هنالك كليات كثيرة لا تجد من يتقدمون إليها  مما جعل بعض الأصوات تتعالى منادية بتجفيف او تقليل كليات الزراعة المنتشرة والتي من بينها كليات لم تجد الدعم والرعاية من الدولة مما جعلها تفتقر لأساسيات الدراسة من معامل ومزارع إضاحية تُطبق من خلالها التقانات الحديثة، بل أصبحت كليات تدرس العلوم التطبيقية بصورة نظرية مما يقدح في مخرجاتها، وهي تعتبر القاعدة الأساسية والمدخل الرئسي للنهوض بالقطاع الزراعي، وهذا قصور تتحمله الدولة التي تجيد الزراعة السياسية وتعجز في وضع السياسات الزراعية.  إن تنمية قطاع الزراعة بما يشمل التوسع في المساحات، والتنوع في التركيبة المحصولية، والتحديث في ميكنة الانتاج، وتشجيع الصناعات الغذائية القائمة على المنتج الزراعي، يحتاج إلى إرادة قوية، وقناعة راسخة بهذا القطاع، والعمل الجاد لمعالجة حزمة المعوقات التي أقعدته، أما إذا استمر وضع القطاع الزراعي على ما هو عليه من تهميش وإزدراء، فلا تستطيع الدولة الخروج من دوامة الفجوات الغذائية المتكررة وستفشل في توفير مظلة واقية وآمنة للأمن الغذائي، بل ستجد الدولة نفسها على أبواب المجاعات.

ثالثا: الفجوة بين الزراعيين والمزارعين:
هنالك فجوة، وجفوة، كبيرتين بين الخبراء والباحثين في الحقل الزراعي، وبين المزارعين والممارسين، أثرت سلبا على نهضة القطاع الزراعي، حيث كان المأمول أن يمثل المهندس الزراعي القنطرة التي تربط بين مراكز البحث العلمي الزراعي والمزارعين، وذلك بالقيام بتعريفهم بالممارسات والأساليب الزراعية الجديدة، وبالتقنيات المتطورة الأكثر فاعلية وإنتاجية، والمساهمة في تنمية قدراتهم ومهاراتهم وتغيير اتجاهاتهم وتطويرها من خلال نقل المعلومات ونتائج الابحاث فيما يعرف بإستراتيجية تدفق المعرفة من أعلى إلى أسفل  Top – down، ثم عرض  مشاكل المزارعين مباشرة على العلماء، لإيجاد الحلول المناسبة لها فيما يعرف بإستراتيجية من أسفل إلى أعلى Bottom – up. كذلك كان المرتجى من المهندسين الزراعيين العمل على تنظيم جهود المزارعين في جمعيات تعاونية يستطيعوا من خلالها الحصول على مدخلات الانتاج والخدمات الزراعية الضرورية، وتسويق منتجاتهم عبرها مستفيدين من مفهوم إقتصاديات الحجم  Economies of Scale وهذا ما لم يحدث. إن أسباب هذه الفجوة والهوة عديدة منها تركيز الباحثين والخبراء على العمل الإداري (أفندية بإمتياز) كذلك الترفع على الإشراف المباشر على الزراعة في الحقول وهذا أدى إلى ضعف ثقة  المزارعين في قدرات الباحثين والخبراء الزراعيين في إحداث التطور والتحديث المطلوب في القطاع الزراعي بل ينظرون إليهم وكأنهم مزارعون مثقفون وليس خبراء في مجال الزراعة الأمر الذي جعلهم يعتمدون على معرفتهم التقليدية المحلية الموروثة من الاجداد. كذلك عدم إهتمام الدولة بتأهيل المهندسين الزراعيين وتدريبهم للتعرف على التطور الذي شهدته المجالات الزراعية على مستوى العالم والتعامل معهم كغيرهم من الموظفين أفقدهم القدرة على المبادرة للمساهمة في تطور هذا القطاع. إن تركيز الدولة على تدريب العاملين بكليات الزراعة وهيئة البحوث الزراعية وإغفال منسوبي وزارة الزراعة من المهندسين الزراعيين المنتشرين على نطاق السودان لن يمكنها من تحقيق التحول المنشود من قطاع زراعي تقليدي إلى قطاع زراعي حديث قائم على العلم والحداثة ويمثل رافعة أساسية للإقتصاد السوداني.

رابعا: بؤس بيئة عمل المهندسين الزراعيين
إن كادرا يكتنفه الإحباط وتحتضنه بيئة بائسة تفتقر لأبسط معينات العمل كالبيئة التي يعمل فيها المهندسين الزراعيين لا يمكن أن يبدع أو يكون حريصا على تحقيق نهضة القطاع الزراعي، أو أن يسعى للساهمة في رفع معدلات الإنتاجية وزيادة الإنتاج ونشر ثقافة استخدام التقنيات الحديثة لتقليل تكلفة الإنتاج،  ويساهم في ارساء قواعد علمنة الزراعة السودانية، وأن تكون له المبادرة في مجال تطوير القطاع الزراعي وطرح حلول جديدة خارج اطر الدولة، وليس تابعا لواضع السياسات الزراعية فيها. إن أهداف تطور القطاع الزراعي لا تتحق إلا في ظل وجود كادر مقتدر ومؤهل يعمل في بيئة جاذبة وليس طاردة بل مسيئة ومهينة كالتي يعمل فيها المهندسين الزراعيين. إن النهوض ببيئة عمل الخبراء الزراعيين يحفزهم على الإبداع ويعضد إنتماءهم لوظيفتهم، فهم يمثلون القاعدة التي يرتكز عليها تطور القطاع الزراعي فإخراجهم من دائرة الإحباط واليأس التي تأسرهم وذلك بتحسين أوضاعهم الوظيفية  والمالية والمعنوية والإهتمام بتدريبهم وتأهيلهم وإعادة النظر في شروط تعيين المهندسين الزراعيين فهم اللبنة التي تقوم عليها نهضة القطاع الزراعي وعماد وعصب التنمية الزراعية. .

خامسا: السياسات الكلية للقطاع الزراعي:
درجت الدوائر التي تضع السياسات الكلية على إستبعاد أصحاب المصلحة من المزارعين وإهمال طائفة كبيرة من المهندسين الزراعيين والخبراء المختصين العاملين في مجال الزراعة من المشاركة في وضع السياسات الكلية التي تحكم حركة الاقتصاد مما جعل أثر تلك السياسات ضعيفا أو معدوما، هذا إن لم يكن أثرها سالبا على هذا القطاع. إن السياسات الكلية تشمل السياسات الضريبية و الجمركية والتمويلية والائتمانية والانفاق الحكومي علي التنمية والخدمات وبالطبع أن لهذه السياسات آثارا كبيرة على القطاع الزراعي سيما الإنتاج  الموجه للصادر الذي يستوجب إزالة كل، أو تخفيص الضرائب على صادرات  السلع الزراعية في صورتها الخام وتخفيض ضريبة القيمة المضافة في حالتي الانتاج والتسويق. كذلك فإن الجمارك تلعب دوراً مهماً في ترقية القطاع الزراعي وذلك للعلاقة الوطيدة بين الجمارك والتجارة الخارجية إذ لابد أن تنحى السياسات الجمركية إلى تخفيض جمارك الصادرات الزراعية أو إعفاءها  لتخفيض تكلفتها مما يحسّن وضعها التنافسي في الاسواق العالمية ويشجع الاستثمار فى مجال الإنتاج الزراعى من أجل الصادر. كذلك إزالة الجمارك على واردات مدخلات الإنتاج الزراعي من آليات ومواد وغيرها تعتبر من الحوافز التي تؤدي لاستقطاب القطاع الخاص الوطني والاجنبي الي الإستثمار في القطاع الزراعي. إلا أن السياسات الضريبية والجمركية ظلتا تشهدان إضطرابا كبيرا في التعامل مع هذا القطاع، فضلا عن عدم تمييز القطاع الزراعي بسياسات ضريبية وجمركية تساهم في تنميته وتطويره. أما الإنفاق الحكومي على الخدمات الزراعية يكاد يكون منعدما فلم يكن من أولوية الحكومات، مد الطرق المعبدة في المناطق الزراعية، ولا شق قنوات الري، أو كهربة المشاريع الزراعية النيلية، ولا الإهتمام ببرامج ميكنة الزراعة، ولا دعم برامج نقل التقانة. كذلك تعتبر السياسة التمويلية أداة من أدوات السياسات الاقتصادية الكلية فبالرغم من اهتمام هذه الساسة بالقطاع الزراعي ، إلا أنها إعتمدت على السقوف الائتمانية ذات الآجال قصيرة المدى في التمويل الزراعي الأمر الذي أدى إلي ضعف التمويل الممنوح للمزارعين وإقتصاره على الآجال القصيرة. هذه السياسات لن تنجح ما لم تعتمد على مبدأ التحفيز الكفيل بتوجيه ومساعدة القطاع الزراعي وتبني سياسات فاعلة يكون المزارعين وخبراء الزراعة جزاء اصيلا فيها لتحقيق الأهداف المطلوبة للنهوض بالقطاع الزراعي في كافة المجالات.

سادسا: غياب السياسات الزراعية:
تعتبر السياسات الزراعية حزمة متكاملة من الاجراءات الإدارية والتشريعية والتنفذية تتخذها السلطات العامة في الدولة بغية تحقيق اهداف محددة مثل تشجيع زيادة الانتاج وتحديد نمطه وأنواع المحاصيل التي تزرع لتحقيق الأمن الغذائي وزيادة الصادرات ودعم وتهيئة الخدمات التسويقية وبناء القدرات وتقديم الخدمات الزراعية الأساسية المساعدة للمستفيدين مثل نقل التقانة والإرشاد ووقاية المحاصيل والتمويل والدعم الزراعي وغيرها من الخدمات التي ما زالت تعاني من النقص وعدم التطور بل أصابها تدهور كبير. لم تسعى الدولة لوضع سياسات زراعية تحافظ بها علي الأسواق الخارجية للسلع الزراعية السودانية من خلال إنشاء مراكز للترويج بهدف زيادة نصيب السودان من هذه الأسواق وسهولة النفاذ إليها. لم تهتم الدولة بتنفيذ ومتابعة هذه السياسات حال إصدارها من باب الواجب الروتيني لوزارة الزراعة، والتي عادة ما  تعاد بنودها وتكرر لأكثر من عام، مثل المساحات الزراعية التي ظلت تعلنها وزارة الزراعة كل عام والخاصة بالمساحات المخططة للزراعة بالمحاصيل المختلفة وهي غالبا ما تكون مساحات تقديرية لم تقدم الدولة لزراعتها سوى الاعلان عنها ومن ثم الاستهلاك السياسي لهذه البيانات دون تقديم ما يساهم في نجاح زراعتها إنما يتولى المزارع تمويل مدخلات الانتاج والبحث عنها وتحديد اصنافها وتحديد التركيبه المحصولية الملاءمة مما يدلل أن إصدار هذه السياسات أمر يقتضيه العرف والتقليد وليس أمرا ذا بال لدى الدولة. فالسلع المنتجة ما زالت دون مستوي المواصفات الجيدة وهي نفس المنتجات التي أنتجها أجدادنا القدماء بذات التركيبة المحصولية دون إدخال أصناف جديدة. كذلك لم تهتم السياسات القطاعية بتحديث و تطوير الأسواق المركزية و أسواق الجملة داخل السودان بصورة حديثة تشجع المستثمر من الحصول علي معلومات عن السلعة أو الخدمة التي يرغب في الإستثمار فيها. إن إقرار الدولة لسياسة التحرير من القيود وعدم التمييز بين المنتجات المحلية و المستوردة المنافسة ومكافحة سياسات الإغراق أدت إلى ضعف القدرة التنافسية للمنتجات المحلية ولم تسعى الدولة لوضع أي سياسات تعالج هذا الوضع الذي جعل عصير الطماطم والثوم والبامية وغيرها من المنتجات المستوردة تنافس المنتجات المحلية وتستطيع إخراجها من دائرة التنافس. فشلت الدولة في تقديم الخدمات الزراعية الأساسية المساعدة للمزارعين مثل خدمة وقاية المحاصيل وهذا يتضح جليا في العجز في مكافحة الآفة التي ظلت تصيب محصول السميم لأكثر من عام والتي لم تعرف بعد حيث أدت  لخروج السمسم السوداني من التنافس في الاسواق العالمية فضلا عن ارتفاع أسعاره محليا بصورة كبيرة. كذلك ظلت الدزلة عاجزة في مكافحة آفة الماسح التي تصيب الذرة حيث ظلت تقضي على مساحات شاسعة  تكبد المزارعين بسبب هذه الآفات خسائر فادحة حيث لم يكن للدولة أي دور في المكافحة بل تركت المزارعين يواجهون هذا الخطر لوحدهم.

????️ سيتناول الجزء الثاني من المقال الموضوعات التالية:
1- الزراعة عن بعد
2- راهن التمويل الزراعي
3- واقع الإستثمار الزراعي
4- التصنيع الزراعي
5- استخدام التقنيات المتطورة في القطاع التقليدي .

6 – غياب التكامل المعرفي للنهوض بالقطاع الزرعي

.Krimhashimi5@gmail.com
0912677147

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق