Uncategorized

نص خطاب نائب رئيس مجلس السيادة بمناسبة العام الجديد

كلمة نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي
بمناسبة العام الجديد
12 يناير 2025
أيها الشعب السوداني العظيم،
في هذا اليوم المجيد أود أن أُُهنئ الشعب السوداني بأعياد المسيح الذي
طل علينا قبل أيام و رأس السنة الميلادية ويوم استقلال وطننا الحبيب
قبل 69 عام ، أتوجه إليكم بأسمى آيات التقدير والإجلال ، أنتم الشعب
الصامد ، الذي لا تهزه المحن ولا تكسره النوائب ، أنتم الذين كتبتم عبر
تاريخكم الطويل قصة كفاحٍ عظيم وصمودٍ لا يلين ، أمام كل التحديات .اليوم، نستذكر بفخرٍ نضالات آبائنا وأجدادنا الذين ضحوا بالغالي والنفيس ،
لينال السودان حريته واستقلاله في العام 1956.
التحية للشعب السوداني الصامد
يا أبناء السودان ، أنتم رمز العزة والشموخ، الآن تقفون في وجه حرب
وحشية تشنها مليشيات الدعم السريع المجرمة ، ومن خلفها أيادٍ خارجية
تسعى للنيل من استقلالكم ، ونهب مواردكم ، واستعباد شعبكم. وعلى رأس هذه الجهات تأتي دولة الإمارات العربية المتحدة ، التي تسعى لتحقيق
مصالحها على حساب وطننا. لقد زادت هذه الحرب من صلابة شعبنا ،
وصقلت معاني الوطنية والإرادة لتظهر في مشهد هذا الاستبسال العظيم ،
الذي يمتد من الفاشر الحبيبة وحتى الخرطوم الأسيرة ، وربوع الجزيرة
الخضراء وكردفان الغراء.
وكذلك في هذا اليوم ، لا بد أن نستذكر ثورة ديسمبر ، التي مثلت واحدةًمن أهم المحطات في تاريخ السودان الحديث. لقد أطاحت هذه الثورة
بحكومة المؤتمر الوطني و الحركة الإسلامية ، وفتحت أبواب الأمل أمام
مستقبلٍ جديدٍ للسودان. ولكن الخيانات قد طعنتها في الظهر.
التحية لثوار ديسمبر ، أولئك الشباب والشابات الذين خرجوا بصدورٍ عاريةٍ
يهتفون للحرية والسلام والعدالة ، ولم يترددوا في حمل السلاح ، والانحياز
للوطن عندما واجه خطر التفكك والانهيار ، و الان هم مصطفون مع القوات
المسلحة في ميادين القتال. لقد أثبتوا للعالم أن السودان بلدٌ مليء بالأبطال
الذين لا يخونون قضيتهم ، ولا يساومون على وطنهم. وهم الآن في
خطوط المعركة الأمامية ، متجردين من كل انحياز إلا انتماءهم للوطن.فهنالك من يحاولون إستغلال هذا المشهد البطولي للثوار ، لمصالح حزبية
أو سياسية ، يمينية كانت او يسارية ، فإن وعي شعبنا لهم بالمرصاد. ونحن نعرفهم وليس لديهم ورقة توت يتدثرون بها .
للأسف ، لم يكن الطريق سهلاً. فلقد واجهت بلادنا مكائدُ من بعض القادة ،
ومن بعض الأشخاص صغار النفوس ، الذين انحرفوا عن مسار الثورة ، من
الذين أسكرهم شبق السلطة ، وباعوا أنفسهم لشيطان خدمة أجندات
خارجية . لكن رغم هذه الخيانات ، فإن إرادة الشعب كانت أقوى ، ومبادئ
الثورة ما زالت حيةً في قلوب السودانيين الشرفاء.
أقدمُ التحية للمرأة السودانية ، رمز الصمود والتحدي ، وأنحني بكل فخر
وإجلال ، للنساء السودانيات الاتي واجهن المحن بشجاعة وإرادة لا تنكسر.فبالرغم من محاولات المليشيا المجرمة إذلالها خلال هذه الحرب الوحشية ،
ظلت شامخة، ثابتة ، وحاميةً لكرامة وطنها ، وعامل أساسي في الحفاظ
على مجتمعها. تحية للأمهات ، اللائي قدمن أبناءهن شهداء ، وللنساء
اللائي وقفن في الصفوف الأمامية دعمًًا وصمودًًا. لقد أثبتت المرأة
السودانية أنها صانعة المجد وروح الثورة ، وأنها ستظل دائمًًا الحصنالمنيع لهذا الوطن الذي لن يُُهزم أبدًًا.
و الترحم على الشهداء ، والدعاء بالشفاء للجرحى ، وعودة الأسرى
والمفقودين، أتوجه بالتحية والإجلال ، لجنود وضباط الجيش السوداني ، و
القوات النظامية الاخري ، و المقاومة الشعبية و المستنفرين ، و المقاتلين
والمتطوعين الشجعان في صفوفه ، الذين وقفوا سدًًا منيعًًا في وجه
مليشيات الدعم السريع المجرمة. لقد استبسلتم في الدفاع عن الأرض
والعرض ، وأثبتتم أنكم الحصن الحصين لهذا الوطن.

التحية لكل شهداء المعركة الوطنية ، الذين مضوا في طريقهم ليلتحقوا بدرب ود حبوبة ،
وعبدالفضيل الماظ ، إلى آخر القائمة الطويلة لشهداء معارك الوطنية
والتحرر في السودان، والنصر بات غاب قوسين أو أدني. و تحرير مدني
بالامس و سبقها جبل موية و سكر سنار وغيرها لم تكن معاك سهلة من
من حيث الارواح و العتاد . أؤكد أن الجيوش لا تنهزم، وقد أثبتم ذلكبصلابتكم. إن معركتكم ليست فقط للدفاع عن الوطن، بل هي أيضاً لإعادة
بناء السودان بعد الحرب. عليكم أيضًًا أن تواجهوا التحدي الأكبر ، وهو جمع
السلاح المنتشر وحصره في يد القوات النظامية ، لتجنب تكرار التجارب
السابقة ، وعلي اللجنة العُُليا للتعبئة واللإستنفار ، وضع برنامج يستصحب
آليات تُُساعد لاحقاً في جمع السلاح بعد إستتباب الامن من المستنفرين
الخُُلص ، و المقاومة و أي تسميات أخري .
و أقول للشخصيات المتورطة في السر او العلن في إراقة الدم السوداني و
الذين شاركوا فعلياً في المعارك او كانوا مخبرين او دُُللة او متعاونين مع
المليشا و إلي الذين يدعونهم للعودة ، هؤلاء لافرق بينهم و بين المتمرد
محمد حمدان دقلو و لابد من معاملتهم بنفس معيار التعامل مع قائدهم و
لافرق بين قاتل و آخر.
هذه الحرب ، رغم قسوتها ، وتجاوز المليشيا لقواعد الإشتباك ، فقد قامتالمؤسسات والأجهزة ذات الصلة ، برصد وجمع و توثيق دقيق لكل
تجاوزات الدعم السريع ، وأن كل من إرتكب جرما ستناله يد العدالة ، كما أنها جمعت الوطنيين من أبناء السودان على هدفٍ واحدٍ . لقد أعادت إلينا
الأمل في بناء وحدة وطنية حقيقية، تستند إلى العدالة، والمساواة ،
والمواطنة بلا تمييز. إن هذا التلاحم عملياً هو الطريق الصحيح لبناء
السودان الجديد، الذي يحلم به كل السودانيات والسودانيين.
أيها الإخوة والأخوات،
لم تكن هذه الحرب مجرد أزمة ، بل كانت اختبارًًا لعزيمتنا الوطنية ولصمودِ
شعبنا ، وبرهنت للعالم أجمع أن السودانيين لا يُقهََرون. لقد أثبتم أن
الاستقلال ليس مجرد حدثٍ يُُحتفل به، بل هو مسؤولية تُحمََل على الأكتاف، ونضالٌ مستمرٌ ضد كل من يحاول المساس بسيادة بلادنا وكرامة شعبنا.كما انها لم تكن مجرد مأساة، بل كانت هُُنالك فرصةً لإعادة التفكير ، في
مسارنا الوطني للتأسيس لمشروع وطني تنموي حقيقي ، يضع أسس بناء
سودان ما بعد الحرب. لقد حان الوقت لتحقيق الشعارات التي لطالما رفعها
السودانيون ، حرية، سلام، وعدالة .
الكثيرون يتحدثون عن الديمقراطية ، وهو مطلب مشروع مستمر .فالديمقراطية النابعة من التعددية السودانية والعدالة الاجتماعية ، هي
السبيل الوحيد لإخراج السلاح من الممارسة السياسية . ومع ذلك ،
فالوصول إلى محطة التحول الديمقراطي ، يُُحتم علينا أولاً إسترداد الدولة، بتعزيز الهيكل الموحّّد لها ، وتنمية مقدراته الوظيفية والأدائية ، وأن
نؤسس مؤسسات دولة محايدة ، تخدم جميع المواطنين دون استثناء .وهذا يشمل القوات المسلحة السودانية ، والمؤسسة العسكرية التي تضمالشرطة والأمن والقوات النظامية الأخرى ، التي ستُدمََج فيها كافة قوات
الكفاح المسلحة الوطنية ، لتصبح جزءًًا من جيش وطني واحد موحد
القيادة ، يحمي كل السودان وكافة أهله.
هذا العام ، سيكون عام لبداية تحرير مؤسسات الدولة ، من كافة أشكال
الانحياز الحزبي ، والسياسي ، والجهوي والإثني . علينا أن نبني مؤسسات
خدمية تسعى لخدمة الشعب السوداني بكل فئاته . وفي هذا الإطار ، قد
نظمت وزارة العمل و الإصلاح الإداري ورشة ، عن الحقوق والواجبات

للعاملين بالخدمة المدنية ، و قوانين الخدمة المدنية و شروط الخدمة و
إعادة الهيكلة ، و نعمل الان علي تطبيق هذه المخرجات ، كما واننا لن نهتم
بالدعاية السياسية المغرضة ، التي يحاول البعض نشرها ، لخدمة أجندات
المليشيا. إن اتهام الجيش ومؤسسات الدولة بالتحيزِ إلى أي جهةٍ ، هومحاولة يائسة للنيل من وحدتنا الوطنية ، ولكننا لن ننحرف عن مسارنا ، في
إكمال مسيرة انتقال البلاد ، حتى تصل الي ما خرج من أجله الثوار
والثائرات وضحوا في سبيله بالمهج والأرواح .
لن ينجح أولئك الذين يسعون للوصول إلى السلطة على حساب دماء
السودانيين ، لخدمة مصالح خارجية وأجندات مشبوهة . السودان أكبر من
أن يُُختزل في أطماعهم الصغيرة ، وأعظم من أن يُُستخدم كورقة في
صراعاتهم الإقليمية والدولية.
إن سودان ما بعد الحرب الذي نعمل على تاسيسه ، يقوم على أسس
الشفافية والقومية ، ومكافحة الفساد بكل أشكاله ، سواء كان ماليًًا أو
سياسيًًا . لا يمكننا أن نبني وطنًًا عادلًًا ومزدهرًًا ، ما لم نحارب الفساد الذي
أرهق دولتنا وأضعف مؤسساتها لعقود طويلة. وهذه معركة شاقة تحتاج
لتعاون الجهات الرسمية و الشعبية ، وقد وضعت الحكومة تصوراً للتدابير والتشريعات اللازمة ، يصحبها برنامج تأهيل وتدريب أجهزة إنفاذ القانون.
إن الذين يعملون على تقسيم السودان ، سيما وأن هنالك مشروعاً مُعدٌ أصلاً
لتجزئة السودان علي أُُسس مناطقية و جهوية. وهناك مجموعة غير قليلة
من المنظمات الإنسانية ، تحركها دول لها مصالح في تقسيم السودان ،
تنشط الآن تحت غطاء الخدمات الإنسانية ، و تارة تحت غطاء حماية
المدنيين. وهم بذلك يختلقون الأسباب ، بدءاً بذريعة التأشيرات ، بالرغم
من أن مفوضية العون الإنساني قد منحت أكثر من 4000 تاشيرة وإذن
دخول. ذلك، بجانب التركيز علي فتح معبر أدري ، ونحن نعلم أنه و أمام
أعينهم يتم إدخال السلاح والإمداد للمتمردين، بل وإعلانهم أن السودان بلد
مجاعة بغرضِ دخول الاراضي السودانية بدون إذن الحكومة ، و بالتالي
إدخال قوات تحت ستار حماية المدنين لأهداف إنسانية . والمفارقة ، أن
كل هذه الذرائع تجد طريقها إلى نفوس بعض السودانين ، الذين ينشطونفي نفخ هذا البوق سعياً الي تقسيم دولتهم . فهؤلأ لديهم أزمة ولاء ،
يخربون بيوتهم و بيوتنا بأيديهم ، مستقلين بعض المنظمات الوطنية
والإقليمية والدولية ، وأيضاً المؤسسات الأفريقية ، ومنظمات الاتحاد
الأفريقي ، والتي ضعفت أمام هذا التيار و إنجرفت معه لتنحرف عن هدفِ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق