أخبار وتقارير

حادثة الكنـابي.. الجيش بالمرصــاد

الواقعة شهدت إدانات واسعة في الداخل والخارج

الجيش يتعهد بمحاسبة كل من يثبت تورطه في أي تجاوزات بالكنابي

الميليشيا والقحاتة حاولوا الاصطياد في الماء العكر باتهام القوات المسلحة

خبير عسكري يكشف عن حملة مغرضة تستهدف تلطيخ سمعة الجيش

ضباط أكفاء يقودون الجيش والقوات المساندة والمستنفرين ويلتزمون بالقوانين

معاوية دانيال: الجيش يتعامل وفق القوانين ويراعي قواعد حقوق الإنسان

تقرير- إسماعيل جبريل تيسو:

دانت القوات المسلحة السودانية، ما وصفتها ب” تجاوزات فردية ” حدثت في الآونة الأخيرة بولاية الجزيرة عقب بسط السيطرة على مدينة ود مدني وأكد بيان لمكتب الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة حرص الجيش على محاسبة كل من يثبت تورطه في أي تجاوزات تطال الأشخاص في منطقة الكنابي وقرى الولاية وفقاً للأطر القانونية، وأضافت القوات المسلحة أنها تتابع عن كثب الحالة الأمنية في المنطقة بالتنسيق مع لجنة أمن ولاية الجزيرة، لضمان تأمين كافة المناطق ومنع أي محاولة لاستغلال أي تجاوزات فردية لإلصاقها بالقوات المسلحة والقوات المساندة لها”.

 

ڤيديوهات صادمة..
وكانت العديد من الڤيديوهات الصادمة قد نُشرت على منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية توثق لانتهاكات وقتل خارج نطاق القانون ضد مواطنين سودانيين في منطقة “الكنابي” بولاية الجزيرة، بتهمة التعاون مع ميليشيا الدعم السريع، وقد ارتكبت هذه الجرائم بواسطة مجموعات ترتدي زياً عسكرياً قيل إنها متحالفة مع القوات المسلحة، وقد أثار هذا الأمر ضجة كبيرة هزّت ” السوشيال ميديا”، وحرّكت إدانات واسعة من قبل جماعات حقوقية وقوى سياسية في الداخل، بالإضافة إلى الأمم المتحدة ومنظماتها الحقوقية والعدلية والإنسانية، هذا فضلاً عن منظمات إقليمية ودول وكيانات مختلفة، حيث أعربت جميعها عن قلقها العميق إيزاء ما وصفته بتقارير تتحدث عن انتهاك حقوق الإنسان في منطقة الكنابي بولاية الجزيرة، مطالبة السلطات السودانية المختصة باتخاذ إجراءات فورية لوقف العنف وحماية المدنيين وتقديم المسؤولين عن هذه الجرائم إلى العدالة.

بيان الميليشيا..
وسارعت ميليشيا الدعم السريع إلى إدانة ما وصفته بالانتهاكات وجرائم الإبادة العنصرية الخطيرة استهدفت الأبرياء من “مواطني الكنابي”، وعلى رأسها مجزرة “كمبو طيبة” شرق محلية أم القرى في ولاية الجزيرة، والتي شهدت جرائم ممنهجة راح ضحيتها المئات منذ دخول الجيش ومليشياته إلى مدينة ود مدني يوم السبت الماضي، وقالت في بيان لها إن هذه الجرائم ترقى لجرائم الإبادة الجماعية وجرائم التطهير العرقي، وتهدد أمن وسلامة المجتمع السوداني، داعية إلى إيقاظ الضمير الإنساني، ونجدة الأبرياء وإنقاذ حياتهم، منوهة إلى ما وصفتهم بمليشيات البرهان والكتائب الإرهابية، قد استباحت قرى ومناطق بأكملها، وتعمدت إحراقها والتنكيل بالأبرياء تحت دعاوى وذرائع أنهم يمثلون حواضن اجتماعية لقوات الدعم السريع، محذرة من ما اعتبرته حملات تحريضية مستمرة ضد أبناء الكنابي في بولاية الجزيرة، ومحاولات استغلال الأحداث الجارية لتصفية وجودهم وتهجيرهم خدمة لأجندات تقسيم البلاد، داعية إلى تجنيب المواطنين الأبرياء الصراع المسلح تفادياً للانزلاق إلى حرب أهلية طاحنة.

 

حملة مغرضة..
وقلل مصدر عسكري رفيع من الحملة الممنهجة التي قال إنها تدار ضد القوات المسلحة على خلفية الڤيديوهات الصادمة والمبذولة في منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية، متهماً غرف ميليشيا الدعم السريع وأعوانهم من تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية ” تقدم” بالوقوف وراء هذه الحملة المغرضة ضد القوات المسلحة لتلطيخ سمعتها وتحريض المجتمع الدولي من أجل تحريك أصابع الإدانات الدولية ضد الجيش السوداني إسوة بما حدث لميليشيا الدعم السريع وقائدها محمد حمدان دقلو مؤخراً، وقال المصدر الرفيع الذي فضّل حجب اسمه في إفادته للكرامة، إن القوات المسلحة والمستنفرين والقوة المشتركة تعمل تحت قيادة ضباط مهنيين وأكفاء، وملتزمين تماماً بالقوانين، ويتقيدون بالأوامر والتعليمات العسكرية، ولا يأتون بمثل هذه التصرفات الهمجية، مؤكداً أن القوات المسلحة وحرصاً منها على تبرئة الذمة وكشف الحقائق للرأي العام المحلي والإقليمي والدولي، ستجري التحقيقات المهنية اللازمة، وستلقي القبض على المجرمين ومنتهكي القانون وتقدمهم للمحاكمة العادلة.

مراعاة حقوق الإنسان..
ويمتدح الخبير العسكري والاستراتيجي دكتور معاوية علي عوض الله سرعة تعاطي القوات المسلحة مع الحادثة وتعهدها بمحاسبة كل من ثبت تورطه وتتجاوزه حدود القانون، وقال عوض الله في إفادته للكرامة إن الخطوة ليست بمستغربة على المؤسسة العسكرية التي عُرفت طوال عمرها الذي يناهز المائة عام بالضبط والربط، حتى طبقت سمعتها الآفاق، وأصبحت منارة تخطب ودَّها دول المحيط العربي والأفريقي ليلتحق أبناؤها من الضباط وضباط الصف بالكلية الحربية مصنع الرجال وعرين الأبطال، وينهلوا من معين علومها العسكرية التي تُدّرس على أيدي خبراء سودانيين في كلية القيادة والأركان، وأكد معاوية دانيال أن القوات المسلحة تتعامل وفق القوانين والأعراف الإنسانية وتراعي في حالة الحروب والنزاعات قواعد حقوق الإنسان، مبيناً أنها قيم تعتمل في دواخل الجندي السوداني منذ نشأته التي تقوم على تربية دينية خالصة يصقلها المجتمع السوداني بمبادئه الأخلاقية والإنسانية على عكس الدعم السريع الميليشيا غير العسكرية، المنفلتة، وغير المنظمة والتي لا تحكمها أخلاق ولا أعراف، وإنما تتعامل مع الحرب بفقه الشفشفة والفوز بالغنائم.

بربرية وهمجية..
والواقع أن الحرب الوجودية التي أشعلت فتيلها ميليشيا الدعم السريع، بتمردها على القوات المسلحة في الخامس عشر من أبريل 2023م، أفرزت بربرية وهمجية الجنجويد الذي مارسوا وبشكل ممنهج انتهاكات فظيعة، وارتكبوا جرائم مريعة، لم يأتِ بها حتى التتار في نهاية القرن السابق الهجري (699هـ)، ذلك أن الجنجويد الأنجاس المناكيد نكّلوا بالمواطنين الأبرياء والعزل، واستطار شرر جرائرهم في كل الأراضي التي وطأتها أقدامهم النجسة، حيث كشّر فيها الإجرام عن أنيابه وأضراسه، فقد قتل الجنجويد الناس وسحلوهم ودفنوهم أحياءً ومثَّلوا بالجثث واغتصبوا وسلبوا ونهبوا وشرّدوا المواطنين قسراً من ديارهم وبيوتهم واحتلوا المؤسسات والأعيان المدنية، وحوّلوا المستشفيات والمرافق الصحية إلى ثكنات عسكرية، واستباحوا حرمة المساجد ودور العبادة ومارسوا فيها الرذيلة، ودمّروا مع سبق الإصرار والترصد البنى التحتية، وقد ساعدهم الصمت الدولي المريب والغريب خلال بواكير الحرب في الاستمرار في هذه الانتهاكات التي فجعت الجميع وصدمت حتى لسان الصدمة من أن يُعبّر عن هول ما فعله هؤلاء الكفرة الفجرة الرعاع المتوحشون.

خاتمة مهمة..
ومهما يكن من أمر فإنه من الواضح أن ميليشيا الدعم السريع المتمردة وأعوانها من تنسيقية “تقدم”، تحاول الاستثمار في حادثة منطقة الكنابي لجرِّ القوات المسلحة إلى مقصلة الإدانة الدولية، لتضرب بحجر هذه الإدانة أكثر من عصفور، فهي تحاول تناسي آثار الضربة الموجعة بهزيمتها ودحرها في ود مدني، وتسعى إلى إدخال الجيش في نفق العقوبات الدولية، وترفع في المقابل الضغوط التي تثقل كاهلها جراء العقوبات المفروضة عليها وعلى قائدها حميدتي، وبالتالي فإن الجيش مطالب بالتحرك العاجل لتفويت الفرصة على الميليشيا وأعوانها وقطع الطريق على أي مؤامرة تعيدهم إلى الحياة بعد أن بدأوا يلفظون أنفاسهم الأخيرة.

 

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق