الجمعية العمومية لاتحاد الكرة تُجهِز على مستقبل كرة القدم مع سبق الإصرار والترصد

د.عبد الكريم الهاشمي:
أثار القرار المنسوب إلى الجمعية العمومية للاتحاد السوداني لكرة القدم (إن صح النسب) والقاضي بتحويل الاتحادات الانتقالية إلى “مناطق فرعية” جدلاً واسعاً في الأوساط الرياضية، لما ينطوي عليه من تداعيات خطيرة تؤثر على حاضر ومستقبل كرة القدم في السودان. لا يختلف اثنان على أن الجمعية العمومية تمثل السلطة العليا في الاتحاد العام، وأن قراراتها هي التي تحدد اتجاهات الارتقاء والتطور لكرة القدم في السودان، إلا أن هذا الدور يظل مرهوناً بمدى التزامها بالنظام الأساسي، وبمدى منطقية ووضوح أهداف القرارات التي تتخذها، وانسجام تلك القرارات مع مصلحة الرياضة في الوطن، عليه، فإن أي قرار يترتب عليه الاضرار بالرياضة وتقليص رقعة انتشارها أو إضعاف البنية القاعدية لرياضة كرة القدم، يفقد قيمته بل ينبغي أن يصبح موضوع للمساءلة. من الملاحظ أن قرار تحويل الاتحادات الانتقالية إلى مناطق فرعية لم يستند إلى نصوص واضحة في النظام الأساسي، ولم تُقدم الجمعية العمومية للجمهور الرياضي أو للأطراف المعنية (الاتحادات الانتقالية) المبررات الإجرائية والموضوعية التي دفعت الجمعية العمومية لاتخاذ هذا القرار، ولا الأهداف التي دفعتها لاتخاذه ولا النتائج المتوقعة من تطبيقه، عليه يكون القرار يكون معيبا من النواحي القانونية والمؤسسية والإدارية، بل يعطى انطباعاً بأن الأمر أقرب إلى ان يكون صفقة من الترضيات والاصطفافات التي تحدث داخل الجمعية العمومية ومجلس الاتحاد، من أن يكون رؤية استراتيجية قائمة على اسس لتطوير لعبة كرة القدم. كما يبدو أنه استجابة لضغوط بعض النافذين في مجلس الاتحاد، أكثر من كونه خطوة مدروسة تستند إلى مبررات موضوعية وأهداف واضحة تخدم الحركة الرياضية. يرجح كثير من المراقبين أن تبني أعضاء الجمعية العمومية لهذا القرار جاء على خلفية التنافس المحتدم بين الاتحادات المحلية القائمة والاتحادات الانتقالية التي تشاركها النشاط في ذات المناطق، وبذلك، فإن القرار لم يكن نابعا من مصلحة عامة، بل جاء إرضاءً لمجموعة (شلليات) على حساب أخرى، لا على حسابات المصلحة الوطنية. إن الأكثر إثارة للدهشة والاستغراب في هذا القرار أن الجمعية العمومية لم تكلف نفسها عناء مخاطبة الاتحادات الانتقالية المعنية بالقرار أو الاستماع إلى وجهة نظرها بل حتى كتابة هذا المقال لم يصدر قرارا مكتوبا بهذا الشأن موجها للاتحادات الانتقاليه المستهدفة بالقرار يؤكد أن القرار صادر من الجمعية العمومية، وبحسب متابعات اجتماعات الجمعية العمومية (بورسودان فبراير، ومروي يوليو 2025) ، فإن الجمعية العمومية لم تتطرق إلى موضوع تحويل الاتحادات الانتقالية إلى مناطق فرعية، ولم يعكس الاعلان تداول الجمعية بهذا الشأن، الأمر الذي يضع علامات استفهام حول مشروعية القرار ومصدره، خاصة بعد أن بدا واضحاً أن القرار يفتقر إلى السند النظامي والإجرائي، وقد يجرّ على الاتحاد نفسه أزمة جديدة مع القواعد الرياضية في الأقاليم. إن ما يضاعف خطورة القرار هو أنه وضع مصير الاتحادات الانتقالية بين أيدي ممثلي الاتحادات المحلية (الجمعية العمومية) ، الذين يُعتبرون عملياً خصوماً مباشرين لهذه الاتحادات. وبذلك، فإن القرار يحمل في طياته تضارباً للمصالح، ويترك الباب مفتوحاً أمام مزيد من الاحتقان داخل المنظومة الرياضية. إن المسؤولية الأخلاقية والمهنية تضع أعضاء الجمعية العمومية من أصحاب الضمير الحي والغيرة الوطنية أمام واجب تاريخي في مناهضته هذا القرار والوقوف ضد تنفيذه، والكشف عن الملابسات التي ادت الي اتخاذه وفي هذا الصدد ندعو السيد متوكل عباس رئيس اللجنة القانونية بالاتحاد السوداني في دورته الحالية 2025م والذي صرح للاذاعة السودانية عبر برنامج عالم الرياضة في العام 2023م وكان وقتها نائبا لرئيس اللجنة القانونية وعضو لجنة اعتماد الاتحادات الانتقالية كاتحادات محلية، ان يظل موقفه كما كان داعما ومؤيدا ومنصفا للاتحادات الانتقالية ويعمل على التأثير على زملائه للوقوف ضد هذه الجريمه التي ستكون وصمة عار في جبين الجمعية العمومية ومجلس الاتحاد ولجنته القانونية إذا ما تم تنفيذ هذا القرار، حيث صرح وقتها السيد متوكل عباس للاذاعة قائلا وحديثه ما بين الهلالين (أن اداء بعض الاتحادات الانتقالة افضل من الاتحادات المحليه بل هنالك اتحادات لا تستحق أن تكون اتحادات محلية وتفتقد للاشتراطات الاساسية المطلوبة لهذا المستوى والتي تتوفر لدى الاتحادات الانتقالية، بل هنالك اتحادات محلية ليس لها دوري ومن العدالة بمكان ان تترفع الاتحادات الانتقالية الى محلية ) انتهى.
إن الدفاع عن الاتحادات الانتقالية ليس دفاعاً عن كيانات صغيرة بقدر ما هو دفاع عن حقوق الولايات والمحليات في المشاركة، وعن مبدأ العدالة في توزيع فرص التطوير والانتشار. ومن هنا نطلق هذا النداء في وجه كل من يؤمن بأن النهضة الرياضية مشروع وطني لا يحتمل الإقصاء أو الشلليات، من الرياضيين والاداريين والمدربين والحكام والاعلاميين أن يرفعوا اصواتهم اليوم قبل الغد وأن يصطفوا مع المدافعين عن حقوق الاتحادات الانتقالية، حتى لا تنجح الجمعية العمومية للاتحاد السوداني في سعيها لتقويض مستقبل اللعبة بكل إصرار وترصد.
إن مستقبل كرة القدم السودانية يحتاج إلى قرارات تدعم الاتحادات الانتقالية التي تدير شؤون اللعبة في مناطقها والتي لم يصلها حتى الآن عضو من مجلس الاتحاد دع عنك رئيسه، ولم يصلها دعما ماليا او لوجستيا او فنيا لادارة النشاط الرياضي، بل تدير شؤونها من مواردها الذاتية وبالرغم من ذلك يذهب الاتحاد الى العكس كما يقول المثل (جو يساعدوهو في حفر قبر ابوه دس المحافير) وذلك بفرض إجراءات تعسفية تحجيمية تزيد من مركزية نشاط كرة القدم وتحد من انتشاره وما زالت تثير حيرة الكثيرين عن مقاصدها واهدافها.
أن النهضة الرياضية لا تتحقق إلا عبر تمكين القواعد، وتوسيع دائرة المشاركة، وتجاوز عقلية الترضيات والشلليات ورمي السلم بأيدي اصحاب التصورات الشحيحة والأفق الضيق لمنع غيرهم من الوصول الى القمة وكأنها اعدت لهم وحرّمت على غيرهم.
Krimhashimi5@gmail. Com
0912677147



