
م. جبريل حسن أحمد:
على مدى عام ونصف العام تقريبا يعيش الشعب السوداني أوضاعا مأساوية وقاسية تدرجت حتى وصلت أعتاب المجاعة، والاتحاد الأفريقي غارق في دبلوماسية كسيحة تمثلها آليته الأفريقية التي باتت خنجرا في عنق الشعب السوداني ففي الوقت الذي نحتاج فيه إلى نداء إنساني لمواجهة آثار الحرب وخطر المجاعة والفيضانات التي انطلقت نجدها تقدم الدعوات لجلسة انعقاد مؤتمر ثانية لا تثمن ولا تغني من جوع، لأن الرؤية المعكوسة في تناول جذور الأزمة السودانية تلقي بظلال سوداء على مستقبل مشروع السلام القادم لأن توجيه الدعوات في هذا التوقيت لمجموعة قوى سياسية لاتملك السند الجماهيري دون توجيهها لقوى الثورة الحية مع عكس أولويات معالجة الأزمة والبدء بالمسار السياسي والتحضير له ليكون الأساس لما بعد إيقاف الحرب سيلقي بظلال وعقبات كبيرة تقودنا لعدم الوصول لمقاربات جادة مع قتل الأمل في أن تفضي لمصالحات وطنية.
كما أن التوقيت بانعقاد الجلسة الثانية للمؤتمر المزعوم قبل أسبوع من موعد محادثات جنيف، يكشف بوضوح كيف تتحرك هذه الآلية وتقدم الإسناد المفضوح وتوفر الأضواء لمجموعة مهرجلين فشلوا في وقف الحرب ولفت الانتباه لوجهات نظر لا تريد سلاما على الأقل في الوقت الراهن وتضاف للجهود الحثيثة لتعطيل محادثات جنيف المرتقبة.
فالاتحاد الأفريقي كمؤسسة ترعى شؤون دول القارة باتت بعيدة عن آمال السودانيين في عكس الأزمة السودانية من خلال مؤسساتها ومنظومة عملها في رعاية شعوب القارة فالأزمة الإنسانية التي يعيشها السودان أوضحت بجلاء فشل الاتحاد الأفريقي في تقديم المساعدة المطلوبة أو حتى إطلاق نداء للعالم لمواجهة خطر النزوح والمجاعة والفيضانات .
لكن الأمر يصبح ممكنا إذا تعلق بدعم سياسي لأطراف مجهولة وإلا لماذا مؤتمرات تحضيرية ونحن نعيش الحرب لأن الأولوية التي نحتاج اليها الآن هي وقف إطلاق النار وطعام ومأوى وليس مؤتمرات لقوى مؤججة للحرب وأخرى تحاضن النظام البائد في أدوار جديدة وباسم الثورة.
ولأن الاتحاد الأفريقي أصبح كيانا لاقيمة له مما سيفتح الباب واسعا لمراجعة عمل الآليات واللجان المختلفة مستقبلا لأن رعاية دول شعوب القارة هو الهدف الرئيسي لعمل الاتحاد.
ولأن مؤتمر كهذا يجب أن يتأسس على وقف إطلاق النار أولا ويجب أن تتخلله مجموعة من العمليات المدروسة والمترابطة وتكون وفقا لنتائج حوار يفتح المناخ السياسي المناسب لمناقشة مستقبل البلاد، وهذا لايكون في ظل تحالفات كرتونية يعلمها الشعب السوداني بل يتأسس على آلية وطنية قومية متفق حولها تحضر وتقترح مشروع مستقبل السودان يحمل رؤى كل السودانيين بحوار مفتوح يتأسس لكن بعد إيقاف الحرب ليوفر المناخ المناسب في ظل تعافي وتسامح.
بعيدا عن هذه الأجواء التي يصنعها الاتحاد الافريقي بآليته رفيعة المستوى مجازا، نحن السودانيين السواد الأعظم نحتاج إلى واقعية أكبر لتجاوز محطة الاتحاد الأفريقي الذي لم يكن يوما ذا قيمة مؤثرة بمؤسسات المجتمع الدولي أو منظومة عمل مجلس الأمن إلا في الإطار الدبلوماسي الخفيف عبر منظمة إيقاد، لذا الكيانات ذات القيمة الوطنية والقوى الثورية الحية تقبل بالحوار لكن من خلال طرح رؤى جادة وليس خدمة أطراف على حساب الوطن فخارطة الطريق يجب أن تبدأ من -محادثات جنيف- بوقف إطلاق النار لمدى ستة أشهر (للمساعدة في بناء الثقة وقياس مدى جدية الأطراف للدخول في سلام شامل)
-معالجة الأزمة الإنسانية بفتح المسارات الإنسانية لمناطق النزوح ومناطق سيطرة الأطراف .
– تفويض لجنة وطنية قومية لابتدار مشروع مستقبل السودان (تمثل فيه كل الأطراف) والذي يقترح فيه مسودة مشروع الاتفاق السياسي الشامل الذي يطرح في مؤتمر جامع أو مائدة مستديرة لكل أهل السودان عدا النظام البائد والذي تسبقه مشاوارات واسعة تبتدرها اللجنة الوطنية لمناقشة كيف يحكم السودان مستقبلا مع تضمين رؤى الأطراف مجتمعة والخروج بمسودة اتفاق يستفتي فيه الشعب ليكون أمرا ملزما يتأسس عليه دستور البلاد.
-تأسيس إدارات مدنية في مناطق سيطرة الأطراف لسد الفراغ الإداري والخدمي إلى حين إشعار آخر.
– الإقرار والتأكيد بفتح صندوق للتعويضات
– إنشاء الية مشتركة للاحصاء المركزي بأشراف لجنة وطنية محايدة
لانسياب المعلومات وقاعدة البيانات لقياس حجم الأضرار المختلفة ومساعدة منظمات المجتمع الوطنية والدولية في تقديم المساعدات المطلوبة.
وهذه هي آمالنا بعيدا عن الاتحاد الأفريقي.
تشكراتي
م.جبريل حسن أحمد
gebrelhassan@gmail.com