مقالات
المأزق السياسي التاريخي للحمادِكة القُدامى والجُدد و للكيزان و جنجويدهم الدقلويين

برير إسماعيل:
إنَّ حمَّدكة الذين لا يؤمنون و لا يثقون في قدرات الحركة الجماهيرية حمدكتهم للثورة السودانية المجيدة و بذات طرائق التفكير التي يُفكِّر بها القائمون على أمر مركز العروبة في دول الخليج هي في الأصل عمل مضاد لخط سير حركة النضال السودانية نحو التغيير الجذري في البلاد.
معطيات و مآلات الأحداث السياسية الكارثية في السودان أثبتت عملياً لمعظم الناس بأنه ليس من مصلحة الثورة المجيدة في شيء الدعوة مجدداً إلى الإستمرار في حمَّدكتها التي كادت أن تصيبها في مقتل لولا مقاومة الحراك الجماهيري لهذه المحاولة السياسية اليائسة.
تاريخياً قدَّمت كل مكوِّنات الحركة الجماهيرية السودانية الثائرة بشقيها المدنيَّ و المسلح تضحيات عظيمة من أجل إحداث التغيير الحقيقي في السودان و في خاتمة المطاف كان حصاد كل هذه التضحيات العظيمة الهشيم و قد حدث ذلك بفعل فاعلين لهم مصلحة في عرقلة مسيرة الثورة.
في إحدى محطات ثورة ديسمبر المجيدة السِلِّمية و المُسلَّحة ظهر النخبوي د. حمدوك و قد حدث هذا الظهور بعد أن لعبت بعض القوى السياسية و المدنيَّة صاحبة الأجندات السياسية الخاصة دوراً كبيراً في هذا الظهور المفاجيء و قد كان من بين هذه النخب المحتالة التي ساهمت في ظهور د. حمدوك النخبة الكيزانية المجرمة الممسكة بمقاليد السلطة في السودان و تمَّ تقديم د. حمدوك بحذلقة سياسية خطيرة للغاية في دور المهدي السوداني الجديد المنتظر الذي سيملأ أرض السودان عدلاً بعد أن ملأتها حركة الأخوان المجرمين السودانية/ الدولية جوراً و ظلماً.
أثبتت الوقائع السياسية على الأرض أنَّ تجربة د. حمدوك أثناء رئاسته الصُّورية لحكومات الثورة السودانية التي مثَّلت بالثورة السودانية العظيمة و مرمطتها بدلاً من أن تعمل على تلبية طموحات و تطلعات و آمال الحركة الجماهيرية التي ثارت ضد الكيزان وجنجويدهم و طحالبهم السياسية أثبتت هذه الوقائع عملياً بأن أصحاب الوجعة هم الذين بإمكانهم أن ينتصروا للقضايا التي ناضلوا من أجلها و معلوم أن د. حمدوك وجد نفسه في قيادة سلطة أتت بها حركة جماهيرية ثائرة لا تربطه بها أي وشائج أو علائق ثورية و سياسية قديمة و متجددة و لأنه لم يكن ملتزماً بأي برامج ثورية و سياسية تربطه بهذه الجماهير فرَّط في مكتسباتها.
لقد رددت الكثير من النخب السياسية و المدنيَّة شعارات موغلة في الخداع و التمويه و الإحتيال على الناس لكي يتم عبرها تقديم د. حمدوك في دور (القيادي الإستثنائي السوداني) الذي سيقود البلاد إلى بر الأمان و كانت هذه الشعارات السياسية الفارغة : كلنا حمدوك … يا حمدوك يسلموا الجابوك… و شكراً حمدوك و في المجمل أكثرت النخب الحمدوكية من ترديد هذه المللوجات السياسية و المحصلة النهائية لكل هذا الإستهبال السياسي هي أن د. حمدوك أناخ بعيره في داخل معسكر اللجنة الأمنية لنظام الجبهة الإسلامية القومية و عمل على إستمداد (قوته) من جنجويدها بقيادة عيال دقلو الذين أكثروا بدورهم من مدحه لتحقيق مشروعهم السياسي الجنجاكيزاني الإجرامي بعد أن وجدوا فيه ركوب الفزرة السياسية ! و قد إختتم د. حمدوك الأول مأساته السياسية بمباركته المخزية لإنقلاب 25 أكتوبر 2021م مع إنه كان إنقلاباً صَّورياً لأن الإنقلاب الأصل على الثورة المجيدة كان عند التوقيع على الوثيقة الدستورية الكارثية.
بعد نشوب حرب 15 أبريل 2023م في السودان طفح د. حمدوك الثاني مجدداً على سطح المشهد السياسي السوداني وبدون أن تكون في وجهه مزعة لحم سياسية و قد حدث هذا الظهور الحمدوكي الثاني المريب بفضل إعادة إنتاج الألاعيب السياسية التي أقدمت عليها ذات النخب السياسية و المدنيَّة التي شاركته التفريط في مكتسبات الحركة الجماهيرية و جاء د. حمدوك الثاني ليقوم بذات الدور الذي قام به د. حمدوك الأول في السابق تحت ذريعة إنه د. حمدوك الثاني سيكون منقذاً هذه المرة لأهل السودان من الضياع و إن كان د. حمدوك الثاني يُدير ملفه الإنقاذي من داخل ديار عيال زايد الممولين الحصريين للمليشيا الجنجويدية الدقلوية التي أسسها الكيزان المجرمون لتحقيق مكاسب رخيصة و هنا فات على الحمادكة القدامى و الجدد بأن هزيمة المشروع السياسي الجنجاكيزاني لا يمكن أن يتم عبر إتباع ذات المنهج السياسي الجنجاكيزاني.!
بالتأكيد لا يمكن للإنسان الطبيعي أن يلدغ من حجر واحد مرتين و لكن الواقع السوداني أوضح أن الأفندي د. حمدوك الأول و الثاني أكل لحم الحركة الجماهيرية السودانية الثائرة و ساهم بسبب تفريطه برفقة حاضنته السياسية (قحت) سابقاً و( تقدُّم ) المطعَّمة بما أكل السبع حالياً في تقتيل و إسالة دماء المواطنين المدنيين الأبرياء و في إضاعة حقوقهم و بالتالي في خسارتهم للكثير من المكتسبات التي ضحوا من أجلها أي أن د. حمدوك الأول و الثاني لم يكتفِ بعملية اللدغ السياسي لمُكوِّنات الحركة الجماهيرية.
الخلاصات تقول إنَّ معظم أهل السودان يعيشون الآن في عصر الحركة الجماهيرية و معلوم أن هذا العصر هو عصر العقل الجمعي الذي يعتمد فيه الحراك الجماهيري على القيادة الجماعية المنتخبة من قِبل هذه الجماهير و وفقاً لبرامج سياسية و إقتصادية و ثقافية …إلخ و هذا الأمر يعني بأن هذه الجماهير لا يمكن لها أن تعتمد على الأفراد لتقييم ماضيها و مواجهة قضاياها الحاضرة من أجل إستشراف المستقبل مهما كانت القدرات و الإمكانيات الخارقة لهؤلاء الأشخاص.
عليه ، لن يستطيع الذين قاموا بتسويق د. حمدوك الأول بعد 11 أبريل 2019م لتحقيق مكاسب سياسية خاصة بهم و خصماً على أهداف الثورة السودانية المجيدة السِّلِّمية و المُسلَّحة إعادة تسويقه مجددا مهما عملوا و في نفس الوقت لن تفلح بعض القيادات السياسية و المدنيَّة في المجتمعين الأقليمي والدولي و التي لها مصالح حقيقية في وجود د. حمدوك الصُّوري في السلطة في السودان إعادة إنتاجه و بديلاً لكل ذلك سوف تتمكن الحركة الجماهيرية السودانية من إعادة ترتيب كل أوراقها و ستفرز قياداتها الحقيقية من داخل صفوفها و من شوارعها التي لا تخون.
الجنجا جنا الكيزان و كلاهما وجهان لعملة إجرامية … و الثورة السودانية مستمرة و النصر أكيد.
22 يناير 2025م