الرشيد طه الأفندي:
مع الفراغ و(عدم الشغلة) صرت اقلب في الموبايل الذي صار عندنا مثل طنبور الشوايقة (لا ملينا لا ملانا) أقلب فيه وانظر واتفرج على جهات الاتصال والحالات وصور الأصدقاء والذكريات والأيام الخوالي عسى ولعل اشغل نفسي وأحاول تنشيط ذاكرتي قليلاً لكني للأسف بدل كل ذلك وجدت الحزن الكآبه واليأس وازدادت حالتي سوءا واصبحت كالمستجير من الرمضاء بالنار.
وجدت بعضهم قد رحل بعيداً حيث لا رجعة (الدوام لله) والموت صرنا ننظر إليه مع حالتنا النفسية السيئة ننظر إليه عاديا وباستهتار كأن شيئاً لم يكن ونحن نعلم ان هذا مصيرنا ومصير كل حي. لا أدري هل من كثرته أم أنه كل شيئ عندنا صار روتينيا، فقد تغيرت كثيرا نفوسنا أخلاقنا طبايعنا وتبلدت مشاعرنا فقدنا الإحساس بالألم والحزن وصارت الدنيا كلها سوداء معتمه نسأل الله أن يردنا إليه ردا جميلا.
ووجدت وانا اقلب (الم اقل لكم إننا فقدنا الاحساس والمشاعر) برغم الموت ورائحته تملأ الارجاء انا ما زلت اقلب واقلب واقلب واتصفح واتصفح رغم كل شيء ووجدت صديقي نزح مثلي ينتظر الفرج وانفراج الغمه على أحر من الجمر ويدعو الله بالحاح واصرار أن يصلح الحال ويعود إلى دياره ومراتع صباه وكانه ذاهب الي الجنه تذكرته وتذكرت أيامنا الجميله و ذكرياتنا يا حليل ايام زماااااان ويا حليلنا وحليل الزمان وقل للزمان ارجع يا زمان
تذكرته وتذكرت قاسم أبوزيد
ألقاكي وين؟ ..نلقاكي وين كان الفرح قفل مسامات الضياع
غناك مزمار الزمن إرشيف عشق ..واصوات نغم وتر التراخى موشحات
من غبت.. ما شرقت شمش والدهشة ساساق الدروب .. لاوين تمش
نار النضال لو تنهبش .. توقد سنون .. المتعبين
تعقد زفاف آخر ضمير .. أتباع مقنن بالقرش
ألقاك وين .. كان التعب ما خت أيدو على جبين تربال ..
يخم رمل الشقا .. المليان غلب .. دقشت قوافلو مع السراب ..
رابط جليد ..الهم سعن .. محزوم خشيمو من الصبر..
راجى السحاب .. نلقاك وين ..أنا وإنت و النيل والأرض
و البور مشتت متنسى .. نجامة التعب الكعب ..
ما كان عول .. ريدى الصبح صفصاف هدير
البر .. أيامى توب شحاد .. هزاه خم و خم .. أنا ما لقيتك ليه..
طعم الفراق دم دم .. ختيتى فوقى الليل .. والليل سقانى السم
أنا خاطرى فى المطرة .. ريحة الدعاش و الشم
والقاك وين …
جئت اتسلى رغم كل شيء واملأ الفراغ لكن الفراغ وعدم الشغلة (عدم الشغله يعلم المشاط) هذا الفراغ أدخلني بكراعي في حاله أخرى من التوتر والقلق فقدت نفسي فقدت كل شيء ورجعت حالتي كما هي مع الزيادة
ودارت عده أسئلة في رأسي، أسئلة عبثية من شاكلة هل هذه الحرب ضروريه؟؟ وهل كان لابد منها استغفر الله العظيم استغفرت وانا استحضر قول الله تعالى (ما كان الله ليذر المؤمنين
على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب) صرت اردد نعم نعم هذه الحرب أكثر من ضروريه و هذا وقتها تماما وهذي مشيئة الله وحكمه وما علينا إلا الانصياع والسمع والطاعه والرضى بقضاء الله وقدره
الحقيقه هذه الحرب احدثت دمار وخراب لا يوصف ولا يعقل ولا يصدق من القتل والنهب والاغتصاب وغيرها من الأشياء الفظيعه التي ارتكبت لو تركنا كل ذلك جانبا رغم فظاعته وبؤسه هل يمكن أن نتحدث عن الحاله النفسيه التي أصابت الجميع دون فرز صغير كبير نساء ورجال حاله نفسيه سيئه جدا حفرت عميقا في النفوس لا أعتقد انها سوف تزول بسهوله وتحتاج لمجهود كبير قبل البناء والتعمير فالإنسان أغلى وأهم من البنيان
فقدت الاغلبيه من السودانيين الاحساس بالزمان والمكان وتحطمت نفسياتهم واصابتهم هذه النفسيات بشرخ يصعب ترميمه ويحتاج لوقت طويل حتى يتعافى الناس من آثار الحرب وإلا سوف تحدث حروب أخرى لا تقل عن الحرب الدائره الآن من تصفيات خصومات بين الأهل والجيران بين الناس أنفسهم المسأله فعلآ خطيره جدا ويجب أن ينظر إليها (كحاله مرضيه) ويتم علاجها بأيدي متخصصين و بأسرع ما يكون
ونعلم ان الحكومه ينتظرها الكثير لكن عليها ان تولي هذا الملف الخاص عنايه فائقة وسريعة.
الله المستعان.
