مقالات
الأحزاب التقليدية السودانية وتاريخ الفشل في إدارة الدولة السودانية “الأمة والاتحادي الديمقراطي” نموذجا

د.أسامة سيدأحمد حسين:
مدخل:
إلى جماهير الشعب السوداني التي أعطت وأعطت وأعطت.. ولم تأخذ شيئا.
(محمد أبوالقاسم حاج حمد)
الحديث عن الأحزاب التقليدية في السودان، مثل حزب الأمة والاتحادي الديمقراطي، يتطلب تحليلًا موضوعيًا لدورها التاريخي وتأثيرها على الوضع السياسيى والاجتماعي في السودان.
هذه الأحزاب لعبت أدوارًا مهمة في تاريخ السودان الحديث، لكنها أيضًا وُوجهت بانتقادات واسعة بسبب فشلها في إدارة الدولة وتحقيق الاستقرار والتنمية. فيما يلي نظرة عامة على أدوارها وإخفاقاتها:
1. حزب الأمة: التأسيس والخلفية:
تأسس حزب الأمة في عام 1945 بقيادة عبد الرحمن المهدي، وهو أحد الأحزاب الإسلامية التقليدية التي ارتبطت بأسرة المهدي. كان للحزب قاعدة شعبية قوية، خاصة في المناطق الريفية وفي غرب السودان.
الدور السياسي:
لعب الحزب دورًا رئيسيًا في حركة الاستقلال عن بريطانيا، وكان جزءًا من التحالفات السياسية التي قادت السودان إلى الاستقلال في عام 1956.
الإخفاقات:
عدم تحقيق الاستقرار: بعد الاستقلال، فشل الحزب في تحقيق استقرار سياسي واقتصادي، حيث شهدت الفترات التي قاد فيها الحكم صراعات داخلية وانقسامات.
التركيز على المصالح الضيقة:
اتُهم الحزب بالتركيز على مصالح فئة معينة (أسرة المهدي وأنصارها) بدلًا من العمل على مصلحة الشعب السوداني ككل.
الفشل في بناء دولة حديثة:
لم يتمكن الحزب من بناء مؤسسات دولة قوية وفعالة، مما أدى إلى استمرار الأزمات السياسية والاقتصادية.
2. الاتحادي الديمقراطي:
التأسيس والخلفية:
تأسس الحزب الاتحادي الديمقراطي في عام 1952، وهو امتداد للحركة الاتحادية التي كانت تدعو إلى الاتحاد مع مصر قبل الاستقلال. ارتبط الحزب تاريخيًا بأسرة الختمية الصوفية.
-الدور السياسي : شارك الحزب في الحكومات المتعاقبة بعد الاستقلال، وكان له دور في تشكيل السياسات الخارجية والداخلية.
الإخفاقات:
الانقسامات الداخلية: عانى الحزب من انقسامات داخلية متكررة، مما أضعف قدرته على تحقيق أهدافه السياسية.
الفشل في تحقيق الوحدة الوطنية:
لم يتمكن الحزب من بناء جسور بين مختلف الفصائل السياسية والقبلية في السودان، مما أدى إلى تفاقم الصراعات الإقليمية والعرقية.
عدم القدرة على مواجهة التحديات الاقتصادية:
فشل الحزب في إدارة الاقتصاد السوداني بشكل فعال، مما أدى إلى تفاقم الفقر وتردي الخدمات العامة.
3. الفشل المشترك للأحزاب التقليدية:
التركيز على المصالح الشخصية والعائلية:
اتُهمت هذه الأحزاب بالعمل لصالح مصالح ضيقة مرتبطة بقياداتها التاريخية وعائلاتها، بدلًا من العمل لصالح الشعب السوداني.
عدم القدرة على تحقيق الديمقراطية:
على الرغم من ادعائها الديمقراطية، فشلت هذه الأحزاب في بناء نظام ديمقراطي مستقر، حيث كانت الانتخابات تعاني من التزوير والفساد.
التورط في الصراعات العسكرية:
ساهمت هذه الأحزاب في تأجيج الصراعات العسكرية والحروب الأهلية، خاصة في جنوب السودان ودارفور، بسبب سياسات الإقصاء والتهميش.
الفشل في بناء مؤسسات الدولة:
لم تتمكن هذه الأحزاب من بناء مؤسسات دولة قوية وفعالة، مما أدى إلى استمرار الأزمات السياسية والاقتصادية.
4. النتيجة:-
– أدى فشل هذه الأحزاب في إدارة الدولة إلى تفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في السودان، مما مهد الطريق لانقلابات عسكرية متكررة، مثل انقلاب عمر البشير في عام 1989.
لا يزال إرث هذه الأحزاب يؤثر على المشهد السياسي السوداني حتى اليوم، حيث يعاني السودان من عدم الاستقرار وغياب الرؤية السياسية الواضحة.
في الختام، يمكن القول إن الأحزاب التقليدية في السودان، مثل حزب الأمة والاتحادي الديمقراطي، لعبت أدوارًا تاريخية مهمة، لكنها فشلت في تحقيق الاستقرار والتنمية بسبب انقساماتها الداخلية وتركيزها على المصالح الضيقة. هذا الفشل ترك أثرًا عميقًا على الوضع السياسي والاجتماعي في السودان.