صحة وبيئةعلوم وتكنولوجيا
ضرورة إنشاء مصنع أمصال سموم الثعابين والعقارب بالسودان

كيميائي/ د.أسامة سيدأحمد حسين:
إن جدوى إقامة مصنع لإنتاج أمصال سموم العقارب والثعابين في السودان لا خلاف حولها، حيث يمتلك السودان بيئة غنية بالثعابين والعقارب السامة، خاصة في المناطق الريفية والصحراوية، مما يجعل إقامة مصنع لإنتاج الأمصال المضادة فكرة ذات إمكانات كبيرة، إلى تحليل تفصيلي للضرورة والجدوى:
١.العوامل الداعمة للفكرة:
أ. الحاجة الطبية العاجلة: – يسجل السودان آلاف الإصابات بلسعات العقارب ولدغات الثعابين سنويًّا، ويعد من أكثر الدول الإفريقية تأذيا وتضررًا.
يعتمد العلاج الحالي على الأمصال المستوردة (غالبًا من الهند أو المكسيك ومصر)، والتي تكون:
مكلفة (قد تصل تكلفة الجرعة الواحدة إلى 100 دولار) وغير مُلائمة دائمًا لأنواع السموم المحلية.
ب. الموارد الطبيعية المحلية المتاحة:
-وجود تنوع كبير في أنواع الثعابين والعقارب السامة (مثل الكوبرا والأفعى القرنية وعقارب الـAndroctonus). -إمكانية استخراج السموم محليًّا بتكلفة منخفضة مقارنة بالاستيراد.
ج. الدعم الحكومي والدولي:
قد تحظى الفكرة بدعم وزارة الصحة السودانية ومنظمات مثل منظمة الصحة العالمية (WHO)، خاصةً مع تصنيف لدغات الثعابين والعقارب كأحد الأمراض المهملة.
-مشاريع سابقة مثل المركز القومي للأبحاث بالسودان والأمانة العلمية بجامعة الخرطوم ( كلية العلوم – قسم الحيوان Zoyology) أجرت دراسات حول السموم.
٢. الجدوى الفنية:
أ. مراحل الإنتاج:
1. جمع السموم:
تربية العقارب والثعابين في مزارع مُخصصة تحت إشراف خبراء.
استخراج السموم بطريقة آمنة (عن طريق التحفيز الكهربائي).
2. تكرير السموم:
تنقية السموم في معامل متخصصة.
3.إنتاج المصل:
حقن الحيوانات (كالحصان أو الأغنام) بجرعات مخففة من السم لتحفيز إنتاج الأجسام المضادة.
استخلاص البلازما الغنية بالأجسام المضادة وتنقيتها.
ب. المتطلبات التقنية:
-معامل مجهزة بأجهزة تنقية وتبريد.
-كوادر مؤهلة في علم السموم (Toxicology) والمناعة.
-شراكات مع مراكز بحثية اقليميه ودولية لنقل الخبرات.
٣. الجدوى الاقتصادية:
أ. التكلفة التقديرية:
التكلفة الأولية: تتراوح بين 2-5 مليون دولار (تشمل إنشاء المزرعة، المعامل، والتجهيزات).
-التكلفة التشغيلية: تشمل صيانة الحيوانات، الأجور، والطاقة.
ب. العائد المتوقع:
-السوق المحلي:
– بيع الأمصال بأسعار تنافسية (نصف سعر المستورد).
– توفير الأمصال للمستشفيات الحكومية والعيادات والمراكز الصحيه النائية.
التصدير:
– تصدير الفائض إلى دول الجوار (تشاد، إثيوبيا، جنوب السودان وبقية العمق الافريقي) التي تعاني من نفس المشكلة.
ج. النماذج الناجحة:
نجاح مصانع مماثلة في دول مثل المكسيك والهند
ومصر (مصل “وادي النيل” المصري).
٤.التحديات:
التحديات الفنية:
.نقص الخبرات المحلية في تربية الحيوانات السامة وتكرير السموم.
.صعوبة الحفاظ على جودة المصل وفق المعايير الدولية (مثل شهادات الـGMP).
التحديات الأمنية:
– مخاطر التعامل مع الحيوانات السامة.
– الحاجة إلى تأمين المنشأة ضد السرقة أو التخريب.
التحديات التسويقية:
– ثقة المجتمع في المنتج المحلي مقابل المستورد.
– المنافسة مع الشركات الأجنبية المدعومة.
٥. الحلول والمقترحات:
1.الشراكات الاستراتيجية:
– التعاون مع شركات أو معاهد دولية (مثل معهد BUTANTAN البرازيلي) لتدريب الكوادر.
– التعاقد مع خبراء أجانب في المراحل الأولى.
2.الدعم الحكومي:
.إعفاءات ضريبية للمصنع.
. تمويل جزئي عبر وزارة الصحة أو الصناعة.
3.التسويق الذكي:
– توعية المجتمعات الريفية بأهمية الأمصال عبر الحملات الصحية.
– المشاركة في معارض طبية إقليمية.
٦.الأثر الاجتماعي والاقتصادي:
تقليل الوفيات: خاصة بين الأطفال وكبار السن الأكثر عرضة للدغات.
توفير فرص عمل: في مجالات الزراعة الحيوانية، البحث العلمي، والتوزيع.
تحسين صورة السودان: كرائد في مجال الصناعات الدوائية الحيوية بإفريقيا.
الخلاصة:
المشروع مجدٍ اقتصاديًّا واجتماعيًّا إذا تم التغلب على التحديات الفنيةوالتسويقية. يتطلب نجاحه:
– تخطيطًا مدروسًا بالتعاون مع الخبراء الدوليين.
– دعمًا حكوميًّا وتشريعيًّا قويًّا.
– استثمارًا في تدريب الكوادر المحلية.
بتحقيق هذه الشروط، قد يصبح السودان مركزًا إقليميًّا لإنتاج الأمصال المضادة، مع تأثير إيجابي هائل على الصحة العامة والاقتصاد.