
د.أسامة سيدأحمد حسين:
انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من عضوية المنظمات الأممية الكبرى خلال ولاية الرئيس دونالد ترامب (في ولايتيه الأولى 2017–2021 والثانية التي بدأت في 2025) يعكس توجهًا سياسيًا قائمًا على شعار “أمريكا أولاً”، مع التركيز على مراجعة الاتفاقيات الدولية التي يراها غير مُجدية أو مُتحيزة ضد مصالح واشنطن وحلفائها، خاصة إسرائيل.
ونلاحظ أبرز الانسحابات:
1. “الانسحاب من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة”
السبب المعلن: اتهام المجلس بالتحيز الحاد ضد إسرائيل، حيث أصدر قرارات تدينها أكثر من دول مثل سوريا أو إيران مجتمعة. كما انتقدت الإدارة الأمريكية عدم إصلاح الهيكل الداخلي للمجلس.
التفاصيل: أعلن ترامب الانسحاب في فبراير 2025 عبر أمر تنفيذي، وهو إجراء مشابه لانسحاب سابق في 2018 خلال ولايته الأولى. عادت الولايات المتحدة للمجلس تحت إدارة بايدن (2022–2024) قبل انسحابها مجددًا.
التأثير: يُضعف هذا القرار المصداقية الدولية للمجلس، رغم عدم امتلاكه سلطة ملزمة، لكن نقاشاته تحمل ثقلًا سياسيًا.
2. “وقف تمويل وكالة الأونروا وحظر التعامل معها”.
السبب المعلن: اتهام الوكالة بالتواطؤ مع “أنشطة إرهابية” لحركة حماس، واتهام 12 موظفًا فيها بالمشاركة في هجوم 7 أكتوبر 2023 على إسرائيل.
التفاصيل:
أوقف ترامب التمويل الأمريكي (الذي كان يتراوح بين 300–400 مليون دولار سنويًا) وأصدر أمرًا بمنع التعامل مع الوكالة في يناير 2025. تزامن القرار مع زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لواشنطن، الذي دعم الخطوة.
التأثير: تهديد خدمات الصحة والتعليم لملايين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية ولبنان.
3.” الانسحاب من منظمة الصحة العالمية”.
السبب المعلن: اتهام المنظمة بـ”الإخفاق في إدارة أزمة كورونا” و”الانحياز للصين”، مع انتقاد المساهمات المالية الأمريكية الكبيرة مقارنة بالصين.
التفاصيل:
أعلن ترامب الانسحاب في يناير 2025، بعد يوم من تنصيبه لولاية ثانية، مع إمكانية العودة إذا أجرت المنظمة إصلاحات. الولايات المتحدة كانت أكبر ممول للمنظمة (18% من إجمالي التمويل)، مما يهدد قدرتها على مواجهة الأوبئة.
التأثير: زيادة المخاطر الصحية العالمية، وفقدان البيانات الحيوية اللازمة لمكافحة الأمراض مثل الإنفلونزا.
4. “انسحابات سابقة في الولاية الأولى (2017–2021)”:
<اتفاقية باريس للمناخ (2017)>:
وصفها ترامب بـ”الخدعة” التي تضر بالاقتصاد الأمريكي.
<اليونسكو (2017)>: بسبب “التحيز ضد إسرائيل” في قضايا مثل إدراج مواقع فلسطينية تراثية.
<الاتفاق النووي الإيراني (2018)>:
بدعوى عدم كفايته لوقف البرنامج النووي الإيراني.
<معاهدة الأجواء المفتوحة (2020)>:
بسبب اتهام روسيا بانتهاكها.
5. السياق العام والأهداف:-
-استراتيجية “أمريكا أولاً”: تقليل الالتزامات المالية الدولية، ومراجعة الاتفاقيات التي تُعتبر غير عادلة.
-الدعم لإسرائيل:
معظم الانسحابات (كالأونروا ومجلس حقوق الإنسان) مرتبطة بحماية المصالح الإسرائيلية.
-تحديد التمويل المشروط: ربط الدعم المالي للإصلاحات أو تحقيق مصالح واشنطن.
التأثير على النظام الدولي: تقويض التعددية وتعزيز النزعة الانعزالية، وفقًا لتحليلات سياسية .
-الخلاصة:
انسحابات ترامب تعكس رفضًا للتعاون الدولي التقليدي، مع تركيز على المكاسب قصيرة الأمد والسيادة الوطنية. رغم أن هذه الخطوات تُعزز شعبية ترامب لدى قاعدة مؤيديه، إلا أنها تثير مخاوف من تآكل النظام الدولي القائم على التعددية، وزيادة الفراغ الذي قد تملؤه قوى مثل الصين أو روسيا.