مقالات

حتى لا يستحيل النبع مصبا للنزيف.. “تحالف البداويت والتقري”

د.أسامة  سيدأحمد حسين:

سؤال: ماذا لو تحالف وتواثق الهدندوة والبني عامر علي صيغة تضامن وتكافل إجتماعي اقتصادي ثم سياسي؟
مدخل:
أهو اليقين؟
أهو انتقال النبض في قلبي الي الجهة اليمني؟
خرت عروش، مادت الأرض.. انفلقن بحارها..
فهمتي يطل برأسه هذا الجنين؟
داؤود زمر والجواري رقصن.. لكن الحواة يرون في الطين العجين
زفوا عرائسكم إلي النيل.. انحنوا للشمس ولتشخص عيون صغاركم نحو الرنين!!
هذا زمان هان فيه الذل
فارتفعت رؤوس الخانعين.
الشاعر/ محمد مدني محمود
المقال اتي مخاضا لسؤال مفتاحي لحوح ذكي القاه الاخ الأستاذ الصحفي الكبير النابه /محمد عثمان ابراهيم عضو قروب المجلس الإستشاري لشرق السودان .. يأتي السؤال فاتحا أبواب العصف الذهني لجغرافيا تزدان بالدم والحروق المطمئنة لانتشار الدمع في لهب الغناء..علوها نفق انحدار نحو هاوية السكوت.
هذه الجغرافيا الجبال لكم تحتاج سارية الذي يأتي من السهل الفضيحة في مسوح العشق لا في غطرسات الفاتحين..اقليم تحاصره جنود الانتهازيين من رحمه وخارجه أو تراوده النقود.. فهل يعود؟ أم أنه جلمود..

إذا توافقت قبيلتا الهدندوة والبني عامر في شرق السودان، فسيؤدي ذلك إلى تحول جذري في الوضعين السياسي والاجتماعي- الاقتصادي للمنطقة، مع آثار إيجابية وفيرة وسلبية محتملة. نحو تحليل مُفصل لتأثير هذا التوافق:
1. تعزيز الاستقرار الأمني:
-وقف العنف القبلي:
الصراع بين القبيلتين تسبب في موجات عنف متكررة منذ 2019، مثل اشتباكات بورتسودان وغيرها التي أسفرت عن يعض القتلى والمصابين وتدمير الممتلكات
. التوافق سيحد من هذه الاشتباكات ويُعيد الأمن، وهو شرط أساسي لأي تنمية.
تقليل التدخلات الخارجية: الصراع استُغِل تاريخياً من قبل أطراف سياسية وعسكرية، مثل النظام السابق الذي استقطب القبائل لتعزيز نفوذه . الاتفاق يقلص فرص استغلال الانقسامات لأجندات خارجية.
2/تحفيز التنمية الاقتصادية:
– فتح الطرق و الموانئ: إقليم الشرق يضم ميناء بورتسودان (الأكبر في السودان) والعديد من الموانئ المتخصصه بالاخص جنوبا من سواكن حتى عقيق وطرقاً تجارية حيوية، لكن العنف والاحتقانات المتوترة أعاق تطويرها و استغلالها والاستخدام الامثل . التوافق قد يُعيد فتح المسارات وتنشيطها، مما يعزز التجارة مع دول الجوار مثل إثيوبيا وإريتريا وفتح طرقا بحرية مع السعودية ومصر .
-استغلال الموارد :
المنطقة غنية بالأراضي الخصبة (مثل دلتا طوكر) والسهول المترامية بالاقليم التي تُزرع بالقطن والذرة والدخن والبستنة وإمكانية ادخال الزراعة الملحية وبقية المحاصيل الأخري،وووفرة الذهب والمعادن الأخري والثروات السمكية والخدمات الاقتصادية المرتبطة بالميناء والسياحة والثروة العقاريه والإدارة الساحلية المتكاملة لكن الصراع والتشاكس اللدود أعاق استثمارها وتطويرها. الاستقرار قد يجذب استثمارات محلية وخارجيه حديثة وكفؤة تنتظر الاستقرار لتحسين الإنتاج الزراعي والصناعي والاستغلال الأمثل لهذه الموارد وقيام الصناعات المصاحبة .
-تقليل الفقر:
يعاني الإقليم من تهميش تنموي مزمن وكبير رغم ثرواته الهائلة والمتنوعه. الاتفاق قد يدفع ويلزم الحكومة المركزية لتنفيذ مشاريع بنية تحتية وتعليمية مُهملة .
3.التأثير على التوازن السياسي:
-تعزيز المطالب المشتركة: قد يُشكل التوافق والتواثق ضغطاً على الحكومة المركزيه القابضه لتلبية مطالب الإقليم ، مثل الحكم اللامركزي وتوزيع عادل للثروة والسلطة، خاصة بعد إدراج “مسار الشرق” في اتفاقية جوبا للسلام 2020، الذي طالما أثار خلافات وأدي الي صدوع عميقة في بنية النسيج الاجتماعي للشرق و صناعة وصعود رموز تضليله من قيادات الاقليم وعلي رأسها الإدارات الاهلية من الطرفين والشخوص غير التوافقية والتي باتت تمارس وظائف بعيدة عن مسؤولياتها وملفات بعيدة عن مهامها مثل إدارة المسؤولية المجتمعية والتحكم فيها إضافة الي مقابلة السفراء ومسؤولي الاتحاد الاوربي، وهي لا تمتلك لا العلم ولاالمعرفة ولاالنظرة الثاقبة.. وكان لهذا المسلك النشاز ان يقيم حوائط ليل بهيم وألف باب موصود في وجه كفاءات ابناء الشرق المقتدرة والمقدرة مما ادي الي غياب تام لمثقفي وعلماء البجا.
-تقليل الانقسامات في الجبهة الثورية:
الصراع القبلي أضعف تحالفات المعارضة مثل “جبهة الشرق”، التي انشقت بسبب تنافس القبائل على الحصص السياسية وانضمام البعض لمليشيا ال دقلو الارهابيه ومليشيات أخري لا نعلمها .
-أن التوافق قد يوحد المطالب ويُعزز التفاوض المستبصر والحصيف مع الحكومة المركزيه.
4.التحديات المحتملة: استمرار جذور الصراع: أسباب النزاع عميقة ومتجذرة، مثل النزاع على الهوية (اتهام البني عامر بأنهم وافدون من إريتريا) ، والخلافات حول ترسيم الحدود القبلية، بروز مليشيات مسلحة جديدة. بدون معالجة هذه القضايا، قد يعود العنف بوتيرة اكثر ضراوة خاصة بعد توفر السلاح والعتاد في أيدي هذه المليشيات خاصة سلاح مليشيا الدعم السريع إبان استسلام وتسريح قواتها في أول أيام الحرب.
-تدخل العسكر:
هناك مخاوف من أن الجيش قد يُدير المصالحات لتعزيز سيطرته على الإقليم، بدلاً من بناء سلام دائم وتنميه حقيقيةمما قد يُفاقم التوترات ويضع السودان كله علي فوهة بركان أو تسونامي لا يبقي ولا يذر.
-المحاصصة السياسية: اتفاقيات سابقة مثل “اتفاق أسمرا 2006” فشلت بسبب توزيع المناصب على أساس قبلي، مما أدى لانقسامات داخلية ، وكذلك اتفاقية سلام جوبا الظالمه (2020 ) والتي بنيت اساسا لصالح اقليم بعينه مع إضافة مسارات اخري ( تمومة جرتق).
5. التأثير الإقليمي:
العلاقة مع إريتريا:
القبائل في شرق السودان معظمها (خاصة البني عامر والجميلاب الهدندوة ) لها امتدادات ديموغرافية في إريتريا. الاستقرار قد يُحسّن العلاقات الثنائية، خاصة أن إريتريا كانت طرفاً في وساطات ناجحة سابقا .
-تهدئة الحدود:
الصراعات القبلية امتدت أحياناً إلى مناطق حدودية مع إثيوبيا ومصر. التوافق قد يُقلل هذه التوترات العابرة للحدود .
الخلاصة:
توافق الهدندوة والبني عامر قد يكون نقطة تحول محورية وتاريخية لشرق السودان، لكن نجاحه يعتمد على:
1. معالجة الأسباب الجذرية للصراع (الهوية، الأراضي).
2. ضمان مشاركة المجتمع المدني في بناء السلام .
3. تجنب المحاصصة السياسية لصالح رؤية تنموية شاملة.
4. دعم دولي وإقليمي لضمان استدامة الاتفاق.
5. بروز قيادات فكرية وعلمية من الخبراء من الطرفين تكون إضافة للرؤى القومية والوطنية
بدون هذه العوامل، قد يبقى التوافق هشاً وقابلاً للانهيار مع أول أزمة، مما يُعيد الإقليم إلى دوامة العنف والتهميش.

د.أسامة  سيدأحمد حسين:
المجلس الإستشاري لشرق السودان/الأمين العام
٩/٢/٢٠٢٥

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق