مقالات

شركة السودان للحبوب الزيتية إلى أين ؟ (( 2 من 5 ))

د.بابكر عبدالله محمد:

بسم الله الرحمن الرحيم
شركة السودان للحبوب الزيتية الي اين ؟ هل نستطيع القول ان مجموعة دال الغذائية سوف تلتهم شركة السودان للحبوب الزيتية ؟؟
(( 2 من 5 ))
تناولت في المنشور الأول تساؤلات مشروعة وقانونية حول مستقبل هذه الشركة الكبري ودورها في الاقتصاد القومي والامن الغذائي للامة السودانية ذلك أنها تعمل في قطاع استراتيجي هو توسيع إنتاج الحبوب الزيتية وتسويق منتجاتها اقليميا ودوليا..ونأمل ان تجد الاهتمام اللازم من كابينة قيادة السودان عقب حرب الكرامة الشرسة التي عصفت ببلادنا علي مدي العامين ..ولطالما ان المنشور استقصائي تحليلي عميق لابد لي ان اشير الي المهددات والتحديات الكبري التي تواجه السودان في موارده البشرية والطبيعة الغنية وتناولها ليس من قبيل [ نظرية المؤامرة ] كما يشاع ولكن علي ضوء فقرات هذا المنشور .ومن منظور المؤامرات الدولية التي تحاك و تحيط بالسودان وشعبه وانسانه . وادخاره كمخزون للمعادن النفيسة كالذهب واليورانيوم والنحاس والحديد. وغيره من مخزون او خزان استراتيجي للامن الغذائي والمائي العالمي علي مر العصور والازمان ..
ولتقريب الصورة اكبر افيد بأني ما قصدت باستقصائي ورصدي لهذه المعلومات الهامة الا بغرض لفت مجلس السيادة بأهمية امر الشركات الوطنية وباعتبارها أمن قومي يمس سيادة الوطن …واستراتيجية اقتصادية هامة نخاطب بها وزير المالية والاقتصادي وجهاز المخابرات الوطني ولكني احسب ان اهم اضلع المثلث هو الراسمالية الوطنية وكبار المساهمين في هذه الشركة الوطنية العملاقة والتي أنشئت بعد تاميم عدد من الشركات والمصارف الاجنبية والوطنية …حيث خاطب الأمة السودانية الرئيس جعفر نميري في العيد الاول باحتفالات البلاد.بالعيد الأول لثورة مايو في ٢٥ مايو ١٩٧٠م وأعلن فيه تاميم بعض الشركات وبعض المصارف الوطنية والأجنبية ..واتهم في خطابه التاريخي انذاك ان شركات سركيس ازمرليان تقوم بتصدير الفول السوداني الي إسرائيل. وتم التاميم لعدد من الشركات الوطنية والاجنبية ومن بينها شركات سركيس ازمرليان ..ولكن سرعان ما تراجعت حكومة مايو ووعدت بتعويض الشركات المؤممة والتي صادرتها الحكومة بوعود بتعويض للأسهم بصيغ ضعيفة وسداد اسهم تمتد الي العام ١٩٨٥م ..
من هنا بدأت مرحلة جديدة وهامة جدا في السرد التاريخي لقصة الوطنيين من رجال المال والاعمال …حينها كانت شركة سركيس المسجلة بعدة مسميات ومنها شركة صناعات الصلب المحدودة المملوكة لسركيس ازمرليان واولاده بالمنطقة الصناعية بحري .و كانت هي الوكيل لتراكتورات جون دير (( John Deere )) الأمريكية الذائعة الصيت والمصنعة في اكبر شركات صناعة الآلات الزراعية في امريكا والعالم انذاك. في ولاية الينوي والتي توارثها الابناء والاحفاد.من بعد.تاسيسها طوال ١٤٥ عام ..ولكنها الت قبل فتر.ة واصبحت اغلبها مملوكة للميليونير الامريكي بل جيتس والذي يستثمر في وسائل اتصالات التقنية والمعلومات والحواسيب والبرمجيات.
[[ Deere & Company, doing business as John Deere, is a publically traded company, and the largest shareholder is Bill Gates. Yes, the same Bill Gates who’s also one of the largest owners of farmland in America.]] ولعل من المعلوم سيطرة هذا الرجل علي مايكروسوفت بمعني انه يمتلك اساس الاستثمارات الناعمة والاساس الصلب[[ The owner of Soft foundations to Hard foundations ]] في كل انحاء العالم وفي امريكا. و كذلك في إطار الشركات المصنعة لمنتجاته من المعدات والاليات تحت ترخيص من الشركة الام في ولاية الينوي الأمريكية.والعمل علي ادماج الاليات والمعدات في البرمجيات لتقليل تشغيل الايدي العاملة علي مستوي العالم .
…وعندما قامت شركة التراكتورات السودانية المملوكة للسيد / داوؤد عبداللطيف والسيد محمد.صالح الشنقيطي رئيس اول جمعية تاسيسية . تاسست شركة التراكتورات السودانية بشراكة بين الرجلين في العام ١٩٥٢م وقد.ال التوكيل الخاص بتراكتورات جون دير (( John Deere )) الي شركة التراكتورات [الجرارات] السودانية (( SUTRC )) ومن ثم الت الي شركة دال الهندسية والتي تاسست من رحم التراكتورات السودانية في عام ١٩٨٤م..علما بأنها هي نفس الوكيل الرسمي للاليات الثقيلة من ماركة كاتربلر الأمريكية المعروفة علي اوسع نطاق .اضافة الي ان دال الهندسية تعمل كوكيل لسيارات المرسيدس والميتسوبيشي باسم دال موتورز …وما دعاني لذلك هو الربط بين امتلاك شركة دال الهندسية أيضا للفرازة الكبري في افريقيا والمملوكة لشركة [[ المنتا ]] المملوكة للخواجة الامريكي دكران بن السيد سركيي و المساهمة مع الشركة السودانية للحبوب الزيتية والتي كانت تدار عبر مدير واحد ومجلس ادارة واحدة وكان علي راس ادارة الحبوب الزيتية والمنتجات الزيتية في اخر مراحل ازدهارها السيد./ كمال عبدالحليم وتلاه المرحوم السيد / عدنان كاخر مديرين شهدا قمة عنفوان الشركة التي كانت تحتكر صادرات الحبوب الزيتية في السودان ..والمدهش والمثير للقلق ان نفس شركة دال الهندسية اشترت عمود الشركة واساسها وهي الفرازة ومعدات الفرازة الضخمة والياتها المساندة لها في الباقير والتي لا يوجد لها مثيل في افريقيا الا بفرازة ومعدة مثيلة لها وتتواجد في دولة السنغال التي تنتج الفول السوداني . فهل هذه الايلولة من قبيل المصادفة او الحظ؟؟ كلا بل انها الفرصة المتاحة لشركة واحدة فقط دون غيرها من الشركات الوطنية ….علما بأن دال الهندسية اشترتها بما فيها المخطط بكامله والذي يشمل مساحة مجمع صناعات متكاملة كان من المفترض انشاؤه بمساحة مائة ألف متر مربع ومنازل لمدير المنتجات الزيتية والمهندس الفني والمشغلين وعدد من المنازل لموظفي الشركة ..علاوة علي خط من السكك الحديدية المربوط بمناطق إنتاج الفول السوداني في مناطق نيالا والضعين وكردفان الي داخل مقر الشركة في الباقير ومزود بكرين ضخم لصب الفول المقشور مباشرة من عربات السكة الحديد الي فوهة الصبابة والقمع الكبير الي خطوط إنتاج الفرازة الضخمة والتي تعمل علي فرز الفول بتدرجاته المختلفة ومن ثم تعبئته في الجوالات والعبوات اوتماتيكيا بغرض الصادر او الفول المقشور والذي بدوره يتحول الي مصانع الزيوت بعصره وتحويل حصة منه الي السوق المحلي وغالبه يكون للصادر بما فيه امباز الفول السوداني (( Groundnuts Cakes )) والذي يخصص لتربية وغذاء الثروة الحيوانية في العالم وتحرم منه اغلب قطيع الثروة الحيوانية بالداخل لارتفاع اثمانها.محليا وعالميا . وربما يدخل في صناعات ومنتجات اخري ..هذا الصرح أيضا ال لشركة دال للصناعات الغذائية …فهل كل هذه الانتقالات والايلولة او حتي الشراء والتملك تحدث بالصدفة؟؟؟ …
لقد تفحصت ودخلت علي مواقع أمريكية تتناول شركة دال الهندسية بأنها من أنجح الشركات وانها تستوعب ٨٢٠٠ من العاملين ..وهل هذا يكون مبررا كافيا؟ كما دخلت شركة دال الغذائية في شراكة مع وكالة التنمية الأمريكية لتزويد مجموعة اسامة داوؤد. بالحليب ولبن البودرة في إطار إنقاذ أطفال البحر الاحمر من الجوع .وهل هناك ما يثبت او يوضح انها تدعم اطفال فقراء البحر الاحمر وتمدهم بالحليب؟؟ وذلك منذ العام ١٩٨٤م تاريخ الشراكة هل تم مراجعة ذلك .؟؟؟ أسئلة تحتاج لاجابات وتبين بصورة جلية موت ونوم الدولة وموسساتها طوال عهد الحكومات .بما فيها ضعف المراجعات القانونية والعدلية حتي من باب الجوانب الاخلاقية لمثل هذه العمليات والتي في ظاهرها انسانية. وبدون أرباح .
ولكل ذلك هذا التودد والتعامل والعمل المنظم … أضافت الامارات العربية المتحدة الطين علي ابالة بمنح قرض مالي بمبلغ ٢٢٥ مليون دولار لاقامة مشروع زراعي ضخم في ولاية نهر النيل منطقة ابوحمد في حدود مساحة تساوي مشروع سندس الزراعي بمائة الف فدان زراعي .؟ وهذا قليل من كثير وفيض من غيض قليل او من غمر غزير وما خفي اعظم… ودون التفات قانوني ومراجعي وبدون كوابح لهذا المجموعة التي عملت علي تهيئة المناخ للراسمالية المتوحشة في الاستثمار في احدث ملعب للجولف في بلد.فقير / غني ولكنه ظل كسيحا يستجدي المنح والاعانات وهو اقوي دولة في القارة الافريقية ولكنه يعوزه التخطيط والارادة والادارة الكفوءة ….لماذا مثلا ان تعفي امريكا شركات دال (اسامة داوؤد) من العقوبات الاقتصادية وتوفر له كل هذا الإطراء والاغراق بعمليات التمويل المشبوهة في صفقة الألبان مع شراكة الوكالة الدولية للتنمية في اعمال ربما تكون مدسوسة تحت ستار مد أطفال البحر الاحمر بمدهم بالالبان مثلا ؟ والذي انشات بديلا لها مصنعا لمنتجات الالبان منذ إنتاج منتجات كابو للالبان والزبادي ثم تنوعت المنتجات . هل تمت محاسبة ومتابعة مجموعة دال في ذلك ؟
ولماذا وضعت امريكا شركة (( السنط العقارية )) للتطوير في منطقة المقرن بالخرطوم تحت العقوبات الامريكية حينما علمت ان الحكومة السودانية طرفا اصيلا في الشراكة مع دال العقارية [ أسامة داوؤد ]في عام ٢٠٠٦م ؟ وذلك حتي لا تستفيد الحكومة السودانية من اية إيرادات مالية منتظرة من هذا المشروع التطويري الكبير الذي كان سيساعد حكومة السودان في تطوير منطقة الخرطوم الوسطي ..
بالطبع هذا السرد.لا يلهينا او يبعدنا عن الموضوع الاصل وهو مستقبل شركة السودان للحبوب الزيتية والامكانيات الهائلة التي ما زالت تتمتع بها من أصول متنوعة.ولايمكن قراءة مستقبل الشركة عن الاخطاء والحبأئل التي وقعت فيها السلطات منذ عهد مايو مرورا بحكومة الديمقراطية الثانية والي عهد حكومة الانقاذ وحكومة قحت الأخيرة .كما نشير الي ان المجموعة تعمل في معالجة الصمغ العربي وتصديره .والتعدين وامتدت حتي للتعليم .
وهذه محصلة سنين عديدة لابد. ان نستعرضها في هذا المنشورات بهذا السرد حتي يستفاد من الدروس الماضية وتخطط الدولة من جديد. برؤية استراتيجية ذات مدي طويل .. ولست ضد.مجموعة دال كشركة وطنية مالم تتجاوز الخطوط الحمراء والتعدي علي الامن الوطني و القومي ..لقد أظهرت هذه الحرب عددا من المؤشرات السالبة والايجابية والتي تتمثل في ادوار الراسمالية الوطنية مع ضرورة المشاركة الوطنية الصادقة وحثها في اعمار وتطوير الوطن خاصة بعد هذه الحرب اللعينة والمدمرة والتي قضت علي اليابس والاخضر للدولة والمواطنين علي حد السواء .وكانت فيها الخسائر الأكبر للشركات الأكثر والأكبر في مجالات الاستثمار والتجارة والصناعة .
والله الموفق .
د.بابكر عبدالله محمد

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق