مقالات

إمكانية وتداعيات تكوين حكومة موازية في دارفور

د.أسامة  سيدأحمد حسين:

تشهد المناطق الخاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع في دارفور تحركات سياسية مكثفة لتشكيل حكومة موازية، وسط انقسامات واسعة داخل التحالفات السياسية السودانية، لا سيما تحالف “تقدم”. فيما يلي تحليل للإمكانيات والتداعيات المحتملة:
1. إمكانية التكوين: العوامل الداعمة
-التحضيرات التنظيمية: عُقدت اجتماعات مكثفة في نيروبي وكامبالا لوضع الميثاق السياسي والدستور المؤقت للحكومة، بمشاركة مكونات من تحالف “تقدم” و”قمم” وحزب الأمة القومي والحركات المسلحة. ومن المقرر التوقيع على الميثاق اليوم 17 فبراير 2025، مع تشكيل مجلس سيادي ووزارات ومجلس تشريعي.
-الدعم العسكري: توفر قوات الدعم السريع حماية لوجستية وأمنية للحكومة المرتقبة، ما يضمن لها القدرة على العمل في مناطق سيطرتها، خاصة مع إنشاء هياكل إدارية موازية مثل “وكالة الإغاثة”.
-الأهداف المعلنة: تسعى الحكومة إلى توفير الخدمات الأساسية (الصحة، التعليم) وحماية المدنيين، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، ما قد يجذب دعمًا دوليًا محدودًا من دول طوق المؤامرة الكبري علي السودان.
2. التداعيات المحتملة:
أ. على المستوى السياسي:
-تعميق الانقسامات: أدى الخلاف حول الحكومة الموازية إلى انقسام تحالف “تقدم” إلى تيارين: أحدهما مؤيد (بقيادة حركات مسلحة ومجموعات مدنية) وآخر معارض (تحالف “صمود” بقيادة د. عبد الله حمدوك)، مما يُضعف التمثيل المدني الموحد.
-شرعيّة متنازع عليها: تُعتبر الحكومة غير معترف بها من قبل الحكومة المركزية في بورتسودان، وقد يواجه اعترافها الدولي تحديات بسبب ارتباطها المباشر بقوات الدعم السريع، التي توصف بأنها “سلطة أمر واقع”.
ب. على المستوى الأمني والإنساني:
-تصعيد الصراع: قد يؤدي تشكيل الحكومة إلى تعزيز سيطرة الدعم السريع على دارفور، مما يزيد من توترات الحرب مع الجيش السوداني، خاصة في مناطق مثل الفاشر، التي لا تزال خارج نطاق سيطرة القوات.
-تأثيرات إنسانية: رغم الادعاءات بتحسين وصول المساعدات، فإن الاعتماد على هياكل موازية قد يُعقّد تنسيق الجهود الدولية، خاصة مع وجود وكالات إغاثة داعمه وتابعة للدعم السريع منذ 2023.
ج. على المستوى الاجتماعي:
-تفتيت النسيج الاجتماعي: يُخشى أن تؤدي الخطوة إلى ترسيخ الانقسامات الإقليمية، خاصة مع إجراءات مثل تغيير العملة وامتحانات الشهادة السودانية بشكل منفصل في مناطق النفوذ.
-استقطاب المكونات المدنية: انضمام نقابات ومجموعات مجتمعية إلى التحالف الجديد قد يُضعف دورها المستقل ويجعلها طرفًا في الصراع السياسي.
3. التحديات الرئيسية:
-الاعتراف الدولي: يحتاج الاعتراف بالحكومة إلى استيفاء شروط قانونية مثل اتفاق سلام أو استفتاء دستوري، وهو ما يغيب حاليًا.
-الاستدامة المالية: تعتمد الحكومة على تمويل خارجي محتمل او وعد صدوق من الداعم الرئيسي ( دولة الامارات العربيه)، لكن العقوبات الدولية على قوات الدعم السريع قد تعيق ذلك.
-التوافق الداخلي: حتى بين المؤيدين، هناك خلافات حول الصلاحيات بين المجلس السيادي والوزارات، وتمثيل المرأة والقوى المناهضة للحرب.
4. السيناريوهات المستقبلية:
-سيناريو التقسيم الهادئ: إذا حصلت الحكومة على دعم دولي محدود، قد تصبح كيانًا شبه مستقل، لكن دون اعتراف كامل، مما يعمق الانقسام الجغرافي والسياسي.
-سيناريو الانهيار: قد تفشل الحكومة بسبب عدم التوافق الداخلي أو تصعيد وحسم الجيش للحرب بالانتصار الحاسم ، مما يؤدي إلى عودة النزاع المسلح بكثافة.
-سيناريو التفاوض: ضغط المجتمع الدولي قد يدفع الأطراف إلى طاولة تفاوض لدمج الحكومة الموازية في عملية سياسية شاملة وهذا ما لا يقبله الشعب السوداني المتضرر الأكبر من فظاعات مليشيا ال دقلو.
الخلاصة :
تشكيل حكومة موازية في دارفور ممكن تنظيميًا وعسكريًا، لكن تداعياته تشمل مخاطر تفكك سياسي واجتماعي، وتعقيد الجهود الإنسانية، وربما إطالة أمد الحرب. نجاحها مرهون بقدرتها على تجاوز الانقسامات الداخلية وهذا يستحيل وتؤكده الانقسامات وآخرها الانقسام بحركة العدل والمساواة ( جناح الزغاوي صندل)- وكسب شرعية محلية ودولية، وهو تحديٌ كبير يقعد كل احتمالات التخطي لهذه العقبة الكؤود في ظل الوضع السوداني بالغ التعقيد.

١٧/ ٢ / ٢٠٢٥م

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق