هل ستحقق “المهمة 300” أمنيات القارة الأفريقية في الوصول إلى الكهرباء والأمن الغذائي والتنمية المستدامة؟

بيليم- الساقية برس- إخلاص نمر:
المهمة 300″ هي شراكة بين مجموعة البنك الدولي والبنك الأفريقي للتنمية، بدعم من مؤسسة روكفلر، والتحالف العالمي للطاقة من أجل الناس والكوكب، ومنظمة الطاقة المستدامة للجميع (SEforAll)، بهدف توصيل الكهرباء إلى 300 مليون شخص في أفريقيا بحلول عام 2030.
تجمع هذه المنصة الحكومات الأفريقية والقطاع الخاص والمؤسسات الخيرية وشركاء التنمية لتوفير طاقة موثوقة وبأسعار معقولة، وتوسيع نطاق الوصول، وجذب الاستثمارات الخاصة، ودفع عجلة التحول الاقتصادي.
تم تسليط الضوء على المبادرة في مؤتمر الأمم المتحدة بشأن المناخ كوب 30 في مدينة بيليم البرازيلية،وتستند المبادرة إلى تقديم التزامات استثمارية لتمويل الطاقة في القارة السمراء،من أجل تزويد 300 مليون افريقي بالكهرباء بحلول عام 2030،وصفت الشراكة بالمهمة والتعاون المثمر والطموح ،لتوفير حلول الطاقة المستدامة بأسعار ممكنة ويسيرة.
إن حشد الالتزام الاستثماري ليس بالمبدأ السهل ولكن ماتم في كوب 30 كان الخطوة نحو توفير 50 مليون يورو لتنفيذ المهمة وتعهدت ألمانيا،بتقديم 14 مليون يورو لدعم أهداف الصندوق،بجانب 30 مليون يورو لدعم برنامج الهيدروجين الاخضر،وأضافت ايطاليا مساهمة أخرى وهي 5مليون يورو، كل ذلك من أجل توفير طاقة نظيفة لأفريقيا ،ضمن سياسات الطاقة والمناخ وتحقيق التنمية المستدامة.
رغم التنمية في الآونة الأخيرة التي شهدتها أفريقيا ،إلا أن حظها في إنتاج الكهرباء،كان قليلا ،بالوكالة الدولية للطاقة ،أوضحت في بيان لها عام 2023،أن إجمالي إنتاج الكهرباء في افريقيا خلال عام 2023،لم يتجاوز 3%من الإنتاج العالمي ،ومتوسط الوصول للكهرباء في 53 دولة أفريقية ،في حدود60.9%،فالقارة تعتمد في الطاقة على الغاز الطبيعي الذي يشكل 41.7من الانتاج،ثم الفحم24.7.
إن أفضل موارد للطاقة الشمسية، نجدها في افريقيا،لكنها لم تحد باستثمارات عالمية في هذا المجال بتوسع اكبر،يعود بفائدة ملموسة لإنسان افريقيا ،الذي يعيش في بعض المناطق بلا كهرباء.
يوضح بيان الوكالة الدولية للطاقة ،أن حاجة أفريقيا لتحقيق الوصول للكهرباء بحلول عام 2035،هو توفير 150مليار دولار،اذ أن 600مليون شخص يعيش في افريقيا بلا كهرباء.
تعهد ثلاثين رئيس دولة وحكومة في القمة الأفريقية للطاقة ،التي انعقدت في يناير 2025، بإجراء إصلاحات لتوسيع نطاق الوصول إلى الكهرباء المستدامة، وجاء في إعلان دار السلام مقر انعقاد القمة معالجة فجوة الطاقة في أفريقيا، حيث التزمت اثنتا عشرة دولة بمواثيق وطنية لتوسيع الطاقة وتوليدها بأسعار ممكنة،حيث كانت (المهمة 300) أهم بند تم طرحه في هذه القمة.

جهود مناخية كوب 30..
كانت أحد ركائز كوب 30 في البرازيل، خفض انبعاث غازات الدفيئة، عبر التحول بعيدا عن الوقود الأحفوري،إلى الطاقات المتجددة والبعد عن الاعتماد على الفحم–رغم الفشل في الختام – كما كان لتعزيز البنى التحتية والمجتمعات لمواجهة قسوة المناخ دورا في النقاش والتفاوض في بيليم ،كذلك التكنولوجيا والابتكار،عن طريق توفير حلول مبتكرة،من أجل مواجهة التغيرات المناخية،من فيضان وجفاف وارتفاع منسوب مستوى سطح البحر، وجاء بناء القدرات كأحد الركائز ،لتتمكن المجتمعات والمؤسسات من تنفيذ كافة الإجراءات المناخية، بجانب حماية الطبيعة والبيئة من غابات وبحار وتنوع بيولوجي وكذلك العدالة المناخية. وفي مجال الغابات كانت هناك العديد من المبادرات لحمايتها التامة، مع الاهتمام بالزراعة المستدامة وتعزيز أنظمة غذاء ذات طابع صديق للبيئة، فالقاسم المشترك في الجهود المناخية في كوب 30 والمهمة 300، هو توفير الطاقة المتجددة فالكهرباء تدعم استخدام الأدوات التي تقاوم المناخ الأمر الذي يدعم كذلك المجتمعات الهشة في افريقيا لمواجهة آثار التغير المناخي ،ورغم هذا لم يشر بيان كوب 30 النهائي إلى وقف استخدام الوقود الأحفوري-طالع عزيزتي القارئة والقارئ الخبر الأخير للساقية برس بعنوان كوب30، لااتفاق حول الوقود الأحفوري– والتمويل المناخي الذي لم يرقى لمستوى المطلوب الأمر الذي خلق فجوة بين التعهد والمطلوب فزاد ذلك من خيبة الأمل.
نزوح..
وكان أن حذرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين،من أن تغير المناخ وعواقبه،ادى إلى نزوح ملايين الأشخاص حول العالم ،،إذ تم رصد تسجيل 250 مليون نازح داخلي خلال العقد الماضي قبيل انطلاق كوب30، وجاء في التقرير، الذي صدرفي العاشر من نوفمبر2025(أن 250مليون حالة نزوح داخلي تسبب فيها تغير المناخ، والكوارث الطبيعية المرتبطة به من فيضان وارتفاع درجات الحرارة. وهنا قال رئيس المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، فيليبوجراندي (لمنع المزيد من النزوح ،يجب أن يصل التمويل المناخي إلى المجتمعات التي تعيش بالفعل على حافة الهاوية).ودعا جراندي المشاركين في كوب 30،إلى الوفاء بالتزاماتهم واردف(يجب أن يقدم هذا المؤتمر إجراءات حقيقية،وليست وعودا فارغة.).
الغذاء للجميع..
ندرة الموارد تفاقم التنافس بين المجتمعات المحيطة مايدفع إلى التوتر والمشاحنات التي تتطور إلى صراعات، وهنا يبدأ البحث عن الأمان والاستقرار والمأوى والغذاء وكافة سبل كسب العيش ،فبعض الجزريهدد تآكل السواحل وارتفاع الحرارة وارتفاع مستوى سطح البحر، مصائد الأسماك فينقص ذلك من الإمداد الغذائي مع ملاحظة أن التغيرات المناخية نفسها تهدد الزراعة بصورة مباشرة،ليتجلى ذلك في نقص المياه ،والجفاف الذي يدفع بالمحصول إلى التراجع وقلة الجودة، وزيادة ملوحة الأرض، وهذا يهدد الأمن الغذائي بوضوح.

دمج..
في كوب 30،كانت أهم التوصيات هو دمج الزراعه والغابات في مفاوضات المناخ،من أجل تحقيق هدف التحول لنظم زراعية مستدامة، وربط سياسات الطاقة والغابات بالأمن الغذائي ،مع دعم الابتكار في الزراعة المستدامة والذكية لتحقيق الغذاء للجميع،ويأتي ذلك من أجل تشجيع المزارعين وتعويضهم في مواجهة الكوارث المناخية التي تؤثر على الأمن الغذائي،ولكن يبقى السؤال هل فعلا سيتم الوفاء بالوعود،والانتقال لمربع التنفيذ مع تزايد مخاطر المناخ التي تحيط بإنتاج الغذاء؟
حوكمة مناخية..
تأكيد دور المدن والحكومات المحلية والإقليمية كان حاضرا كأحد بنود كوب 30 في بيليم ،وهو دمج العمل المناخي عبر مستويات مختلفة بمشاركة الحكومة والمجتمع المحلي والدولي والإقليمي، مايعني أن الحوكمة المناخية أصبحت داخل إطار فضفاض يشمل المنظمات والمجتمعات المحلية والقطاع الخاص ،ولم تعد حصرا على الحكومات فقط،فهل ياترى يعني هذا، الانتقال من القرار إلى تنفيذ القرار في كل المجتمعات،وهل سيهدأ الصوت الافريقي الذي ينادي بالعدالة المناخية؟هل سنصبح على عدالة وحقوق مناخية طالما حلمت بها القارة السمراء ؟
فالشعوب الأصيلة دفعت باجتجاجها باكرا ،باقتحام مقر انعقاد الكوب ،ورغم ذلك لم يكن النجاح حليف ملفاتهم في النقاش ،اذ كانت الوعود هي الأبرز رغم الطموح في صناعة القرار.
طوى كوب 30 أوراقه وعاد (بعضهم ) إلى الديار بخيبة أمل كبيرة بسبب عدم الاتفاق حول الوقود الأحفوري واعتماد الطاقات البديلة، فهل سيكون الاتفاق في تركيا ؟؟ لا اظن.




