أخبار وتقارير
الدلنج الصامدة.. تلاحم قيادة وقاعدة
زارها الوالي ولجنة أمن جنوب كردفان للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب

حشود ضخمة ضاقت بها المدينة خرجت لاستقبال الوفد الحكومي
تطمينات من الحكومة وتشديد على التبليغ عن كل تحرك مشبوه
الوالي: عازمون على تنظيف الولاية من دنس المتمردين..
تحضيرات لتأسيس الموسم الزراعي وتشجيع صغار المزارعين
تقرير- إسماعيل جبريل تيسو:
كشفت الزيارة التأريخية التي قام بها والي ولاية جنوب كردفان محمد إبراهيم عبد الكريم، وأعضاء لجنة الأمن إلى مدينة الدلنج، الأشواق الكبيرة للمواطنين إلى معانقة السلام والاستقرار، والالتفاف حول القوات المسلحة والقوات المساندة لها، والاصطفاف خلف الجهود المبذولة للقضاء على التمرد، سواءً بدحر قوات الجيش الشعبي التابعة للحركة الشعبية جناح عبد العزيز الحلو، أو حليفتها ميليشيا الدعم السريع، وعلى طول الطريق من الكويك (35 كيلو شمال مدينة كادقلي)، وحتى مدينة الدلنج، مروراً بالدُّشول، والكُرُقُل، وكلندي، وكركراية، وحجر الجواد، والسماسم، وغيرها من القرى والمناطق المطلة على الطريق الرئيس كادقلي – الدلنج، كان المواطنون يصطفون مهللين ومكبرين في وجه موكب الوفد الحكومي الذي تحرك من كادقلي قاصداً مدينة الدلنج، في لوحة عكست حقيقة التلاحم، وتقدير المواطنين للجهود التي بذلت من أجل إعادة فتح الطريق وكسر قيد الحصار الذي ظل مفروضاً على المنطقة لأكثر من 18 شهراً.
تفقد وتطمين المواطنين:
حرص الوفد على الوقوف في عدد من الارتكازات الثابتة والمتحركة على طول المؤدي من كادقلي إلى الدلنج، لتحية المرابطين من القوات المسلحة والقوات المساندة لها، حيث تُعنى هذه الارتكازات بتأمين الطريق على مدار الساعة احترازاً من أي محاولة التفاف قد يقوم بها الجيش الشعبي التابع للحركة الشعبية جناح عبد العزيز الحلو، بالاعتداء على السيارات والمركبات التي تعبر بالطريق، أو محاولة الهجوم على القرى والمناطق الواقعة على طول الطريق، وحرص سكان هذه القرى والمناطق المطلة على الطريق الرئيس أن تقف على جانبي الطريق لتحية وفد الوالي ولجنة أمن ولاية جنوب كردفان، وقد توقف الوفد في أكثر من قرية ومنطقة لتحية الجماهير ومباركة فتح الطريق ودحر المتمردين والاطمئنان على أحوالهم، وإرسال تطمينات مفادها أن الطريق آمن وأنه قد تم دحر المتمردين وطردهم من المنطقة، وأن القوات المسلحة والقوات المساندة لها ستظل يقظة وفي حالة تحرك مستمر على طول الطريق وعلى مدار الساعة، وطالبهم الوفد بضرورة التماسك ووحدة الصف وتفويت الفرصة على العملاء والمتمردين وتبلغ السلطات بأي تحركات مشبوهة من أي فرد أو جماعة تستهدف زعزعة أمن واستقرار المواطنين، وتعهد الوفد بمتابعة مشكلات المواطنين ميدانياً، وطالبهم بالاستعداد المبكر للموسم الزراعي، لتتنزل وعود الوفد الحكومي برداً على سلاماً على قلوب المواطنين فيزدادوا سكينة على سكينتهم التي سكنت دواخلهم منذ عبور قوات الفرقة الرابعة عشرة مشاة من كادقلي في طريقها إلى الدلنج الاثنين الماضي الرابع والعشرين من فبراير 2025م.
خندق الجيش والشعب:
وتبدو الفرقة الرايعة عشر مشاة كادقلي حريصةً على الاستمرار في تحركاتها الميدانية مسنودة بالقوات النظامية والأجهزة الأمنية والمستنفرين من أجل فرض هيبة الدولة واستعادة من المناطق التي أعاد فيها الجيش الشعبي انتشاره وتموضعه مستغلاً انشغال القوات المسلحة بحربها ضد ميليشيا الدعم السريع، وامتدح قائد ثاني الفرقة الرابعة عشرة مشاة كادقلي اللواء ركن عبد الناصر زكريا اللوحة الوطنية الرائعة التي رسمها مواطنو مدينة الدلنج بتلاحمهم مع القوات المسلحة، مشيداً بثبات وصمود المواطنين وتعايشهم مع تداعيات الحصار الذي فُرض عليهم من قبل الجيش الشعبي وميليشيا الدعم السريع، وقال لدى مخاطبته اللقاء الجماهيري الحاشد بمدينة الدلنج، إن المواطنين في هذه المدينة ضربوا أروع الأمثال في الشموخ والكبرياء ورفض الذل والهوان بالوقوف في وجه المتمردين، وكانت مدينة الدلنج قد تعرضت منذ اندلاع الحرب إلى عدة هجمات، تارةً من قبل ميليشيا الدعم السريع، وتارة أخرى من قبل قوات الجيش الشعبي ولكن المدينة استبسلت في الدفاع عن نفسها، عندما التقى الجيش والمواطنون في خندق الانتماء والتضحية والفداء، ذوداً عن حياض الدلنج، وتلقين القوات الغازية دروساً قاسية، وتكبيدهم خسائر فادحة في الأرواح والأنفس والمعدات.
نظافة الولاية من التمرد:
وجدد والي ولاية جنوب كردفان محمد إبراهيم عبد الكريم، العزم على المضي قدماً في نظافة ولايته من دنس المتمردين سواءً الحركة الشعبية أو ميليشيا الدعم السريع، وامتدح الوالي التضحيات الجسام التي قدمتها القوات المسلحة والقوات المساندة لها مما أثمر عن استعادة عدد من المناطق التي كانت تسيطر عليها قوات الجيش الشعبي، وفتح طريق كادقلي – الدلنج بكسر قيد الحصار الذي فُرض على المنطقة لأكثر من عام ونصف العام، عانى خلاله المواطنون أوضاعاً اقتصادية خانقة، وضيق في المعيشة، ومكابدة قاسية تحملوها بثبات وصبر وجلد كبير، وأكد الوالي أن كل الظروف مواتية الآن للقضاء على التمرد من خلال الدعم والإسناد الجماهيري الكبير والتفاف المواطنين واصطفافهم حول قواتهم المسلحة، والتوجه العام في البلاد لدحر التمرد وفرض واقع السلام عبر قوة السلاح.
دروس من الدلنج:
وأبدى والي جنوب كردفان والي ولاية جنوب كردفان محمد إبراهيم عبد الكريم، تقديره العميق للتدافع الجماهيري الكبير، واحتشاد المواطنين على طول الطريق من الكويك وحتى مدينة الدلنج التي وصلها في زيارة تأريخية باعتبارها الأولى له التي يخرج فيها من كادقلي منذ اندلاع حرب الخامس عشر من أبريل والتي أشعلت فتيلها ميليشيا الدعم السريع، وامتدح الوالي الروح المعنوية العالية لمواطني الدلنج الذين قال إنهم قدموا دروساً في معنى الصمود والثبات والصبر على المكاره، مبيناً أن الوفد الحكومي جاء إلى الدلنج ليرفعوا من الروح المعنوية للمواطنين الذين عانوا طويلاً من تداعيات الحصار المفروض عليهم، ولكنهم تفاجأوا بالحشود والروح العالية للمواطنين مما انعكس على رفع الروح المعنوية للوفد الحكومي والتي عانقت عنان السماء، وزاد” ناس الدلنج ما ساهلين” وكشف الوالي عن ترتيبات لزيارة مرتقبة بكامل أعضاء حكومته ومؤسساته المختلفة لقضاء عدة أيام في مدينة الدلنج من أجل معالجة الكثير من القضايا والمشكلات ميدانياً، منوهاً إلى إرسال قافلة قوامها 100 طن من مختلف المواد تم تجهيزها على عجل، ولكن الأيام المقبلة ستشهد المزيد من القوافل التجارية والصحية التي يتم الإعداد لها بالتشاور مع الحكومة الاتحادية، مشدداً على ضرورة تعويض المواطنين فترة الحرمان التي عاشوها، ونوه الوالي إلى أهمية التأسيس للموسم الزراعي وتشجيع صغار المزارعين لزيادة الإنتاج والإنتاجية وتعويض المنطقة الكثير مما فقدته خلال فترة الحصار.
خاتمة مهمة:
ومهما يكن من أمر، فإن الكثير من المراقبين يرون أن زيارة الوالي ولجنة أمن ولاية جنوب كردفان إلى مدينة الدلنج، شكلت فتحاً جديداً في مسار التلاحم والارتباط الوجداني ما بين الشعب والجيش والتزامهما خندق الدفاع عن الأرض وتنظيف ولاية جنوب كردفان – إقليم جبال النوبة من دنس التمرد، بدحر ميليشيا الدعم السريع، والقضاء على قوات الجيش الشعبي، خاصةً وأن الحشود العفوية الضخمة التي ضاقت بها مدينة الدلنج، قد شيَّعت ميثاق نيروبي، وأكدت أن هذا الميثاق لم يكن ليس سوى حبر على ورق، وأن خيانة عبد العزيز الحلو لقضية جبال النوبة لن تزيد المواطنين إلا اصطفافاً خلف قواتهم المسلحة، والتفافاً حول حكومتهم للوصول بالمسيرة القاصدة إلى نهاياتها، وعلى الحكومة الاستفادة من هذا التلاحم واستثماره لصالح قضية المنطقة بتعويض المواطنين الذين صبروا نحو سنتين في وجه التمرد والحصار المفروض عليهم وذلك ببسط الخدمات الضرورية وإظهار المزيد من الاهتمام ببناء السلام والاستقرار، وإرساء دعائم التنمية وإعادة الإعمار.