مقالات

المرأة الريفية ودورها الريادي في بناء المجتمع

طه هارون حامد:

تعتبر المرأة الريفية عنصراً أساسياً في النسيج الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع لما تلعبه في الحياة العامة والخاصة، فهي ليست مجرد مساعدة في الأسرة، بل هي ركيزة أساسية بناء المجتمع نفسه و في عملية التنمية المستدامة. وعلى الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجهها المرأة الريفية، فإنها تتمتع بقدرة كبيرة على التأثير والتغيير في محيطها المحلي وفي المجتمع بشكل عام. و الدور الريادي الذي تلعبه المرأة الريفية في بناء المجتمع من خلال أبعاد عدة، بدءاً من دورها في الزراعة والإنتاج، مروراً بمشاركتها في الحياة الاجتماعية والاقتصادية، وصولاً إلى تأثيرها الكبير في التوعية والتثقيف الصحي والرعاية الصحية الاسياسية والتعليم والتنمية المستدامة.
1. المرأة الريفية والزراعة: أساس التنمية الاقتصادية
تعتبر الزراعة العمود الفقري للاقتصاد الريفي، والمرأة الريفية تمثل شريكاً أساسياً في هذه العملية. تشارك المرأة في كافة مراحل الإنتاج الزراعي، من الزراعة والحصاد إلى توزيع المحاصيل. في العديد من المناطق الريفية، نجد أن المرأة هي المسؤولة عن معظم الأعمال الزراعية التقليدية، مثل زراعة المحاصيل، رعاية الحيوانات، وجني الثمار.
هذه الأنشطة ليست فقط من أجل تلبية احتياجات الأسرة، بل تساهم بشكل كبير في اقتصاد المنطقة من خلال توفير وصناعات المنتجات الغذائية والاجبان التي تساهم في الاستقرار الاقتصادي المحلي. وفي بعض الحالات، تُنتج النساء الريفيات منتجات أضافية كالمشغولات اليدويةو يمكن بيعها في الأسواق المحلية أو الإقليمية، مما يساهم في تحسين دخل الأسرة ويعزز من الاستقلالية الاقتصادية للمرأة.
2. المرأة الريفية كمحفز للتنمية الاجتماعية
إلى جانب دورها في الإنتاج الزراعي، تلعب المرأة الريفية دوراً محورياً في تحسين الحياة الاجتماعية في مجتمعاتها. تتسم المرأة الريفية بقدرتها على بناء علاقات اجتماعية قوية ومترابطة، حيث تشارك في تنظيم المناسبات الاجتماعية والاحتفالات التقليدية التي تعزز من التواصل الاجتماعي. كما أن المرأة الريفية تعتبر محركاً مهماً للتعاون والتضامن داخل المجتمعات الصغيرة، فهي تحرص على تبادل الخبرات والمعرفة مع غيرها من النساء، مما يسهم في تعزيز مكانتها داخل المجتمع.
وفي بعض المناطق، تقود النساء الريفيات حركات اجتماعية تهدف إلى تحسين أوضاع (الجمعيات التعاونية) المجتمع ككل، مثل حملات التوعية الصحية والتعليمية. غالباً ما تكون المرأة الريفية هي الرائدة في نشر الوعي حول القضايا الصحية مثل التغذية، ورعاية الأطفال، وأهمية الرضاعة الطبيعية، إضافة إلى التثقيف حول الوقاية من الأمراض.
3. التعليم والتوعية: دور المرأة الريفية في تعزيز التعليم
تعتبر المرأة الريفية عاملاً مهماً في تعزيز الثقافة والتعليم في المجتمعات الريفية. على الرغم من التحديات التي تواجهها في الوصول إلى التعليم، فإن العديد من النساء الريفيات يتفانين في تعليم أطفالهن وتوفير بيئة تعليمية منزلية تشجع على التعلم. كما أن المرأة الريفية تسهم في نشر الوعي حول أهمية التعليم لأفراد الأسرة، وبخاصة للفتيات، حيث تعمل على تحفيزهن للالتحاق بالمدارس والتعليم الموازي والمساهمة في تحسين مستويات التعليم في المجتمع.
تتزايد أهمية دور المرأة الريفية في مجال التعليم غير الرسمي، من خلال تنظيم ورش عمل ودورات تدريبية للنساء والفتيات في القرى، مما يعزز من قدراتهن ويزيد من فرصهن في سوق العمل، سواء في المجالات الزراعية أو الحرفية أو حتى في المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
4. المرأة الريفية والتنمية المستدامة
إن مشاركة المرأة الريفية في التنمية المستدامة لا تقتصر على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية فقط، بل تشمل أيضاً الجوانب البيئية. فالمرأة الريفية تلعب دوراً مهماً في الحفاظ على الموارد الطبيعية، حيث تساهم في استخدام أساليب الزراعة التقليدية التي تراعي البيئة وتساهم في المحافظة على التنوع البيولوجي. كما أن المرأة الريفية تمثل خط الدفاع الأول ضد تدهور البيئة، من خلال العناية بالنباتات المحلية، حماية الأراضي من التآكل، واستخدام تقنيات الري الموفرة للمياه.
، تسهم المرأة الريفية في نشر ثقافة الاستدامة داخل المجتمع من خلال مشاركة المعرفة المتعلقة باستخدام الموارد بشكل رشيد، مما يعزز من قدرة المجتمع على مواجهة التحديات البيئية مثل تغير المناخ وقلة المياه.
5. المرأة الريفية وقيادة التغيير
المرأة الريفية ليست مجرد مربية أو منتجة، بل هي أيضاً قائدة قادرة على إحداث تغيير إيجابي في مجتمعها. ففي العديد من البلدان، نجد أن النساء الريفيات قد أطلقن مبادرات اجتماعية واقتصادية تهدف إلى تحسين الظروف المعيشية في مجتمعاتهن. ومن خلال العمل الجماعي والمشاركة المجتمعية، استطاعت النساء الريفيات تحقيق تغييرات ملموسة في مجالات مثل تطوير البنية التحتية المحلية، تحسين الرعاية الصحية، وتعزيز فرص العمل.
إن قدرة المرأة الريفية على القيادة تتجلى في قدرتها على التغلب على التحديات الثقافية والاجتماعية التي قد تحول دون مشاركتها الفعالة في الحياة العامة. فبفضل الإرادة القوية والإصرار، تمكنت المرأة الريفية من أن تصبح شريكاً أساسياً في عملية التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وأن تسهم في إحداث التحولات الكبرى في المجتمعات الريفية.
6. التحديات التي تواجه المرأة الريفية
على الرغم من الدور الحيوي الذي تلعبه المرأة الريفية، إلا أنها تواجه العديد من التحديات التي تعيق مشاركتها الفعالة في عملية التنمية. من أبرز هذه التحديات الفقر، الأمية، بعد اماكن التسوق والمواني و قلة فرص الوصول إلى الخدمات الصحية والتعليمية، والتمييز الاجتماعي. هذه التحديات تتطلب جهوداً من الحكومات والمنظمات المحلية والدولية لتوفير بيئة داعمة للمرأة الريفية تضمن لها الحقوق والفرص المتساوية.
أخيرا
دور المرأة الريفية في بناء المجتمع ليس مجرد دور تقليدي بل هو دور ريادي يسهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. المرأة الريفية تعمل بلا كلل أو ملل لتلبية احتياجات أسرتها ومجتمعها، وتساهم في تحسين الظروف المعيشية من خلال الزراعة والتعليم والتنمية المستدامة. ومع ذلك، لا بد من تسليط الضوء على التحديات التي تواجهها المرأة الريفية وتوفير الدعم اللازم لها من أجل تمكينها من تحقيق إمكانياتها الكاملة والمساهمة في بناء مجتمع مثالي.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق