مقالات

البروف خالد كودي وانتقال حميدتي من خانة المجرمين إلى خانة الرفاق

برير إسماعيل:

البروف خالد كودي أحد المُنظِّرين والمفكًّرين لتحالف تأسيس على طريقة المؤسس سيء الذِكر د. عبد الله حمدوك الذي عقدت عليه الحركة الجماهيرية السودانية الثائرة آمالاً عريضة ولكنه أناخ بعيره في معسكر الجنجويد ثم ترجل.

إبان الزخم الثوري في ديسمبر 2018م و الشوارع السودانية الثائرة كانت تغلي كالمراجل بسبب سوء الأوضاع السياسية العامة في البلاد تمّ التسويق السياسي لدكتور حمدوك على أساس أنه المسيح السوداني الجديد الذي سيملأ أرض السودان عدلاً بعد أن ملأها الكيزان وجنجويدهم جوراً وقد قام بهذا التسويق السياسي نخب سياسية و مدنيَّة معروفة كانت تنسج خيوط مؤآمراتها على الحراك الجماهيري من خلف الكواليس مستغلة في ذلك المزاج السياسي السوداني العام الرافض للكيزان وجنجويدهم وطحالبهم السياسية.

التجربة العملية لدكتور حمدوك بعد أن طفح كالطرور على سطح المشهد السياسي السوداني أثبتت بأنه من الأنبياء السودانيين الكذبة و لذلك تجاوزه الحراك الجماهيري السوداني و لم تفلح كل محاولات النخب السياسية و المدنيَّة التي قدَّمته للناس في إعادة إنتاج تسويقه من جديد فبعد أن كان معززاً مكرماً من قِبل الغالبية العظمى من المكوِّنات السودانية المشاركة في الثورة أصبح يتبلد مثل خفافيش الظلام في العواصم التي يزورها و قد ظلّ مطارداً لأنه جنى على نفسه وعلى ملايين المواطنين/ات.

لأن التاريخ في السودان ظلَّ يتكرر أكثر من مرة حتى أصبحنا مسخرة بين شعوب الأرض ها هو ذات التاريخ يعيد نفسه مجدداً لكي يتم التسويق السياسي للمجرم حميدتي من قِبل حلفائه الجدد في الحركة الشعبية بقيادة الحلو على أساس أن المجرم حميدتي المعروف هو حالياً رفيق النضال الذي جرَّد السلطة المركزية الإسلاموعروبية في الخرطوم من ورق التوت بسبب عروبته القحة وإسلامه الماخمج و قربه من آل البيت النبوي.

يبدو أن عملية إنتقال المجرم حميدتي من خانة المجرمين إلى خانة الرفاق بقرار سياسي بطله الحلو لها علاقة مباشرة بالموروث الشعبي السوداني المعروف المرتبط بالطرق الصوفية حيث يتحول الشخص في الأحايين من خانة السكير العربيد الذي يجيد الإجرام إلى خانة أحد حيران الشيخ فلان الفلاني لأنه مسك الطريقة الصوفية الفلانية وبذات الفهم فإن المجرم حميدتي تحوَّل من خانة لص الموارد المجرم والمغتصب والمحتل لبيوت المواطنين وأصبح بقدرة قادر من حيران شيخ طريقة السودان الجديد الشيخ العارف بالسودان الحلو.

قد كثر المنظِّرون السياسيون الذين يريدون إقناع معظم الناس بالجدوى من التحالف مع الجنجويد المجرمين إلا أن البروف خالد كودي كان نسيج وحده في التنظير لميثاق تأسيس للدرجة التي لو أن مواطنا سودانيا قحّ أو عطس لطلب منه البروف خالد كودي أن يحمد الله على نعمة تأسيس التي سحمت له بهذه العطسة في هذا الزمن الصعب.

الواقع اليومي السوداني المعاش يقول إنَّ كل الحبر الذي سكبه منظٍّر ميثاق التأسيس البروف خالد كودي لن يغير من حقيقة أن تحالف تأسيس في الأصل كان و لازال بين الحركة الشعبية لتحرير السودان/ شمال بقيادة الحلو و مليشيا الجنجويد الأسرية المرتزقة ذات الإرتباطات الإقليمية و الدولية وهي ذات التي أسسها الكيزان لتحقيق مكاسب سياسية غير مشروعة لو تعلًّق زعيمها المجرم حميدتي بتمثال الحرية و بالكعبة معاً.

الشاهد أن الحراك الثوري الجماهيري السوداني بفطرته السياسية السَّليمة كان قد قرر حل هذه المليشيا المجرم و حل جميع المليشيات و عودة العسكر للثكنات و الحديث عن عودة العسكر للثكنات لا يعني بأي حال من الأحوال بأن العسكر الحاليين عال و إنما الحديث هنا عن مبدأ تجريد العسكر من المهام السياسية و لذلك فرض عين على كل مكوِّنات قوى الثورة العريضة السلمية و المسلحة معاً و من ضمن مكوِّناتها الحركة الشعبية لتحرير السودان/ شمال بقيادة الحلو عدم تجاوز هذا القرار الثوري الجماهيري القاضي بحل المليشيا من خلال الإلتفاف السياسي عليه تحت الذرائع الواهية المتداولة حالياً.

السؤال المحوري الذي يجب أن يتم توجيهه إلى البروف خالد كودي أحد المُنظٍّرين و المفكًّرين لميثاق التأسيس الجنجويدي هو التالي:

لماذا يفترض البروف خالد كودي في معظم مداخلاته مع الكثيرين أن محاوريه لا يفعلون كذا و كذا في الشأن العام السوداني و لذلك مطلوب منهم في المقام الأول القيام بكذا و كذا أن يقوموا بواجبهم قبل الدخول في مناقشته؟.

في إحدى مداخلات البروف خالد كودي الراتبة مع الأستاذ عدلان عبد العزيز و الأخير من المهتمين بقضايا حقوق الإنسان السوداني قرر البروف خالد كودي لوحده لا شريك له و بدون معلومات حقيقية بأن الشبكة السودانية لحقوق الإنسان التي يعمل بها الأستاذ عدلان عبد العزيز برفقة آخرين و أخريات من المشهود لهم/ن بالإستقامة الثورية و السياسية و الإهتمام بحقوق الإنسان بصورة مبدئية ليست إنتقائية لا تفعل كذا و كذا ولذلك كان يجب على هذه الشبكة ألا تكتفي بفعل كذا و كذا و بمعنى آخر البروف خالد كودي أصبح شغال نجر شديد من رأسه من أجل تكبير الكوم في الرد على كل الرافضين/ات لميثاق التأسيس والمدهش في الأمر هو إنه عندما يكتشف البروف خالد كودي بأن كلامه عن الجسم الفلاني أو عن الشخص العلاني غير صحيح يلجأ بصورة أوتوماتيكية للف و الدوران حول نفسه وحول العالم للخروج من الموضوع مثل خروج الشعرة من العجين . و قد إتبع البروف خالد كودي هذا المنهج الملتوي نفسه مع الأستاذ عبد الغفار سعيد في حركة 27 نوفمبر وهو شخصية لها مساهماتها المعروفة في الشأن العام السوداني وعندما إتضح للبروف خالد كودي بأن حديثه عن حركة 27 نوفمبر غير صحيح طوالي كبًّرها و خرج من النقاش من الباب البي وراء و كأن شيئاً لم يكن و لسان حاله يقول هو في شنو مالكم؟.

الملاحظة الجوهرية على معظم مداخلات البروف خالد كودي مع محاوريه تتمثل في أنه يخاطب دوماً محاوريه كممثلين لأجسام سياسية أو مدنية أو ثورية ليحاكم سياسياً و جنائياً …إلخ عبرهم هذه الأجسام وفقاً لمعلومات متوهمة في الغالب الأعم لأنه قاطع المعلومات عن هذه الأجسام قطعا أخضراً من رأسه و عندما لم يجد البروف خالد كودي لمحارويه أجساماً سياسية أو مدنية أو ثورية يمثلونها لكي يحاكمها على الطائر قبل أن ترك في الفرع و بدون أن يرمش له جفن يلجأ بصورة دراماتيكية لوضع الكلمات في أفواه محاوريه ليحاكمهم بكلامه هو الذي وضعه لهم في أفواههم، وهذا بالطبع منهج غريب جداً لشخص مثل البروف خالد كودي الذي لم يترك مرحوماً من مراحيم العالم لم يقحمه وهو في قبره في معظم مداخلاته ظناً منه أن الإكثار من ذكر المفكرين والمٌنظِّرين المراحيم في أرجاء المعمورة والمخروبة في العديد من القضايا سيكون في صالح حجته الداعمة للمولود الجديد سيدنا تأسيس عليه السلام وهو ذلك المولود الذي كلّم الناس في المهد صبياً و هذه بالطبع هي سلطة الخطاب السياسي الذي يعتمد صاحبه على عملية الزج بأسماء المفكرين و المنظرين في النص المكتوب أو في الخطاب المسموع المباشر ظنا منه بأن المستمع أو القاريء سيطش شبكة و لكن هذه وهمة سياسية كبيرة لم و لن تنطلي على أحد في أي مكان في العالم.

من المحن و الإحن السياسية للبروف خالد كودي أحد المُنظٍّرين و المفكٍّرين لميثاق التأسيس على سبيل المثال لا الحصر هي إنه عندما يقول معظم الناس إنًَ حميدتي جنجويدي مجرم يقول لهم البروف خالد كودي إنًَ سيدنا غرامشي عليه السلام قال كذا و كذا و بما إنه سيدنا المرحوم غرامشي كان قال كذا و كذا في الموضوع العلاني فهذا يعني بصورة أوتوماتيكية أن تحالف تأسيس ماشي حالياً في الإتجاه الصحيح و دقي يا مزيكا.

عموما نقول للبروف خالد كودي يا خبر الليلة بقروش سيكون في نهار بكرة مجانا و الأيام وحدها كفيلة لكي تثبت لمعظم الناس بأن التحالفات السياسية مع المجرمين لم و لن تغير من الواقع السوداني المأساوي شيء و لكنها ستزيده تعقيداً و ذلك لأن التحالفات السياسية الناجحة يجب أن تقوم ما بين الأجسام السياسية/ المدنيَّة / الإجتماعية ذات القواسم المشتركة العظمى و لا يمكن بأي حال من الأحوال للتحالفات السياسية الناجحة أن يتم تأسيسها ما بين جسم ثوري/سياسي/ مدني و بين جسم آخر جنجويدي مليشي يؤمه المجرمون حتى لو أن سيدنا غرامشي عليه السلام كان قد دعا إلى قيام مثل هذا التحالف في حياته.

الثورة السودانية مستمرة و النصر أكيد و معاً لدعم حقوق كل المواطنين السودانيين في كل أنحاء السودان في الدفاع عن أنفسهم و أعراضهم و أموالهم و بيوتهم و مدنهم و قُراهم و حلاَّلهم و فُرقانهم ضد الهجمات الجنجويدية الدقلوية المعتدية عليهم و على مدار الساعة و في المجمل نعم لدعم حقوق كل الشعوب السودانية في الدفاع عن وجودها ضد كل المعتدين.

22 أبريل 2025م

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق