المُسيّرات.. سلاح العاجزين وارتداد اليأس في حروب العصر الحديث

د.صلاح عمر الطيب:
الحروب عبر التاريخ لم تكن مجرد معارك تُحسم في الميدان، بل كثيرًا ما تمتد آثارها وارتداداتها لتثخن جسد المجتمعات لفترات طويلة بعد انتهاء القتال النظامي.
ومع تطور أدوات القتال، تطورت كذلك وسائل الضغط والانتقام، حيث أصبحت الطائرات المُسيّرة (الدرونز) اليوم سلاح العاجزين، وأداة اليائسين، وسلاحًا ذو حدين يضرب المدني قبل العسكري، وينسف ما تبقى من أمان المجتمع.
المُسيّرات: وسيلة العاجز وارتداد الهزيمة
في زمن مضى، كانت التفجيرات العشوائية هي السلاح المفضل لكل منهزم أو عدو خفيّ. أما اليوم، فقد أصبحت المُسيّرات الاختيار الأكثر شيوعًا، لما توفره من:
سهولة تصنيع.
صعوبة اكتشاف مبكر.
تكلفة تشغيل منخفضة.
أثر نفسي بالغ يفوق أحيانًا أثر القصف التقليدي.
حين تعجز الجيوش المنهزمة عن المواجهة النظامية، تلجأ إلى ضرب المدنيين والمنشآت الحيوية بهدف استنزاف المنتصر نفسيًا وإرباكه أمام داعميه وحلفائه.
ولعلّ إسرائيل اليوم، برغم ترسانتها المتطورة، تعجز عن إيقاف ضربات المُسيّرات القادمة من اليمن وأماكن أخرى. وكذلك روسيا وأوكرانيا، اللتان تخوضان حربًا مفتوحة يومية أساسها المُسيّرات الصغيرة، لا الدبابات الثقيلة.
ارتدادات لا تتوقف
الحرب، بطبيعتها، ليست مجرد اشتباك بين جنود؛ بل سلسلة طويلة من التبعات الاقتصادية، والأمنية، والاجتماعية.
والمُسيّرات اليوم تمثل الوجه القبيح للحرب الممتدة، حيث يصبح المواطن البسيط أول ضحية، وتتآكل منظومة الأمن الوطني مع كل طلعة جوية بلا طيار.
وتظل هذه الأساليب الانتحارية محاولة بائسة من المنهزمين لـ”حفظ ماء الوجه”، وإرسال رسائل مدفوعة باليأس لمن تبقى من داعميهم، بحثًا عن مكسب إعلامي أو موقف تفاوضي، مهما كان الثمن هو دم الأبرياء.
إن الحروب الحديثة أكدت أن التكنولوجيا ليست حكرًا على الجيوش النظامية، وأن أضعف الأطراف قد يمتلكون سلاحًا صغيرًا يجعلهم يُحدثون ضررًا يفوق وزنهم العسكري بكثير.
ولذلك، فإن مسؤولية حماية الأوطان اليوم لا تقتصر على سلاح الجيش، بل تشمل تطوير منظومات الكشف المبكر، وتعزيز الجبهة الداخلية ووعي الشعوب.
ولابد من نأخذ في اعتبارنا ان لكل فعل رد فعل مساوي له في الشدة ومضاد له في الاتجاه انا ما بفسر ومتخذ القرار ان شاء الله ما بيقصر
نسأل الله أن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من شر الحروب والفتن، وأن يجعل كيد الكائدين في نحورهم، وأن يمنّ علينا جميعًا بالأمن والأمان والاستقرار.