مقالات

رجل التوازنات الصامتة: هل يقود إبراهيم جابر المرحلة الانتقالية رئيساً للوزراء؟

الصادق محمد أحمد:

في خضم التحديات المعقدة التي تواجه السودان اليوم، سواء على الصعيد السياسي أو الأمني أو الاقتصادي، تبرز الحاجة إلى شخصية قيادية ذات خلفية تنفيذية رصينة، شخصية قادرة على مخاطبة الداخل والخارج بلغة واقعية تتجاوز الاصطفافات الأيديولوجية والحزبية. ومن بين الأسماء القليلة التي تستوفي هذه المعايير الدقيقة، يبرز الفريق مهندس إبراهيم جابر إبراهيم كخيار منطقي وواقعي لرئاسة مجلس الوزراء في مرحلة انتقالية تتطلب من يملك الحكمة والقدرة على تجاوز هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها البلاد.
إبراهيم جابر ليس وافداً جديداً على الشأن العام، بل هو رجل دولة عرفته المؤسسات السودانية من القاعدة إلى القمة، فهو خريج جامعة الخرطوم في تخصص الهندسة ، ثم ضابط متدرج في القوات البحرية السودانية حتى قيادتها، ثم عضواً في مجلس السيادة الانتقالي، حيث أوكلت إليه ملفات بالغة الحساسية تتعلق بالاقتصاد والطاقة والزراعة والعلاقات الخارجية، خلال تلك الفترة لم يكن صوته عالياً ،و لكنه كان حاضراً بثقة ، يُستشار حين يعجز الآخرون عن تقديم رؤية واضحة، ويُكلف حين تستعصي الملفات على المعالجة التقليدية.
ما يميز إبراهيم جابر هو الجمع النادر بين الصرامة العسكرية والفهم المدني العميق، وهذا التوازن في شخصيته يمنحه فرصة استثنائية للعب دور محوري في الانتقال من دولة منهكة إلى دولة فاعلة ،فبقدر ما يحظى باحترام المؤسسة العسكرية، يتمتع أيضاً بقدر كبير من الثقة لدى الأطراف المدنية والفاعلين الدوليين، بسبب نزعته العملية وابتعاده عن لغة التصعيد، كما أن حضوره الأفريقي الطاغي وعلاقاته المميزة في القارة سيكون لهما أثر كبير في بناء علاقات استراتيجية مع محيطنا الأفريقي الحيوي.
في المشهد السوداني المليء بالاستقطابات، يبدو من الصعب الاتفاق على شخصية جامعة، لكن إبراهيم جابر قد يكون الاستثناء النادر، ليس لأنه شخصية توافقية بالمعنى السياسي، بل لأنه شخصية عملية تتعامل مع الأمور من منطلق الحلول لا الولاءات. إن ترشيحه بعد إحالته إلى التقاعد لن يُفهم كعودة إلى الحكم العسكري، بل كتحول مدني حقيقي لرجل خدم في المؤسسة العسكرية ثم اختار أن يوظف خبرته لخدمة الدولة من موقع مدني مسؤول ، وهو بذلك يمثل نموذجاً انتقالياً يليق بالمرحلة ويجيب على معضلتها المزمنة: من يقود البلاد من الفوضى إلى الاستقرار؟
إن قدرة إبراهيم جابر على إدارة ملفات اقتصادية معقدة، وبناء علاقات دولية هادئة وفعالة، وتجنبه الدائم للظهور الإعلامي غير المحسوب، كلها مؤشرات على أنه رجل المرحلة المناسب ، فترشيحه لرئاسة الوزراء لا ينبغي أن يُنظر إليه كحالة طارئة، بل كفرصة لإعادة بناء الثقة بين الدولة والمواطن، وبين مكونات الحكم، على أساس الكفاءة لا الخطابات، وعلى منطق الإنجاز لا الانتماء، وربما يكون ذلك هو المدخل الحقيقي لبداية استقرار طال انتظاره.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى