
وفـــاء جميــــل:
جميلٌ أنّ يُخاطب الإنسان عُمق الوجدان، ورائع أنّ يُدغدغُ المشاعر بِعباراتِ الخُلد، و مُدهش أنّ يتأمّل المستقبل و يُلاطف الآخرين بِما ينفعهم، يجدُ لهم أساليب البقاء ، ويجددُ فيهم روح الأمل، يدعمهم إستراتيجياً و يساندهم معنوياً، و المُذهل أنّ نتحدث بلغةِ الإنسانية العميقة التي نتحسسُ بها آهات المفجوع و آلام الموجوع.
كريمٌ أنّ نُواسي أنين النفوس الصامتة فَنُشبِعُ سمعها حُباً و تفاؤلاً و حياة، فهنالك لُغات أحاسيسها لا تعرف للضلالةِ طريق..!!
مِن طبعي الذي ألفتُ عليه، و دأبتُ على إعتمادهِ بشكلٍ كُليّ في ضروب الحياة، هي الأفعال، و ليس الأقوال، إذ لا أكترثُ لِما يُقال خلف الأسفار التي يسطرها المستشارون و يأتي بها المسؤول قارئاً فقط، هذا لإيماني القوي بأنّ الجميع يتحدث و القليل فقط مَن يفعل ! لذلك لا أنصتُ البتّة لخطابات الرؤساء و المسؤولين التي يلقونها على مسامعِ الجمهور، ليس جهلاً بالمسألة أو تجاهلاً للحال، إنّما للسبب الذي ذكرتهُ آنفاً ..!!
و لكني أعطيتُ ملامح حكومة الأمل إهتماماً بِما أنّها رؤيةٌ إستثنائيةٌ في وقتٍ إستثنائي ..!! فقد جاءت في زمان إنكساري وغير إعتيادي، زمانٌ كثُرت فيه خيانة الأرض و العِرض، زمانٌ التكايات و التنكيل، زمانٌ السلب و النهب و التشريد، إذ حسبتُ أنّها (رُبما) ستيكون سبباً في (المَنّ) لهذا الشعب بعد سُّؤلِه لِله، أنّ يمُّن و يُكرّمهُ مرة أخرى، كما أعطى بِفضلهِ سُّؤل سيدنا موسى {قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يٰمُوسَىٰ ○ وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَىٰ}..
فالداعي للإنشراح ذاك الإسم (حكومة الأمل)، ربما يستفسر البعض عن أي أمل سننشدهُ بعد هذه الحرب المُدمرة و المُدبرة و المغدورة ، فكيف لهذا (الشعبٍ الصابر) الذي تذوق بما يكفيه مِن مرارات التنكيل و السرقة و التشريد و التعذيب و التغريب القسري عن الأرض والعِز و الكرامة، كيف له أنّ يثِقَ في قدوة أتت بعد خذلان مُتتالي..!!
فقلتُ يا نفسي هل مِن أملٍ حقيقي و جديد ؟؟ أم هو أملٌ واهم و قديم (متجدد) ..!!؟؟
فهل (أمل كامل) كاملاً ؟؟ و مُجيباً لإستفهامات ملايين السودانيين؟ و هل يُمكِنه أنّ يصبح واقعاً في بلدٍ ضاق به الأمل فساداً و خيانةً، و ضاع إنسانهُ جوعاً و عطشاً، و ضلّ رجالهُ قهراً و ذُلاً ..! فهل سيُتوّج الأمل بالوفاءً ؟؟ و هل وضع (الرئيس إدريس) أبجديات الرقابة و المحاسبة والمراجعة و التتبُع لهذا الأمل؟؟ أم أنّها فقط آمال عِراض و أحلام وردية حادبة عابرة لكل حادثة ..!!
لا أحبذُ الحُكم على أقوال غير مُصححة بالأفعال، و لكني أرى حكومة القيم الجوهرية، أو كما أحبُ أنّ أطلق عليها إسم (أمل كامل) بما فيها مِن معاني و أماني (نظرية)، مقدور عليها بأنّ تصير واقعية محسوسة و ملموسة للجميع، بالإمكانِ أنّ تُصبِح ملموسة يوماً ما !! لأنّه وضع بصمةٍ صحية لِأساسيات أصلية و أصيلة، تُسمى ( القيم الجوهرية) هنا يتبارزُ المُلتحِقون بالحقائب (الخِدمية)، و يبرزُ الإختيار الصالح القويم، فهو ذكر و لأولِ مرةٍ في عالم التنافس السياسي (القيم الجوهرية) نجدها كشرطٍ أساسي للقبول، و يا لها مِن قِيم عُليا !! بها يصطفي الله عبادهُ الأخيار مِن الأشرار ! و لو رجونا ذلك الأمل المدسوس في خطابهِ، و رأئنا ذاك العزم المغروس في لهجتهِ، و إستصحب معه واقع البلد المنحوس، و اِسْتَشَفَّ المستفاد مِن الحرب الضروس، و إستبرأ مِن (جشع الساسة و طمع المناصب و إستغلال النفوذ)، و إذا ما أخذنا العِبر المتراكمة مِن الفشل الذريع للحكومات الدِرامية، لتيقَّنا يقيناً تاماً بأنّ (حكومة الأمل) يُرجى منها إصلاحاً و تنميةً و سلاماً، إذا تم تنفيذ ملامحها حرفياً في هذا الوطن الجريح الغارق في دماءهِ، بِفعل تلك الأحزاب المختبطة المتلازمة فشلاً في أنّ تداوي داءهُ أو تضمّد جراحهُ، بل زادتها حراباً، و تركتهُ مُفتعلةً تلك الأزمات و الانقسامات و التشظي الذي صنعتهُ، فلم يبرحُ ذاك الشرخ (العميل) الذي غُرس في مدارك الأمة السودانية وأقعدها.
للحقّ مكانةٍ في ضمائر الأحرار، و نحنُ في زمان لُجّلِج فيه الحقّ، و أُبلِج فيه الباطل، و أضحت (الضمائر الحُرة) مُكبلة الأعناق مقيّدة التعبير، لذلك وجدت الضمائر المعادية حيزاُ تلهو فيه و تسترزقُ منه في سوق الجهل و النفاق و الخيانة و الكذب ، لذا وجب على الكُل أنّ يُصفق للأمل و العمل لِأجل الوطن، حتماً أنّ هذا البلد (بالقيم الجوهرية) سينهض مِن جديد، و ستعيدُ الأخلاق توازن التنمية، بما أنّه ذُكرت مصادرها و مقاصدها، و ستعيدُ الأخلاق تلاحمُ المجتمع السوداني، بما أنّه ذُكر (التسامح) كواحدةٍ مِن القيم الأساسية لبناء ثقافة السّلام، و هذا ما أنتج القبول المبدئي العام لهذا الحكومة.
إذً .. ما فتئت (القيم الجوهرية) في هذا البلد بأنّها المبدأ و الدستور الذي تعتمد عليه (الحكومة) و تُسيّرُها، فلا خوفاً على هذه الأمة، ولا هم سيحزنون بحول الله وقوته. للحديث بقيّة
الإثنين 23 /يونيو 2025




