صحة وبيئةمقالات

وضع السودان الراهن “الالتزام- التنفيذ- التحديات”من الاتفاقيات البيئية الدوليه “بازل- روتردام- مينماتا- استوكهولم”

د.أسامة  سيدأحمد حسين:

يتميز موقف السودان من الاتفاقيات البيئية الدولية الموقعة (بازل، استكهولم، مينماتا، روتردام) بمزيج من الالتزام الرسمي والتحديات الكبيرة في التنفيذ الفعلي. فيما يلي تحليل لوضع السودان بالنسبة لكل اتفاقية، مع التركيز على الالتزامات والتحديات:

1. اتفاقية بازل (1989) – بشأن التحكم في نقل النفايات الخطرة عبر الحدود والتخلص منها:
– الالتزام:
– السودان صادق على الاتفاقية في 1993، وهو ملزم قانونًا بمنع نقل النفايات الخطرة عبر حدوده وإدارتها بشكل سليم.
– تم إدراج السودان في اتفاقيات إقليمية مثل اتفاقية باماكو (1991) التي تحظر استيراد النفايات الخطرة إلى أفريقيا.
– التنفيذ:
– توجد فجوات في الرقابة على النفايات الخطرة، خاصة في الموانئ والمناطق الحدودية.
– لا توجد بنية تحتية كافية لمعالجة النفايات الخطرة محليًا.
التحديات:
– ضعف القدرات المؤسسية والفنية للجهات المعنية (مثل المجلس الاعلي للبيئة).
– نقص التشريعات المحلية التفصيلية لتنفيذ الاتفاقية.
– انتشار النفايات الإلكترونية والطبية دون إدارة آمنة.
2. اتفاقية استكهولم (2001) – بشأن الملوثات العضوية الثابتة (POPs):
الالتزام:
– انضم السودان إلى الاتفاقية في 2005، وتعهد بالحد من استخدام وإطلاق ملوثات مثل المبيدات المحظورة (مثل DDT).
التنفيذ:
– تم إعداد تقارير وطنية بمساعدة برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) لتحديد مصادر الملوثات.
– هناك جهود محدودة للحد من استخدام بعض المواد الكيميائية الزراعية.
التحديات:
– استمرار استخدام مبيدات قديمة تحتوي على POPs في الزراعة بسبب نقص البدائل.
– عدم وجود مرافق لتدمير هذه المواد بشكل آمن.
– ضعف الوعي لدى المزارعين والمستخدمين.

3. اتفاقية مينماتا (2013) – بشأن الزئبق:
الالتزام:
– وقع السودان على الاتفاقية في 2014 وصادق عليها في 2021، مما يلزمه بوقف استخدام الزئبق في التعدين الأهلي للذهب بحلول 2028.
التنفيذ:
– تم إطلاق مشاريع تجريبية بالتعاون مع منظمات دولية (مثل برنامج الأمم المتحدة للتنمية) لتقليل استخدام الزئبق في تعدين الذهب.
– هناك حملات توعية في مناطق التعدين (مثل ولاية نهر النيل).
التحديات:
– يعتمد نحو٣ مليون شخص على التعدين الأهلي، مما يجعل التحول صعبًا.
– انتشار تهريب الزئبق عبر الحدود (خاصة من ليبيا وتشاد ومصر).
– عدم وجود بدائل اقتصادية وفعالة للزئبق.
4. اتفاقية روتردام (1998) بشأن التجارة في المواد الكيميائية والمبيدات الخطرة:
الالتزام:
– صادق السودان على الاتفاقية في 2005، مما يفرض عليه نظام “موافقة مسبقة” (PIC) لاستيراد مواد كيميائية خطرة.
التنفيذ:
– تم حظر بعض المبيدات الخطرة (مثل باراكوات) رسميًا.
– توجد قوائم مراقبة للكيميائيات المستوردة.
التحديات:
– تهريب المبيدات المحظورة من دول مجاورة (مثل إريتريا وتشاد ومصر ).
– ضعف الرقابة على المنافذ الحدودية.
– نقص المختبرات لتحليل المواد الكيميائية.
التحديات المشتركة:
1. الضعف المؤسسي:
– تعاني الهيئات والمجالس والجمعيات البيئية من نقص التمويل والكوادر المؤهلة.
2. الوضع الاقتصادي والسياسي:
– الأزمة الاقتصادية والنزاعات المسلحة والحروب (مثل دارفور- كردفان) تحول دون تخصيص موارد للبيئة.
3. الافتقار إلى التشريعات المحلية:
– العديد من القوانين غير مطابقة للاتفاقيات أو غير مفعلة.
4. نقص البيانات:
– عدم وجود نظام مراقبة فعال لتقييم التلوث والامتثال.
الجهود الإقليمية والدولية:
– يحصل السودان على دعم من منظمات مثل *UNEP* و*الفاو* لبناء القدرات.
– هناك مشاريع ممولة من *مرفق البيئة العالمية (GEF)* لتنفيذ بنود الاتفاقيات.
الخلاصة:
بينما يظهر السودان التزامًا رسميًا بالاتفاقيات البيئية، فإن التنفيذ الفعلي يعاني من عقبات كبيرة بسبب الظروف الاقتصادية والضعف المؤسسي. تحتاج البلاد إلى دعم تقني ومالي دولي، بالإضافة إلى تعزيز القوانين المحلية وزيادة الوعي المجتمعي لتحسين الامتثال.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى