ماهي الدولة العربية الأكثر تضررا من مخاطر المناخ؟ السودان في المرتبة الأولى

الساقية برس- إخلاص نمر:
كشف مؤشر مخاطر المناخ 2025 الصادر عن منظمة جيرمان وتش، في تقريرها السنوي عن تصنيف الدول الأكثر تضررا بالظواهر المناخية، وجاء السودان في المرتبة الأولى في تصنيف الدول العربية عام 2022-لحظة كتابة التقرير – بينما كانت الجزائر الرابعة (99) عالميا، وتونس الخامسة (114) عالميا، وجاءت العراق في المرتبة السادسة والأردن في المرتبة السابعة (152).
وأظهر السودان أنه في المرتبة (15) عالميا تلته جيبوتي (31) عالميا وموريتانيا (83) عالميا .
توقعات كثير من المنظمات الدولية ،توضح أن العالم قد يشهد خلال الخمس أعوام المقبلة ،ارتفاعا في درجات الحرارة ،التي قد تصل لمستويات قياسية أو شبه قياسية، ماينذر بمزيد من موجات الحر المميتة والامطار والسيول.

تهديد..
يهدد تغير المناخ السودان من عدة جوانب ،ولعل أولها انهيار النظم البيئية ،وتفاقم أزمة المياه ،وتدهور الوضع الإنساني عبر الجفاف والفيضانات ،ولعبت الحرب دورا في زيادة الأثر البيئي، نتيجة تدمير البنية التحتية، بجانب السلوك البشري الخاطئ،الذي أدى إلى قطع الأشجار والتغول على الغابات وقطعها، ولهجرة السكان دور مهم، خاصة التمركز حول مناطق معينة، جعل موارد تلك المناطق تحت الضغط الشديد، فسادت الهشاشة في المجتمعات المختلفة، وتفاقمت الأزمة الإنسانية والسياسية، مايمكن القول إن السودان أصبح بين سندان وكارثة التغير المناخي ومطرقة حرب قاسية ومرة .
لكن..
السودان الآن يغرق في حرب ضروس، مازال يتم فيها تبادل الرصاص في منطقة مزدحمة بالسكان وينعدم الأمن والاستقرار ويعاني المواطن من الجوع وفقدان الدواء والعلاج والمناخ الصحي ولا أحد يلتفت الآن لهذا التقرير الذي وضع السودان الدولة العربية الأولى ،الأكثر تأثرا بتغير المناخ والسؤال هنا كيف يمكن استنباط الحلول والحرب لم تضع أوزارها بعد ؟
نعود لملمح مهم وهو أن السودان من الدول التي تحتاج إلى ركائز التكيف مع تغير المناخ، ففي كوب 29 الذي انعقد العام الماضي ،في العاصمة الجميلة باكو، أذكر أنه تم وضع صورة واضحة لضرورة التقدم في كل مناحي المرونة ومواجهة عنف المناخ، ومساعدة الدول على التكيف مع اثاره القاسية، خاصة الدول النامية والأقل نموا في كل العالم ،لان قسوة المناخ تترك بصمتها على الإنتاج الزراعي والغذاء وتتأثر المياه العذبة،وترتفع نسبة حموضة المحيطات نسبة لامتصاص ثاني أكسيد الكربون الأمر الذي يهدد الثروة السمكية،ورغم الأصوات العالية ، إلا أن مخرجات كوب باكو لم تتمكن من تحقيق الهدف الكمي الجماعي الجديد ،حول تمويل تأثيرات المناخ خاصة الخسائر والأضرار، لذلك كان من المهم جدا أن تعمل الدول ذات الانبعاثات العالية على الالتزام الجاد تجاه الدول التي تأثرت كثيرا بالتغير المناخي لمواجهة اثاره القاسية! فالهدف الكمي الجماعي أعلى بكثير من الهدف الذي تم اعتماده في اتفاقية باريس 2015،فهو يرتكز على حشد 1.3تريليون دولار امريكي من التمويل المناخي الدولي سنويا،لتمويل الدول النامية ومساعدتها في برامج التخفيف والطاقة النظيفة والتكيف مع اثار تغير المناخ ،وهو هدف يسعى لتعزيز الطموح العالمي (2-5)، فالدول النامية يبلغ احتياجها لتحقيق أهدافها المناخية مايقارب (2.4) تريليون دولار بحلول عام. 2030.

مخاطر مناخية..
وتقول الأستاذة لينة عادل ، خبيرة سياسات التكيف مع تغيّر المناخ والخسائر والأضرار ، في منظمة جيرمان ووتش، وواحدة من المشاركين في كتابة التقرير (في عام 2022، احتل السودان المرتبة الـ15 بين أكثر الدول تضرراً في المؤشر،فقد تسببت الفيضانات المفاجئة الشديدة بين شهري مايو وسبتمبر في وفاة 146 شخصاً وإصابة 122 آخرين، كما أثرت على أكثر من 349,000 شخص في مناطق كاس بولاية جنوب دارفور، وكسلا، وجنوب كردفان، والنيل الأبيض، وغرب دارفور. كما واجه السودان في العام نفسه موجة جفاف قاسية أثّرت على نحو 11.8 مليون شخص، ما يبرز حجم تعرض البلاد للمخاطر المناخية.)
غير مكتملة..
واوضحت عادل أن بيانات الكوارث في كثير من المناطق غير مكتملة، وهو ما يحدّ من فهم الحجم الكامل للتأثيرات،منوهةالى أنه وعند استخدام مؤشر التنمية البشرية (HDI) كأداة تقريبية، لتقدير توفر البيانات، برز السودان في المرتبة الـ13 بين أكثر الدول تضرراً في عام 2022، وهو ما يوضح حدود النقص الهيكلي في البيانات، مشيرة إلى أن الحرب الان ، تهدد البنية التحتية وتضعفها كذلك المؤسسات اللازمة، لتتبع آثار المناخ والظواهر الجوية المتطرفة.

عوامل متعددة ..
وفي سؤال الساقية برس للدكتور هشام صلاح الدين الشاذلي ،مدير معهد الدراسات البيئية جامعة الخرطوم لماذا السودان أكثر الدول تأثرا ؟؟
وهنا أجاب الشاذلي قائلا (هنالك العديد من العوامل ،التي تجعل السودان عرضة بشكل خاص لاثار تغير المناخ ،واولها الاعتماد على الزراعةالمطرية،اذ يعتمد جزء كبير من السكان بشكل مباشر عليها ،وهي تتأثر بتقلبات هطول الأمطار ،واي تغيير في أنماط الأمطار ،يؤدي لفشل المحاصيل ،مايهدد الأمن الغذائي ،وسبل العيش ،بجانب ذلك نجد ضعف البنية التحتية في السودان،فهو يفتقر لبنية تحتية قوية لإدارة المياه،مثل السدود وأنظمة الري،مايجعله غير قادر على التعامل مع الفيضانات المفاجئة،او فترات الجفاف الطويلة مع زيادة رقعة التصحر خاصة في المناطق الشمالية ،مايقلل مساحة الأراضي الصالحة للزراعة،ويزيد من الضغط على الموارد الطبيعية،ويجب الا ننسى. النزاع حول الموارد الطبيعية والتنافس على الموارد نفسها، مثل مصادر المياه والأراضي الرعوية).
تحليل وقياس..
وتؤمن لينة على أن مؤشر مخاطر المناخ (CRI)، يعمل على تحليل كيفية تأثير الظواهر الجوية المتطرفة المرتبطة بالمناخ على الدول، ويقيس تبعاً لذلك عواقب المخاطر المتحققة عليها.
تصنيف..
و تجيب عادل في ختام حديثها على سؤال الساقية برس حول كيفية عمل المؤشر في التصنيف (يُصنّف هذا المؤشر، الذي يقرأ الوقائع بأثر رجعي، الدول وفقاً لتأثيرات الكوارث البشرية والاقتصادية من عدد الوفيات، والمصابين، والمتضررين، والمشردين، مشيرة إلى أنه يضع الدولة الأكثر تضرراً في المرتبة الأعلى، واردفت (يهدف المؤشر إلى إظهار كيفية تأثر الدول بالأحداث المناخية المتطرفة، قبل عامين من تاريخ نشره، وعلى مدى الثلاثين عاماً السابقة).
وفي نهاية حديثه وصف الشاذلي تصنيف السودان في هذا المؤشر ،بانه دعوة للعمل ،وتضافر الجهود ،لمواجهة التحديات ،وبناء مستقبل أكثر استدامة.



