سالفة..!

السر الخزين:
في بلدي كان حلمي أن أكون سائق قطار أقود واتهادى بين سككنا الحديدية المنتشرة على كافة البلاد أغراني الحلم لأن أكون سائقا أتنقل من فنن إلى فنن مثل طائر المطر ذاك الصغير الرشيق الذي لا يظهر إلا عند هطول أو رذاذ، ريشه الموف وسواد جناحيه يخلبان النظر طائر سعيد مبهر حين المطر.
تقدمت لمصلحة الورش بالسكة الحديد استوعبوني كاتبا للورشة حسب شهادتي الأكاديمية التي لا تؤهلني لتحقيق رغبة السياقة فقبلت وانخرطت كاتبا بين فرح الوظيفة وحزن فقدان السياقة سقطت من تحت بنطالي.

بنيت علاقة ود مع السائقين بصفتي كاتب عدلهم أحصي لهم جداول سفرهم وحلهم وترحالهم يترددون على مكتبي للتأكد مما أسجله في دفاتر يومياتي الرسمية بما في ذلك (الأوفر تايم) الذي يفوق رواتبهم عند تجاوز الحد الافتراضي، كانوا يتقربون لي بود ومحبة لأني راصد تحركاتهم.
(وشوية شوية انحشرت بينهم) حتى انقضضت على فرصة سانحة ثم فرصة بعد أخرى تعلمت خلالها قيادة وابور ديزل القطار.
بعد عامين تعاطيت سيجارة خضراء وامامي إعلان صحيفة (الأيام) كبرى صحف السودان تقدمت بين تنافس رهيب ضم الكثير من الجنسين لأنتهي كأحد افراد تيم تحرير الأيام.
ومن سكة القطار إلى (ن والقلم) والاخبار والمقال.
فرحتي لم تقارب رغبتي وفي ذاكرتي محطات ووديان وانا أقود القطار مابين طائر المطر وفنن إلى فنن.
وقفة:
سالفة وانتهت…




