منوعات وفنون

صدق الممثلون ولو كذبوا

معتصم الشعدينابي:

أجمل وأسوأ ماكسبناه في الصحافة أننا أصبحنا لا نندهش، لا بالأفعال ولا الأقوال ولا الشخصيات من السياسيين والعسكريين والرؤساء والوزراء.

أتاحت لنا مهنة الصحافة الاقتراب إلى مسافات مناسبة من بعض شاغلي الوظائف العليا والمسؤولين والفاعلين والمؤثرين في الدولة والناس من سياسيين وتشريعيين وتنفيذيين ورياضيين وشعراء وكتاب وممثلين وفنانين وأطباء وأغلب المشاهير ونجوم المجتمع، هذه المسافات التي نقف فيها تمكننا من رؤية أو اكتشاف الوجه أو الشخصية الحقيقية وما إذا كانت تقارب أو تخالف أو تتطابق مع ما يعرفه عامة الناس عن الذين نعنيهم.

الممثلون مثل الصحفيين كُتب عليهم أن يحملوا هموم الناس مع همومهم، ويتوقف نجاحهم على مقدرتهم على الإلتصاق بقضايا الناس وإيجاد الحلول لها، وهم يتزودون بالطاقة من احتكاكهم بالجماهير، التي لاتعلم عن تفاصيلهم الخاصة شيئا، فأوضاعهم كأوضاع الطبقة العامة من الشعب ولكنهم يدوسون على كل مآسيهم ومشاكلهم الخاصة ليسهموا في حل مشاكل عامة المجتمع.

زرت في بداية الحرب معسكرا للنازحين يخص الممثلين نعم (معسكر نازحين للممثلين) فقد خُصصت إحدى المدارس في بورتسودان لإيواء الممثلين بعد نزوحهم وتشردهم من الخرطوم وقد ظلوا في هذه المدرسة لوقت طويل. وقد تجاهلوا كل مشاكلهم ولم ينصب تركيزهم في كيفية البحث عن تحسين أوضاع أو تعويضات خاصة بهم بل انشغلوا بإخراج المتأثرين بالحرب الذين وصلوا إلى بورتسودان من حالة الإحباط، وقدموا مجموعة من العروض المسرحية والفنية مسحوا بها دموع الأسر النازحة.

حينما تجولت برفقة المخرج الطيب صديق والأستاذ عبدالرحيم قرني بمركز إيواء النازحين وهما يناقشان تفاصيل مبادرات تخفف على الممثلين والفنانين، لا أقول تلصصت ولكن تناهت إلى سمعي بعض القصص الحزينة التي تخص بعض الممثلين ، ولكنهم تجاوزوا كل هذه المآسي بالصبر والنكران وتقديم الأجمل لبقية المتأثرين بالحرب.

هذه الأشياء المنسية لما يقارب العامين ، نبشتها استضافة حي الشعديناب بالدامر مؤخرا لمجموعة من كبار الممثلين المنشغلين كعادتهم بالهم العام، حيث جاءوا هذه المرة لتقديم عروض خاصة بقضايا الأطفال.

عبدالرحمن الشبلي، محمود عبداللطيف كابو، قسم الإله حمدنا الله وجميلة النور، كانوا في ضيافة منظمة إعلاميون من أجل الأطفال بقيادة الشاب الإعلامي مصعب شرف الدين والأستاذة أمينة عثمان، قدم هذا الفريق أعمالا في غاية الأهمية بمدينتي  الدامر وعطبرة في إطار حملات تغيير السلوك المجمتعي عبر المسرح الجوال، التي تقودها المنظمة وتتصل بقضايا (العقاب البدني، عمالة الأطفال وزواج القاصرات).

الممثلون مهما تجملوا وحاولوا لعب أدوار لا تشبه شخصياتهم فهم صادقون في مشاعرهم ومؤمنون برسالتهم ولا يستسلمون مهما ضاغطتهم الأيام والظروف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى