منوعات وفنون

قافلة الجوابرة.. بين كمين كورتي وحنين ارقي وانين العفاض 

بقلم/ عصام الحكيم:

رغم المحيط الديموغرافي الواسع شمالا وشرقا وغربا وجنوبا الذي تتمدد فيه قبيلة الجوابرة بمختلف ولايات السودان لكنها ظلت قبيلة تتدثر بإزار الوقار وتتلفح بثياب الحكمة والتواضع والجناح الخفيض دون ان تنال منها داء العصبية القميء او نعرة القبلية النتنة او سطوة الجهوية الاستعلائية وزهو التمييز العرقي المتبوذ ..

وعلى الرغم من عظمة وأصالة جذور النسب الضارب في عمق التاريخ الاسلامي بالانتساب الي الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الانصاري بسيرته الدينية الزاكية ومناقبه الايمانية العطرة الا ان الجوابرة قليلو المباهاة بهذا النسب او المغالاة والمزايدة به ..

الجوابرة 509..
تحمل قبيلة الجوابرة الرقم ( 509 ) في السجل التوثيقي للقبائل السودانية ومع ذلك التسلسل الرقمي المتاخر والمتذيل الي حد ماا فانها من اقدم القبائل العربية هجرة للسودان واوسعها انتشارا ومن ارسخها قدما واقواها لحمة واعرقها اثرا واغناها ثراءا وتنوعا وأمتنها نسيجا مترابطا واوثقها عري في التواصل والتواصي الاجتماعي الخلاق والإخاء العشائري الاهلي الصادق الوسيم.

ملتقى أبوحراز..
نظمت القبيلة اول ملتقي جامع لها بمنطقة ابوحراز ليس من اجل التعالي بالسمو القبلي علي غيرها من القبائل السودانية ولكن من اجل تقوية روابط الرحم والدم وتاصيل الانتماء والولاء اعتزازا بمتنانة القواسم والاصول التي تجمعهم تحت لواء الدين والوطن ومن منطلقات ركائز الاحساب والانساب وتعميقا لاواصر حسن الوشائج وطيب الصلات والوشائج التي تربطهم مع غيرهم اينما وجدوا وحيثما قطنوا ..

قافلة العفاض..
كواحدة من مخرجات ملتقي ابوحراز وتحت شعار الانسانية لاتتجزأ سيرت قبيلة الجوابرة قافلة كبري لدعم ومواساة آلاف النازحين الفارين من محرقة التطهير العرقي وفظائع الابادة الجماعية التي نفذتها مليشيا الدعم السريع تحت وطأة الحصار والتجويع ونيران الاانتهاكات البشعة التي هزت الضمير العالم في الفاشر .. دفعوا بقافلة كبري سارت بها الركبان فهي بشهادة قيادة الحكومة هي قافلة الصمود والعزة والنصرة وقد برهنت صدقا وفعلا بلسان الحال والمقال العبارات المؤثرة التي كانت ترجمان القافلة :
نحن في السودان اخوة ..
نعشق الفاشر ونهوي…

تجريدة القافلة..

مثلت القافلة لوحدها حدثا استثنائيا مجلجلا في خضم مجرات الاحداث في بحر اسبوع حافل علي طول الطريق بدءا من التحرك من بربر وابوحمد مرورا بالتدشين في الدامر وانتقالا بالرحلة للولاية الشمالية وترتكازا بكورتي ومرورا بارقي وانتهاءا بالعفاض .. فقد سرقت القافلة الانظار بحجمها وحمولتها والهبت بتجليات حماسها العالي وتفاعلها الطاغي مع كل نقاط التامين والعبور والتفتيش ومحطات القري والمناطق حيث رفعت طوال مسارها الذي امتد لاكثر من 400 كيلومتر نهارا وليلا وصباحا رفعت من وتيرة الشعور الوطني والحس القومي والانساني التضامني المتآزر مع نازحي الفاشر والقوات المسلحة في محنتهم المريرة وكارثتهم الفجيعة.

كمين كورتي..

بأمر جوابرة كورتي في معقلهم ومضربهم العتيق “مقلنارتي” تم اعتراض مسار القافلة ووقعت رهينة في الأسر الكامل كرما وجودا وشهامة وجودا واكراما ..
اعتقلت القافلة تماما واقتيدت بكامل عتادها والسائرين بها إلى داخل بيت ضيافة كبير الجوابرة بكورتي في مشهد نادر الحدوث وقل أن يتكرر ..
فقد كتب جوابرة كورتي معني جديدا للكرم في معجم النشامة وسطروا ادبا مبتدعا في قاموس الجود البرمكي .. خرجت مقلنارتي عن بكرة ابيها بالطبول الدفوف والكفوف والنحاس واحاطت بالقافلة واغرقتها صنوفا وخصالا وسجايا في بحر من المكارم والشمائل التي كنا ظنناها اندثرت وارتبت وطواها عصار النسيان .. الجمت الدهشة عشرات من احتواهم جبابرة كورتي فاكتفوا بعناق الاجساد الحميم ودمع العين الهطال في صمت نبيل جميل معبر بما جاش في حنايا الوجدان.

حنين أرقي..
خرجت جحافل انصار ارقي فرحا بقدوم الجوابرة كما خرجت يثرب فجر التاريخ الاسلامي بطلائع انصارها ابتهاجا للبدريين في معية هجرة النور والحق المبين.
وما أشبه الليلة بالبارحة فقد ماثل المشهد ذاك ترقبا وتحرقا وانتظارا مابين النخيل وتلال الرمال واندفاعا وهرولة بالقدوم الميمون ..

العز رحم..

لم توثق عري التواصل من قبل اي تلاق بين جوابرة القافلة وجوابرة كورتي وأرقي لكن كان الكل يتوق للعز والوقار و الحنين الذي تملك القلوب وشغف الألباب على السجية والعفو والسماح بلا رياء أو تملق.

جوابرة كورتي وأرقي لم يكتفو بملاحم التلاقي الحامي والكرم الحاتمي بل دفعوا بسهمهم الداعم لتجريدة قافلة قبيلة الجوابرة التك بعدد من المركبات المحملة بالمؤن والزاد للعفاض.

ملحمة العفاض..
في معسكر العفاض كان فرحة الوصول ومعانقة نازحي الفاشر والالتحام معهم لوحة مؤثرة فاضت بكل ماهو حقيق بسلامة وجدان اهل السودان واصيل وحفي بمحبة اهل دارفور وامتنانه لشماله .. وهو مااكد بالدليل والقول الساطع ان حمولة القافلة الحقيقية لم تكن في مؤن الغذاء والزاد فحسب بل في زاد الاوبة والمعاد من مقاصل الظلامات السوداء الي حضن الوطن والقومية النبيلة ..

الوطنية أولا.. القومية أولا..
تعزيزا للروح القومية فقد اطلقت قبيلة الجوابرة من خلال ملتقياتها في ابوحراز وكورتي وارقي مبادرة لتوحيد جميع القبائل والكيانات الاهلية بالسودان في بوتقة صف وطني موحد تحت لواء القومية السودانية داعم لحرب الكرامة ومناهض ورافض لمخطط التغيير الدميغرافي الاثني العرقي المليشي الخارجي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى