أخبار وتقارير

الصالون النسوي لشبكة النساء السودانيات كشف الحقيقة وإعلان المقاومة

كمبالا- تقرير حنان الطيب:

عقدت شبكة النساء السودانيات أولى فعالياتها في العاصمة الأوغندية كمبالا بندوة حول الراهن السياسي من منظور نسوي ، اجتمعت أصوات النساء السودانيات لتكشف الحقيقة المرة عن الحرب وآثارها المدمرة على النساء. هذه الندوة، التي نظمتها الشبكة كأول فعالية لها، جاءت لتؤكد أن النساء السودانيات، حتى في المنفى، يواصلن رفع أصواتهن ضد القتل الجماعي، الاغتصاب، التهجير القسري، والمحاكمات الجائرة والحرمان من ابسط الحقوق، اللقاء لم يكن مجرد سرد للمعاناة، بل إعلان عن ميلاد تحالف نسوي يسعى إلى كسر سردية الحرب، وإعادة بناء السودان على أسس العدالة والمساواة، من كمبالا إلى كل المدن السودانية.
رؤية نسوية قوية
المشاركات شددن على أن النساء لسن ملحقات بالأحداث، بل صانعات لها، وأن رؤيتهن النسوية قادرة على تقديم حلول مختلفة توقف الحرب وتعيد للسودان إنسانيته. كما
نادوا بضرورة تكوين رؤية نسوية قوية لايقاف الحرب، اعربنا عن اسفهن لعدم تمثيل النساء في الوفود المدنية التي تخوض المفاوضات ، شددن على مراجعة الاليات لضمان مشاركة النساء والتاكيد على صوت النساء لتقديم حلول مختلفة. لاعادة بناء البلاد.
تحالفا ديمقراطيا
قالت رئيسة شبكة النساء السودانيات الأستاذة هادية حسب الله نشأت الشبكة امتداداً لتاريخ الحركة النسوية في السودان منذ خمسينيات القرن الماضي، مستندة إلى خبرات محلية وتجارب عالمية في بناء التحالفات النسوية. وقد جاءت هذه الشبكة لتكون تحالفاً ديمقراطياً يسعى إلى إعادة بناء البلاد من أجل النساء وعموم المواطنين، وليكون مشروعاً أخلاقياً يحمي الحقوق والكرامة ويحقق المواطنة المتساوية وينشر قيم التضامن والرعاية خلال الحرب وما بعدها.
اكدت قيام الشبكة على مبادئ أساسية أهمها أن حقوق النساء ومساواتهن ضرورة إنسانية، وأن الإدماج يجب أن يكون عابراً للقبائل والجهويات والإثنيات مع استبعاد المرتبطين بالمخربين والمعادين للسلام، وأن التحالف نفسه يمارس الديمقراطية في بنيته الداخلية عبر انتخاب القيادات، تشاركية القرار، المساءلة والتعددية.

في مسارات السلام
اضافت هادية ترى الشبكة أن التحالف ضرورة استراتيجية لمواجهة تشظي المجتمع المدني الذي تستغله أطراف الحرب والاستبداد، إذ يحول المطالبات الأخلاقية إلى قوة سياسية قادرة على الفعل والتغيير، ويكسر آلية “فرّق تسد”، ويمنح النساء موقعاً مؤثراً في مسارات السلام. كما يشكل التحالف أعمدة أساسية هي: تجميع التمثيل من قواعد اجتماعية متعددة، تنسيق الاستراتيجية بخطاب موحّد وتحركات منسقة، وتشكيل طرف مدني متماسك يجبر الوسطاء والجهات الدولية على التعامل معه كفاعل شرعي.
توفير الحماية
قالت يعمل التحالف كدرع ضد الاستهداف، إذ أن العزلة تزيد المخاطر على الناشطات، بينما يوفر التحالف الحماية عبر الإظهار الذي يرفع كلفة الاستهداف، الاستعاضة التي تضمن استمرار العمل رغم الضربات، والاستجابة السريعة التي تقدم دعماً قانونياً وإعلامياً وإغاثياً عاجلاً.كما يواجه جرائم العنف الجنسي والاختطاف ببناء شبكات إنذار مبكر، ممرات آمنة، وتوثيق متمحور حول الناجيات، إضافة إلى مكافحة تحويل الجوع والمساعدات إلى سلاح حرب عبر توزيع تقوده النساء ومطابخ جماعية تعزز الصمود.
وفق القرار 1325
عددت حسب الله مجالات عمل الشبكة المتمثلة في الحماية والصمود المدني، الوصول الإنساني والتوزيع الذي تقوده النساء، الحوار المدني العابر لتقليل التجنيد، التوثيق والمساءلة، والمشاركة السياسية العادلة في العملية السلمية والانتقال الديمقراطي وفق القرار 1325. وقد تدرج بناء الشبكة عبر لقاءات ومؤتمرات نسوية في كمبالا خلال عامي 2024 و2025، وصولاً إلى الجمعية العمومية التأسيسية التي أجازت الدستور ومدونة الأخلاقيات وانتخبت هياكلها القيادية بمشاركة واسعة من النساء من مختلف الأقاليم والخلفيات.
شبكة فيدرالية
اكدت قيام الشبكة على مرونة بنيوية تجعلها قادرة على الصمود أمام القمع والانقطاع والتهجير، فهي شبكة فيدرالية تضم منظمات إقليمية تعمل باستقلال نسبي تحت دستور واحد، ولجنة تنفيذية منتخبة واسعة التمثيل، ومكاتب متخصصة لإدارة الإعلام واللوجستيات والحوكمة المالية والتوثيق والتدريب.
نمط قيادي تشاركي
تالعت ان البوصلة الأخلاقية للشبكة تتمثل في مبادئ الديمقراطية والنسوية غير القابلة للمساومة، الشفافية في التمويل والقرارات، الالتزام باللاعنف والانضباط السلوكي، الحماية من الاستغلال والتحرش، وأخلاقيات الرعاية كمعيار للقيادة والعلاقات. كما تعتمد الشبكة نمط قيادة تشاركي يقوم على التفكير التكاملي، التواضع التيسيري، الصبر الشجاع، عقلية التأمين لحماية البيانات والعضوية، وضمان الشرعية عبر ديمقراطية داخلية ومناخ صحي قائم على التضامن والاحترام المتبادل.
اوضحت ان معيار الإدماج في الشبكة يقوم على التضامن النسوي العابر للانتماءات القبلية والإثنية والجهوية والعقائدية، مع رفض شرعنة أطراف الحرب والمنتهكين، ويضم النساء الناشطات في العمل العام ومنظمات المجتمع المدني والقطاعات النسوية للأحزاب الديمقراطية، إضافة إلى شبكات الناجيات والنازحات والمهجرات واللجان المجتمعية والمنظمات المهنية من مختلف الأقاليم.

انتهاكات جسيمة

فيما كشفت المحامية رحاب مبارك، مسؤولة المكتب القانوني بالشبكة عن حجم المعاناة والانتهاكات الجسيمة التي تتعرض لها النساء السودانيات في ظل الحرب الدائرة، مؤكدة أن الجرائم بحقهن ما زالت مستمرة حتى اليوم، كما يواجهن النساء المعتقلات اتهامات بالتعاون مع قوات الدعم السريع دون أي أدلة واضحة، فقط بسبب رفع أصواتهن للمطالبة بوقف الحرب.
قالت رحاب أكبر الفئات التي دفعت الثمن النساء، حيث قُتل عدد كبير منهن نتيجة القصف بالطيران والمدفعية الثقيلة. اشارت لحادثة سوق قوروابالخرطوم جنوب الحزام ،حيث قُتلت أكثر من 13 امرأة مع أطفالهن أثناء بحثهن عن رزق لأسرهن، قائلة هو مثال صغير على حجم الموت الجماعي.
تحدثت عن تعرض النساء للتهجير القسري نتيجة استيلاء قوات الدعم السريع على القرى ونشر ثقافة العنف والوحشية، إضافة إلى انتشار جرائم الخطف والإجبار على الزواج، خاصة في مناطق بحري الحلفايا والكدرو، حيث أُجبرت العديد من القاصرات على الزواج وتعرضن للاغتصاب.
أبشع الجرائم
أكدت أن الاغتصاب كان من أبشع الجرائم المرتكبة من طرفي الحرب. في أم درمان، أُجبرت أكثر من 25 امرأة في السوق الشعبي والمنطقة الصناعية على ممارسة الجنس مقابل الغذاء. كما سُجلت انتهاكات جسدية واسعة في مناطق الشجرة، نبتة، وسوبا، حيث كان الدعم السريع الأكثر تورطًا في هذه الجرائم.
محاكمات ظالمة
كشفت المحامية رحاب عن تعرض عشرات النساء الناشطات والسياسيات لمحاكمات ظالمة على أساس عرقي وإثني. كما قُتلت العديد منهن بسبب توثيق الجرائم، ومن بينهن المرحومة بهجة عبدالله التي وثقت 56 جريمة قبل اغتيالها في نيالا .
اشارت لمعاناة النساء في معسكر عطاش من حالات إجهاض جماعي وتشوهات خلقية بين المواليد نتيجة استخدام الجيش للأسلحة الكيمائية، ما أدى إلى وفيات عديدة في ظل غياب العلاج.
لاسباب اثنية وسياسية
قالت مؤسسات الدولة تمارس انتهاكًا آخر بحق النساء عبر رفض منحهن الجوازات والأوراق الثبوتية، مما يحرمهن من الحركة ويهدد وجودهن القانوني.بعضهن يتعرضن للتهديد بالقتل عند العودة إلى السودان، فيما تُمنع أخريات من الحصول على الوثائق لأسباب إثنية أو سياسية.
لسنا ملحقات بالاحداث
من جانبها استعرضت بثينة دينار، مسؤولة مكتب الشؤون السياسية و المدنية بالشبكة، المحاولات التي جرت لإيقاف الحرب، مؤكدة أن النساء ظللن بمعزل عنها، وأن تلك المحاولات لم تحقق حتى 1% من أهدافها. وأوضحت أن مداخل الحل للقضية السودانية كانت خاطئة، مشيرة إلى أن الطريق الصحيح يبدأ بوقف الحرب ومعالجة القضايا الإنسانية المرتبطة بالجوع، والإيواء، والدواء، خاصة للنازحين في مراكز الإيواء ولمن تقطعت بهم السبل في الدول والمعسكرات.
أضافت: “نحن لسنا نساءً ملحقات بالأحداث التي يشهدها السودان الكبير، بل نحن صانعات للحدث بأنفسنا، ولدينا رؤى سياسية قادرة على قيادة المجتمعات وإخراج السودان من دائرة الحرب”.
الحل وقف الحرب
شددت دينار على أن الوضع الراهن يتطلب أن يكون للنساء موقف واضح مع الساعين للحل، مؤكدة أن المطلوب هو الحل السياسي الصحيح الذي يوقف الحرب. وأشارت إلى أن الشبكة تمثل إحدى الآليات والأدوات التي ترفع الصوت عاليًا ضد الحرب، لافتة إلى أن النساء ما زلن مغيبات عن العملية السياسية التي تقود إلى السلام، ولا يظهرن في المنابر إلا بتمثيل محدود. ودعت الأجسام النسوية إلى الانضمام للشبكة من أجل إيقاف الحرب وتحقيق الاستقرار والدفاع عن كرامة السودانيين.
في المناطق المهددة
كما أكدت أن أي إعلان لهدنة يجب أن تدعمه النساء، لما فيه من فائدة للأطفال وكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة داخل السودان، عبر توفير الغذاء والدواء. وكشفت أن نحو 3 ملايين شخص معرضون للخطر بسبب حصار كادقلي والدلنج، مناشدة المجتمع السوداني والإقليمي والدولي بالضغط على طرفي النزاع لوقف إطلاق النار في المناطق المهددة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى